يروي الفيلم قصة "مزمل"، شاب ولد في قرية سودانية ، ووصلته نبوءة أنه سيموت عندما يبلغ العشرين عاماً. يستسلم مزمل لقدره بالعيش في ظلّ القلق والموت، يقمع رغباته حاملاً ثقل نبوءة دينيّة وأب غائب وأم مفرطة في الخوف عليه، إلى أن يبلغ الـ 19 من عمره، فيواجه نفسه أخيراً. فيلم ستموت في العشرين واجه عاصفة من الانتقادات داخل السودان. وهو في الوقت نفسه أوّل فيلم رشّحته السودان لـ"أوسكار" أفضل فيلم أجنبي. يجسّد "ستموت في العشرين" الفكرة المهيمنة على معظم الأفلام السودانية المُنتَجة في السنوات القليلة الماضية، وهي الصِّدام المستمر بين إرادة الفرد من جهة، وإرادة السلطة الدينية والسياسية من جهة أخرى. يُعرض هذا الفيلم بشكل مجّاني من خلال منصة " أفلامنا " من 19 لغاية 25 أيار/مايو. على خلفية الثورة، يتابع الفيلم حكاية "عايدة" التي لا تنوي النظر إلى الخلف، والتي عليها إعادة بناء حياتها بأكملها. تقضي وقتها في الانتقال من حي فقير إلى آخر، محاولة العثور على مأوى لها ولأولادها دون أن تنتبه إلى التحولات التاريخية التي تمر بها البلاد. ثمانية رجال لبنانيين يستعيدون سنوات سجنهم الصعبة في سوريا. ولأن الكلمات لا يمكنها وصف كل التعذيب والإهانة والخوف الذي عانوه هؤلاء الرجال، يعيدون في هذا الوثائقي تمثيل هذه التجارب ليتحرّروا منها.
فيلم ستموت في العشرين ماي سيما
في فيلم «ستموت في العشرين» نشاهد أداء ضعيفًا من أغلب أبطال العمل، لا سيما بطل الفيلم مصطفى شحاتة الذي يقوم بدور «مزمل». يلتزم شحاتة بإيقاع ثابت في أدائه لا يتغير على مدار الفيلم، ويظهر أداؤه على المستوى الجسدي بشكل متصلب خال من التعبير، أو مغالى فيه مثل مشهد نزول «مزمل» إلى النيل في ثورة من الغضب. هناك أيضًا محمود السرجي الذي قدم شخصية سليمان وهي شخصية تقليدية وأقرب إلى الكليشيه. يقدم السرجي أداء ضعيفًا للغاية ولم يستطع ضبط انفعالاته في الكثير من المشاهد. ولا يستثني من أبطال الفيلم سوى إسلام مبارك التي قدمت أداء جيدًا متماسكًا لدور الأم «سكينة». قد يقول قائل إن أبطال الفيلم ممثلون غير محترفين، وإن هذا الفيلم هو العمل الأول لهم، وهذا صحيح، لكنه لا ينفي مسئولية المخرج الفنية عن هذا المستوى الضعيف للأداء التمثيلي، ويكفي أن نذكر هنا تجربة المخرج الأردني ناجي أبونوار في فيلمه الأول «ذيب» (2014)، إذ قام أبونوار باختيار مجموعة من سكان الصحراء العربية لم يسبق لهم التمثيل من قبل، وقضى معهم فترة طويلة من التدريبات وورش العمل، وقدم واحدًا من أجمل الأفلام العربية في السنوات الأخيرة وخاصة على مستوى الأداء التمثيلي الرائع لكل أبطاله، واستطاع أن ينال عنه عددًا كبيرًا من الجوائز المرموقة.
فيلم ستموت في العشرين مشاهدة
يطرح سليمان، الذي يظهر وهو يتناول البيرة، عليه عدة تساؤلات عن حياته؛ فينتقد حرصه على الاستغفار وطلب العفو بينما هو لم يرتكب أية خطيئة في حياته، ليفتح أمامه أبوابًا من التفكير ظلت مغلقة لسنوات؛ وهو ما يتزامن مع أزمة عاطفية يتعرَّض لها متزمل مع الفتاة التي يحبها. الملصق الدعائي للفيلم
في الفيلم السوداني يظهر تأثُّر مخرجه بالسينما المصرية؛ فتجد صورة لهند رستم وأخرى ليوسف شاهين، بينما تعالج الفكرة بشكل بسيط للغاية يعكس طبيعة الحياة في بعض القرى السودانية، وبشكل كلاسيكي؛ وهو ما يرجعه مخرج العمل أمجد أبو العلاء، إلى عدم وجود أفلام كلاسيكية في السينما السودانية. أمجد من مواليد الإمارات، لم يغادرها في طفولته سوى خمس سنوات فقط عاشها في السودان، قبل أن يعود مجددًا لدراسة الإعلام، ومنها إلى فرنسا؛ ليبدأ مسيرة تقديم عدة أفلام قصيرة وصلت إلى نحو 12 فيلمًا قبل أن يخوض تجربته الأولى في السينما الروائية الطويلة عبر "ستموت في العشرين". اقرأ أيضًا:.. A Twelve-Year Night فيلم بطعم السجن
يقول أبو العلاء لـ"كيوبوست"، إن قراره بالتوجه نحو السينما جاء في وقت مبكر من عمره، وارتبط بمشاهدة أهله وهم يتابعون أعمال يوسف شاهين، وفي الوقت نفسه وصفهم له بالجنون، فأراد أن يكون نفس الشخص الذي يسبب لهم الجنون وفي الوقت نفسه يتابعونه، مشيرًا إلى أنه تأثَّر بالمخرج المصري والسينما الخاصة به كثيرًا.
