انّهُ لامرٌ جللٌ ان تنقلب المفاهيم كما يصفها أَميرُ المؤمنين (ع) {أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّا قَدْ أَصْبَحْنَا في دَهْر عَنُود، وَزَمَن كَنُود، يُعَدُّ فِيهِ الُمحْسِنُ مُسِيئاً، وَيَزْدَادُ الظَّالِمُ فِيهِ عُتُوّاً، لاَ نَنْتَفِعُ بِمَا عَلِمْنَا، وَلاَ نَسْأَلُ عَمَّا جَهِلْنَا، وَلاَ نَتَخَوَّفُ قَارِعَةً حَتَّى تَحُلَّ بِنَا}. قد يَقُولُ قائلٌ، وهي من طرق التّفكير السيّئة جداً في المجتمعات المتخلّفة؛
أفلا يجب ان يعمل الانسان للثّواب؟ ولكسب الآخرة؟ فلماذا ينتظر من الاخرين ان يثنوا على نجاحاتهِ مثلاً؟ او ينتظر منهم كلمةً تعبّر عن أَجرٍ (معنويّ) دنيوي بالاضافة الى اجرهِ المادّي؟!. الجواب؛ ان من طبيعة النّاس انّها تندفع للنّجاح كلّما تلقّى المجتمع نجاحاتها بعينِ الرّضا ولو بكلمةِ ثناءٍ، كما ان النّاس بطبيعتها تندفع للنّجاح اذا أثنى المجتمع على النّاجحين، وكأنّهم يندفعون لها غِبطةً او تنافساً وهو شيءٌ حسنٌ جداً في المجتمع، ولذلك يقول تعالى متحدّثاً عن الأجر الذي يقدّمه لأنبيائهِ في الدّنيا على الرّغم من درجتهِم العظيمة في الاخرى {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}.
في رحاب آية: [ ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ ] - الكلم الطيب
وسرعان ما يختلف اتجاه الرياح ، فيصبح الأخ الناصح أو القائد المحنك أو الصادق المخلص جباناً ، أو بخيلاً أو صاحب مصالح بل قد يصبح عميلاً أو منافقاً... إلى آخر ما يجود به قاموس (عمى الألوان) من الأوصاف الشنيعة والاتهامات المقذعة ، ويصبح اللقاء بين الحميمين العدوين ضربا من المستحيل مع أن نظرة متأنية منصفة في ساعة إنابة لله جل وعز كفيلة بتبديد الغيوم وإذابة الثلوج. وإنما يحدث مثل هذا لخلل في التربية الاجتماعية وأسلوب التلقي وغياب المناهج والمعايير الدقيقة التي يتحاكم إليها المتنازعون ، وما غابت المناهج النيرة إلا كان البديل هو الاتهام وسوء الظن وطمس الحقوق. 3-قد يحدث أن يسوق الله طالب علم إلى أحد المدرسين فيأخذ عنه بعض ما عنده من العلم في بعض الفنون ، ويشعر الطالب في بعض الأحيان أن ما عند هذا الشيخ في تخصص ما لا ينقع الغلة ، ولا يروي الصادي فيتجه إلى شيخ آخر يلتمس ما عنده ، وهنا يشعر الأستاذ الأول أن ما فعله هذا الطالب فيه نوع من إساءة الأدب وعدم الوفاء بل قد يشعر أن هذا الطالب يوحي بأن ما عند الشيخ في هذا الفن ضئيل الفائدة وحينئذ يبدأ تقطيب الوجه ، والتصريح والتلميح والإشادة بأقران ذلك الطالب الذين يمثلون الأدب والوفاء والعبقرية ، ثم تكون الجفوة والقطيعة.
