وقوله: لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً [ص:23]، أي: مائة إلا واحدة، والنعاج معروفة، فهي الغنم، فيقال لإناث الغنم: نعاج. وقوله: وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ [ص:23]، أي: ولا أملك إلا نعجة واحدة فقط. وقوله: فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا ، أي: فقال: ضمها إلى نعاجي؛ لتصير مائة نعجة، فلا حاجة لك بها، ولن تنتفع منها وألح إليه، وذكر له أن من الخير أن يضم هذه النعجة إلى نعاجه بدل أن يرعاها، فهي شاة واحدة، فلا يتعب عليها. وقوله: وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ [ص:23]، أي: وغلبني في الصوت والبلاغة والبيان. تفسير قوله تعالى: (قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه... )
تفسير قوله تعالى: (فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب)
قراءة في كتاب أيسر التفاسير
هداية الآيات
قال: [ هداية الآيات] والآن مع هداية الآيات: [ من هداية هذه الآيات: أولاً: فائدة عرض مثل هذا القصص تقوية قلب الرسول صلى الله عليه وسلم، وتثبيت فؤاده، وحمله على الصبر] وقد قال له المشركون: عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ [ص:16]. من قائل لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ؟ من القائل لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه من القران ؟ - سؤالك. فبعد تلك المواجهة الصعبة الشديدة قص الله عليه هذه القصص؛ ليخفف من آلامه، ويريح نفسه، ويرفع درجته. [ ثانياً: تقرير نبوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ مثل هذا القصص لا يتأتى له قصة إلا بوحي إلهي] وهذه الحقيقة هي التي بدأنا بها الكلام، من كون القصص يدل دلالة قطعية على أن محمداً رسول الله، ولو لم يكن رسول لما أمكنه أن يأتي بهذه القصص.
من القائل لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ؟ - دروب تايمز
معنى القصة المباشر أن رجلا يملك تسعا وتسعين نعجة، بينما يملك أخوه نعجة واحدة، فلما نظر إليها قال له اعطها لى، حتى أتمم المائة، لقد فكر فى نفسه ولم يفكر فى أخيه أبدًا، شغلته الرغبة فى إكمال المائة ولم يشغله الظلم الذى سيقع على أخيه. هكذا الطمع دائمًا يحيط به ظلم للنفس وظلم للآخرين، أما ظلم النفس، فذلك لكون النفس الطماعة تظل نهمة لكل شيء، لا تستمتع بما تملك، لا تعرف طريق الحمد، بل تسلك سبلا فيها الصواب وفيها الخطأ من أجل الحصول على الزيادة. من القائل لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ؟ - دروب تايمز. وأما ظلم الآخرين، فيبدأ من ظلم الأهل، وعادة ما تكون الزوجة والأبناء أول ضحايا الرجل الطماع، وبعد ذلك تتسع الدائرة فلا تترك أحدا فى حاله. وبالطبع هناك فارق كبير بين الطمع والطموح، فالطمع كما ذكرنا رغبة فى زيادة دون هدف، أما الطموح فرغبة فى تحسين ظروفك بالسعى وفى الارتقاء بأحوالك للخير. بقلم أحمد إبراهيم الشريف
من قائل لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ؟ من القائل لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه من القران ؟ - سؤالك
يذكر الله هنا ما كان من قصة الخصمين اللذين دخلا على داود عليه السلام ليحكم بينهما في قضية الغنم، وما كان منه عليه السلام من الحكم لصاحب النعجة الواحدة دون سؤاله بينة على دعواه، وعدم سؤال خصمه أو طلب اليمين منه، فلما تبين لداود عليه السلام ما وقع فيه من الخطأ استغفر ربه وتاب إليه فغفر الله له ووعده بحسن المآب. تفسير قوله تعالى: (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب)
تفسير قوله تعالى: (إذ دخلوا على داود ففزع منهم... )
قال تعالى: إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ [ص:22]، وداود عليه السلام هو أحد أنبياء ورسل بني إسرائيل، وهو أبو سليمان عليه السلام، وكلاهما نبي ورسول، وهما من أنبياء ورسل بني إسرائيل؛ وهم من أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. وقوله: فَفَزِعَ مِنْهُمْ [ص:22]، أي: فخاف منهم حقاً؛ لكونه بشراً، وليس بملك، ولكونهما دخلا عليه ونزلا من السور وجلسا بين يديه، والحرس بالباب لم يشعروا بهما. وقد دخلا عليه قطعاً وهما في صورة رجلين، ولا غرابة؛ إذ جبريل في أكثر من مرة كان يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم في صورة دحية بن خليفة الكلبي ، وكان من أجمل الرجال وأحسنهم، فلما شاهدوا فزعه وارتياعه قالوا: لا تخف، وهدءوه وسكّنوه، وأخبروه أنهم لم يأتوا لأذيته أو لإلحاق الضرر به.
وقوله: لا تَخَفْ خَصْمَانِ [ص:22]، أي: أنا وأخي هذا في دين الله اختصمنا في قضية، فجئنا لتحكم بيننا وتُنهي خصومتنا، وأنت نبي الله ورسوله، والحاكم في هذه الديار. وقوله: بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ [ص:22]، أي: أحدنا ظلم الآخر وبغى عليه. وقوله: فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ [ص:22]، أي: ولا تمل عن الحق والعدل إلى الباطل والظلم، ولكن احكم بالحق، وهذا مما ابتلاه الله تعالى به؛ ليمتحنه، لأنه كان يقول في نفسه: لقد فاز إبراهيم وإسحاق ويعقوب بمنازل عالية عند الله، ولم نستطع نحن أن نصل إلى ما وصلوا إليه من المنازل، ولم يذكر أن إبراهيم أُمر بذبح ولده فذبحه وصبر، وأن يعقوب عليه السلام أُخذ منه ولده وثمرة كبده يوسف فصبر، فما منهم إلا وابتلي ببلاء عظيم، وأنت ما ابتليت بعد، ومع ذلك تريد أن تكون في مستواهم العالي، فشاء الله أن يمتحنه، فامتحنه بهذه القصة. وقوله: وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ [ص:22]، أي: إلى وسط الحق، فلا تأخذ حقي وتعطه له، ولا تأخذ حقه وتعطني إياه. تفسير قوله تعالى: (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة... )
قال تعالى: إِنَّ هَذَا أَخِي [ص:23]، أي: قال أحدهم: هذا أخي في الدين، لا في الأم والأب.