فيلم ستموت في العشرين كامل Mbc2
بل إن مفهوم الزمن في الفيلم يبدو غائباً وكأن القرية منسية تماماً، وهي قرية استحضرها المخرج أيضاً من ذاكرة طفولته في منطقة الجزيرة وسط السودان، حيث تنتشر المزارات والقبب الصوفية. وعلى الرغم من أن رسالة الفيلم تكمن في إدانة للممارسات والمفاهيم الخاطئة في الصوفية، إلا أن الصوفية حضرت أيضاً في الفيلم بألوانها الزاهية وموسيقاها، كما في مشهد البداية، حيث يبارك الشيخ الصوفي الرضيع مزمل، أو في مشهد الدراويش على متن القوارب الحمر، التي تعبر النيل الأزرق في مشهد ساحر يحيلنا إلى فيلم «المرح الباكي» للمخرج اليوناني أنجيلوبولوس. ولأن كل الجهات تقود إلى النيل في بلاد النوبة، فهو يكنى بالبحر، ويصفه الروائي الطيب صالح بـ«الإله الأفعى»، لهذا نراه حاضراً بقوة في الفيلم، كما هو حاضر في الحياة السودانية.. نهر بلا بداية ولا نهاية، نبع للحياة وطريق هروب من القرى المنسية النائية، وهو أيضاً فخ للغرق والموت. أما الناجي الوحيد في الفيلم فهو المصور سليمان، الذي تجرأ على طرح الأسئلة المحرمة وغادر القرية باكراً ليجول الدنيا، ويذوق طعم الحرية، ويكتشف عالم السينما والنساء والخمرة، ثم يعود في شيخوخته إلى مسقط رأسه، حيث سيكون ابن الموت مزمل في انتظاره.
ستموت في العشرين فيلم
وإذا ما تجاوزنا الفكر والفلسفة سنجد أن الفيلم عجز أن يبني من هذه الفكرة المبشرة دراما سينمائية حقيقية، فسنجد أن الصراع يكاد يكون معدومًا طوال الفيلم، فالأب والأم استسلما للمصير المزعوم من البداية للنهاية، شخصيات أحادية البعد لا يطرأ عليها أي تحول، لا أحد يسائل هذه النبوءة أو يشكك فيها، جميع أهل القرية مؤمنون بها إيمانًا عقديًا. أما البطل فلا يفقد إيمانه بالنبوءة إلا بعد زواج حبيبته، وكأنه لم يدرك مدى هشاشة هذا الإيمان إلا بعد ما تعرض لصدمة عادية تتكرر كل يوم لملايين البشر. ثم يأتي التحول في شخصية البطل من خلال علاقته بواحدة من أكثر الشخصيات المبتذلة والمتكررة في السينما العربية، إسماعيل، المثقف التقدمي المتمرد والرافض لمنظومة الفكر والقيم بمجتمعه التقليدي. أما أبرز معالم التفاوت بين الشكل والمضمون فتتبدى في معالجة الفيلم للزمن. منذ البداية يحرص الفيلم على تمويه الزمن فلا يعطي المشاهد أي إشارة حقيقية لزمن الأحداث، وهو ما يساهم في ترسيخ الطابع البدائي للمجتمع الذي تدور فيه الأحداث، ثم تقوم الصورة المجردة بكسر هذا التمويه من خلال إشارات واضحة للزمن في استعراض «إسماعيل» لمشاهد قام بتصويرها في الماضي الذي يبدو أنه السودان في السبعينيات، أو في عرضه فيلم «باب الحديد»، أما أكثر هذه الإشارات إرباكًا فنجدها في مشهد متكرر داخل غرفة «نعيمة» إذ يظهر على الحائط بوضوح ملصق دعائي للمسلسل التركي «حريم السلطان»، وهو ما يكسر تمامًا صورة المجتمع البدائي ويعطي إشارة واضحة بمجتمع حداثي.
اقرأ/ي أيضًا:
تاجوج والمحلق.. سيرة أشهر قصة حب سودانية