قال عبد الله بن سلام لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله ألم أقل لك أنهم قوما بهت؟ أي يبهتون الناس بما ليس فيهم. ( وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) لا تبخسوا الناس كل الناس أشياءهم، جمع شيء، وكلمة شيء تصدق على كل موجود في هذا الوجود، حتى إن بعض العلماء تطرف فقال: إن المعدوم يقال له: شيء، فمن بخس الناس أشياءهم في أموالهم أو في حقوقهم أو في أنسابهم أو في مكانتهم أو في علمهم أو في فضلهم أو في شيء من أشياءهم فإن هذه الآية تصدق عليه. إن الذين يبخسون الناس أشياءهم وفضائلهم ومنازلهم هم أناس يدخلون في أولئك المتكبرين الذين يبغضهم الله -تعالى-، فإن بخس الناس أشياءهم مردهم إلى ثلاثة أشياء: الحسد؛ كما فعل إبليس، والأثرة التي هي حب الذات حب النفس التي نسميها: الأنانية، والأمر الثالث: الكبر، وهل الكبر إلا غمط الناس وازدرائهم. إن أبا ذر -رَضي الله عنه- الصحابي الجليل فلتت من لسانه كلمة قالها لبلال بن رباح -رَضي الله عنه-، قال له في حالة غضب: "يا ابن السوداء" عيره بأمه. فذهب بلال إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشكوه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ-: "أعيرته بأمه إنك امرئ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم"، ولهذا تأدب أبو ذر بعد ذلك بهذا الأدب النبوي فأصبح يسوي بينه وبين خادمه وبين مولاه الذي يمشي معه، فقد لقيه بعض التابعين في يوم من الأيام ومعه حلة جميلة ومعه عبده أو مولاه وعليه حلة جميلة كحلة أبو ذر، فسأله عن ذلك: كيف تسوي بينك وبينه؟ فأخبره بهذا الحديث وبما حصل له مع رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- حين أنكر عليه ما قاله لبلال.
عليك بفعل الخير لو لم يكن له
من الفضل إلا حسنه في المسامع
ويقول آخر:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
من يزرع الخير يحصد ما يسر به
وزارع الشر منكوس على الرأس
إن من أبرز محاسن حب الخير للآخرين أنه يحقق الوحدة القوية في المجتمع، حيث تسود بين أفراده المودة وتبادل المنافع والمشاركة الحقيقية وتنتفي روح الأنانية وحب الذات، وهذا يقود المجتمعات بالتالي إلى أن تتجه بكل قوتها نحو البناء والعمل والإنتاج والسعي لزيادة تقدمها ومكانتها بين الأمم. إن خير الناس أنفعهم للناس ونتائج حب الخير للغير تبقى ولا تزول، فحري بكل إنسان أن يوطن نفسه على حب الخير للآخرين وسيرى أثر ذلك في العاجل والآجل.
محبة الخير للآخرين - موقع مقالات إسلام ويب
الذي يكره أن يغلق عليه أحد الطريق أو يضيق عليه بسيارته يكره للناس ذلك. الذي يحب أن يقدر ويحترم ويعامل بالحسنى وتحفظ حقوقه يحب للناس ذلك ويعاملهم به. يا أيها الموظف أو المسؤول في دائرة خدمية لو كانت لك معامله وتريد إنجازها فهل تحب أن تؤخر أو تعطل لتعنت موظف أو عدم تواجده.. فما تكرهه لنفسك لا ترضاه لغيرك وما تحبه لنفسك أحرص على بذله للناس وأحب لهم ما تحب لنفسك. ومحبة الخير للناس كافة يدخل فيهم حتى الكفار.. فإحسان معاملتهم ، وعدم ظلمهم ، مما يحبه الله قال تعالى {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} ، ومحبة الخير للكفار في أن يسلموا ويؤمنوا كما في قوله صلى الله عليه وسلم (فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا واحِدًا ، خَيْرٌ لكَ مِن أنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ) ففيه حث على دعوة المشركين إلى دين الله ، وإخراجهم من الظلمات إلى النور. حب الخير للناس كافة.. تشمل محبة الخير للعصاة بالهداية ، وللمبتدعة باتباع السنة ، وللمترددين بالثبات ، وللزائغين بالاستقامة.
