35
الحديث الثامن والثلاثون …
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – إن الله تعالى قال:
من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، و لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي سمع به و بصره الذي يبصر به ، و يده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها و لئن سألني لأعطينه ، و لئن استعاذني لأعيذنه -رواه البخاري. شرح الحديث:
شرح الحديث الثامن والثلاثون
قوله – إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب –
هذا الحديث حديث قدسي لأن النبي صلى الله عليه و سلم رواه عن ربه
و كل حديث رواه النبي صلى الله عليه وسلم عم ربه يسمى عند العلماء حديثا قدسي. المعاداة ضد الموالاة ، و الولي ضد العدو و أولياؤه سبحانه و تعالى هم المؤمنون المتقون و دليله قوله و تعالى:
[ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ *الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ][يونس62-63]
و قوله – آذنته -يعني: أعلمته أي:إني أعلنت الحرب ،
فيكون من عادى و ليا من أولياء الله فقد آذن الله تعالى بالحرب وصار حربا لله ،
ثم ذكر تبارك و تعالى أسباب الولاية فقال
– و ماتقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه –
يعني: ما عبدني أحد بشيء احب إلى مما افترضته عليه لأن العبادة تقرب إلى الله سبحانه و تعالى.
من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب - موقع مقالات إسلام ويب
وأما الدرجة الثانية: فهي درجة السابقين المقربين ، وهم الذين تقربوا إلى الله بعد الفرائض ، فاجتهدوا في نوافل العبادات من صلاة وصيام وحج وعمرة وقراءة قرآن وغير ذلك ، واجتنبوا دقائق المكروهات ، فاستوجبوا محبة الله لهم ، وظهرت آثار هذه المحبة على أقوالهم وأفعالهم وجوارحهم.
– و يده التي يبطش بها -يقال فيها ما سبق في السمع أي:
أن الله تعالى يسدده في بطشه و عمله بيده فلا يعمل إلى ما فيه الخير. والمعنى من – و لئن سألني -أي: دعاني بشيء و طلب مني شيئا لأعطينه. شرح – و لئن استعاذني لأعيذنه -فذكر السؤال الذي به حصول المطلوب ،
و الاستعاذة التي بها النجاة من المهروب
و أخبر أنه سبحانه و تعالى يعطي هذا المتقرب إليه بالنوافل يعطيه ما سأل و يعيذه مما استعاذ. من فوائد الحديث الثامن والثلاثون:
أولا: إثبات الولاية لله عز و جل أي: أن لله تعالى أولياء و هذا قد دل عليه القرآن الكريم قال الله تعالى:
[أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ *الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ][يونس62-63]. ثانيا: كرامة الأولياء على الله حيث كان الذي يعاديهم قد آذن الله بالحرب. ثالثا: أن معاداة أولياء الله من كبائر الذنوب لأن الله جعل ذلك إيذانا بالحرب. رابعا: أن الفريضة أحب إلى الله من النافلة لقوله – وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه –. خامسا: الإشارة إلى أن أوامر الله عز وجل نوعان: فرائض ، نوافل. سادسا: إثبات المحبة لله عز و جل لقوله – أحب إلي مما افترضته عليه –
و المحبة صفة قائمة بذات الله عز وجل ومن ثمراتها الإحسان إلى المحبوب و ثوابه و قربه من الله عز و جل.