عندما يتبادل فردان علاقة معينة فإنّ السلوك الذي يصدر عن الفرد الأوّل يكون بمثابة مثير للفرد الثاني، وقد يستجيبُ ذلك الفرد له. وهذه الاستجابة تكون بدورها مثيراً للفرد الأوّل. على سبيل المثال: يبدأ الأوّل بالسلام، ويرد الثاني عليه السلام. قد يسأله عن صحته وأحواله، وقد تبدو من الأوّل بادرةٌ تشير إلى الاحتياج إلى مساعدةٍ فيهبُّ الآخر للمساعدة وهكذا تتولَّد اللقاءات وتتوثَّق الصداقات. وقد يكون الموقف على العكس من ذلك، عندما يُبادر الفرد بالسلام يرد عليه الآخر باقتضابٍ أو لا يرد عليه السلام؛ فتكون الاستجابة في هذه الحالة ضعيفة أو معدومة وبالتالي لا يحدث تفاعل اجتماعي إيجابي، وقد تنقطع العلاقة الاجتماعية. كثيراً ما يحدث هذا النوع من المواقف للصامت؛ ولهذا تكون علاقاته مع الآخرين ضعيفة، ويكون قليل الأصدقاء. قام كندون (1-47, 1967, Kendon) بتسجيل حديثٍ دار بين شخصين أثناء اللِّقاء، ولاحظ أنّ الابتسامة التي بدأها الشخص الأوّل كانت بمثابة المُثير الأوّل لبداية التفاعل الاجتماعي، ثمّ أتى الكلامُ والتواعدُ واللِّقاء والفِراقُ. ولاحظ أنّ تعابير الوجه تدلُّ على الانتباه الزائد إضافة إلى نبرات الصَّوتِ.
- كتب المراهقة و التفاعل الاجتماعي - مكتبة نور
كتب المراهقة و التفاعل الاجتماعي - مكتبة نور
الإشارة، واللغة، والإيماء، بين الأشخاص. ويأخذ التفاعل الاجتماعي، أنماطاً مختلفة تتمثل في التعاون، والتكيف، والمنافسة، والصراع، وحينما تستقر أنماط التفاعل، وتأخذ أشكالا منتظمة، فإنها تتحول إلى علاقات اجتماعية، كعلاقات الأبوة، والأخوة، والزمالة... الخ. وقد جرت العادة بين العلماء على التفرقة بين العلاقات المؤقتة والعلاقات الدائمة من حيث درجة الثبات والانتظام والاستقرار فيطلقون على الأولى منها اصطلاح العمليات الاجتماعية بينما يطلقون على الثانية اصطلاح العلاقات الاجتماعية، وهذا يعني أن العملية الاجتماعية ما هي إلا علاقة اجتماعية في مرحلة التكوين فإذا ما استقرت وتبلورت وأخذت شكلاً محدد
تحولت إلى علاقة اجتماعية، وبذلك يكون الفرق بين العملية والعلاقة الاجتماعية مجرد فرق في الدرجة وليس في النوع. ولقد أشارت الدراسات التحليلية للحياة الاجتماعية إلى أنها تبدأ بفعل اجتماعي يصدر عن شخص معين، يعقبه رد فعل يصدر من شخص آخر، ويطلق على التأثير المتبادل بين الشخصين، أو بين الفعل ورد الفعل،اصطلاح التفاعل.. لذا لابد أن نفرق بين الفعل الاجتماعي وبين غيره من الأفعال الغير اجتماعية، فالفعل الاجتماعي وفقاً لتعريف ماكس فيبر هو: "السلوك الإنساني الذي يحمل معنى خاص يقصد إليه فاعله بعد أن يفكر في رد الفعل المتوقع من الأشخاص الذين يوجه إليهم سلوكه".
ومن هذا يتبين أنّ تفسير التفاعل الاجتماعي يأخد عدة أوجه كل عالم حسب منظوره الخاص. ويبقى الإنسان كائن اجتماعي بطبعه.