تفسير ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين
وقد عزم الكفار على ذلك وتجمعوا جميعاً أمام منزله منتظرين اللحظة السانحة لقتله إلا أن الله عز وجل أخرجه من بينهم بقدرته العظيمة حيثُ خرج من بينهم دون أن يشعروا به، ليخرج النبي الكريم ويذهب مع الصحابي أبو بكر الصديق ليختبأ في غار ثور دون أن يراهما أحداً. وقد كان ذلك قبل هجرته الشريفة من مكة إلى المدينة المنورة، وحينما خرج الكفار بحثاً عنهم مرة أخرى أعمى الله أبصارهم حيثُ وصلوا إلى الغار ووقفوا أمامه إلا أنهم لم يروا النبي ولا سيدنا أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ ، الذي حدث النبي الكريم قائلاً ، يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى موضع قدمه في الأرض لاستطاع رؤيتنا بالداخل، ليرد عليه خير الخلق واثقاً من ربه العظيم بقوله (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما). وحينها قد تنزلت الآية الكريمة بسورة التوبة التي قال فيها الله ـ عز وجل: " إلا تنصروه فقد نصره الله إذا أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم"
ليكون مكر الله خير, اعظم من مكر الكافرين حيثُ أخرج النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من بين أعداءه دون أن يبصروه بأعينهم، وحتى عندما اشتدت رغبتهم الآثمة في قتله وخرجوا بحثاً عنه حتى وصلوا إلى مكانه إلا أنهم لم يبصروه أيضاَ.
- تفسير ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين [ آل عمران: 54]
تفسير ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين [ آل عمران: 54]
فلم يبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته تلك الليلة ، وأذن الله له عند ذلك بالخروج ، وأنزل الله عليه بعد قدومه المدينة " الأنفال " يذكر نعمه عليه وبلاءه عنده: ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) وأنزل [ الله] في قولهم: " تربصوا به ريب المنون ، حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء " ، ( أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون) [ الطور: 30] وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة للذي اجتمعوا عليه من الرأي. وعن السدي نحو هذا السياق ، وأنزل الله في إرادتهم إخراجه قوله تعالى: ( وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا) [ الإسراء: 76]. وكذا روى العوفي ، عن ابن عباس. وروي عن مجاهد ، وعروة بن الزبير ، وموسى بن عقبة ، وقتادة ، ومقسم ، وغير واحد ، نحو ذلك. وقال يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق: فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظر أمر الله ، حتى إذا اجتمعت قريش فمكرت به ، وأرادوا به ما أرادوا ، أتاه جبريل عليه السلام فأمره ألا يبيت في مكانه الذي كان يبيت فيه فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب ، فأمره أن يبيت على فراشه وأن يتسجى ببرد له أخضر ، ففعل.
ثانيًا: تضمنت الآية الكريمة بيان محاولة المشركين قتل النبي صلى الله عليه وسلم، أو أسْره أو نفيه، وهذا فيه من الإساءة والاعتداء على شخصه الكريم ما فيه.