خطبة الجمعة بعنوان حبّ الخير للغير يأتيك الخير، وقصة الهدهد في القرآن،رابطة طلاب العلم ( ولاية أضنة) - Youtube
ذات صلة حب الخير للناس أقوال عن فعل الخير للناس
تعريف حب الخير للغير
يطلق عليه اصطلاحاً بالإيثار، وهو مصدر آثر وهو تفضيل المرء غيرَه على نفسه، أو هو مذهب يرمي إلى تفضيل خير الآخرين على الخير الشخصيّ، وعكسه الأَثَرة. [١] ويُعرّف كذلك بالرغبة في القيام بأشياء تجلب الخير للآخرين، حتى لو كان ذلك على حساب مصالح الشخص نفسه. [٢]
الإيثار والمساعدة
الإيثار والمساعدة هما مفهومان متشابهان جداً، لكنّهما مختلفان بعض الشيء في الأبعاد الضمنية لكل منهما ويندرج كل منهما ضمن حب الخير للغير، في حين أنّ الإيثار أوسع وأشمل من المساعدة؛ حيث إنّ كل إيثار مساعدة وليست كل مساعدة إيثار. [٣]
أمثلة تاريخية مشهورة عن حب الخير للغير
اشتهرت بعض المواقف الإنسانية بالإيثار وحب الغير على مر التاريخ ومنها: [٤]
أجرى نورمان بورلوغ بحثاً عن القمح المقاوم للأمراض، مما ساعد على تحقيق الثورة الخضراء؛ حيث كان له الفضل في إنقاذ مئات الملايين من الأرواح من المجاعات. لقد حال ستانيسلاف بتروف دون وقوع حرب نوويّة شاملة بين الاتحاد السوفياتي وأميركا؛ من خلال التزام الهدوء تحت الضغط والاستعداد لعصيان الأوامر العسكرية. عملت غريس إلدرنج، وبيرل كيندرك، ولوني غوردون خلال فترة الكساد الكبير لتطوير لقاح منع ملايين الوفيات من السعال الديكي.
أن يحب الإنسان الخير لنفسه ويسعى جاهدا لتحصيل ذلك فهذا أمر طبيعي وغير مستغرب، ولكن أن يحب الخير للآخرين فهذه مرحلة سامية عظيمة تدل على تأصل الخير في نفس ذلك الشخص، وأنه يحمل بين جنبيه روحا طيبة محبة للخير. ديننا الحنيف يحث على ذلك وقد ورد في أهمية حب الخير للآخرين آيات وأحاديث كثيرة. ففي محكم التنزيل "إنما المؤمنون أخوة"، فلا مجال للحقد أو الكراهية أو البغضاء أو التشاحن والحسد والقطيعة، وإنما ألفة وتعاون وترابط ومحبة. فمن المفترض أن يجعل الإنسان من محبة الآخرين والإحسان إليهم وحب الخير لهم منهجا يسير عليه في تعاملاته وفي شؤون حياته كافة، ففي الحديث، "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". وتأخذك الدهشة حين تعلم أنك إن دعوت لأخيك بظهر الغيب هناك ملك يؤمن على دعائك ويقول: "ولك بمثل"، ففي الحديث "ما من مؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك الموكل، آمين ولك بمثله". إن مفتاح السعادة أن تحب الخير للغير لأن التفكير الإيجابي تجاه الآخرين سينعكس مباشرة على صاحبه أنسا وسعادة وتوفيقا، بل إن تأثير ذلك سيمتد ليتجاوز المردود الفردي إلى المردود المجتمعي، فتجد المجتمع الذي يحب أفراده الخير لبعضهم بعضا ويتعاونون على ذلك تنتشر فيه الألفة والمحبة، ويكون ذلك مدعاة لترسيخ دعائم الأمن النفسي لأفراده وتتم المحافظة على استقراره المجتمعي.