صحيفة تواصل الالكترونية
مكابرة المعافى وانكسار العليل - د. جاسر الحربش
وستتولى هيئة التراث مجموعة من المهام والاختصاصات في سبيل تنظيم وتطوير قطاع التراث مثل رسم إستراتيجية تطوير القطاع ومتابعة تنفيذها تحت إشراف الوزارة، والترخيص للأنشطة ذات العلاقة بمجال التراث، إلى جانب وضع التنظيمات الخاصة بالقطاع وتشجيع التمويل والاستثمار في المجالات ذات العلاقة باختصاصات الهيئة. كما ستعمل الهيئة على تقديم الدورات التدريبية والبرامج المهنية، إضافة إلى دعم حماية حقوق الملكية الفكرية في المجالات ذات العلاقة بالتراث. يأتي إطلاق وزارة الثقافة لهيئة مختصة بالتراث من منطلق إيمانها بأهمية المحافظة على التراث الوطني بمختلف أنواعه المادية وغير المادية، وضرورة تنميته وتطويره؛ ليعبر عن الرمزية الحضارية لتاريخ المملكة العربية كالسعودية، وتعد الهيئة واحدة من 11 هيئة ثقافية أطلقتها الوزارة لإدارة القطاع الثقافي السعودي بمختلف اتجاهاته وتخصصاته، ودعم المواهب السعودية المتخصصة في مختلف مناطق المملكة.
صحيفة تواصل الالكترونية
جميع الحقوق محفوظة تم بواسطة Quintype
قد يتخيل من لم يختبر عينات مختلفة من الناس بحكم طبيعة عمله أن أغلب المعاندين عند الابتلاء يستمرون في عنادهم، أو أن أكثر الملتزمين سيصمدون ويحتسبون الأجر ويتماسكون، لكن ملاحظتي لأكثر من أربعة عقود من المراجعين تختلف عن هذا الانطباع المتخيل. من أكثر ما يدهشني تحوّل المعاند المكابر عند الابتلاء الشديد إلى إنسان منحني الظهر خافت الصوت مكثراً من الابتهال والتبتل والدعاء. أقل من القليل بينهم من يتماسك ويتجه نحو الاعتدال الإيماني وتقبل الوضع، والأندر من النادر من يستمر في عناد ومكابرة المعافى. مما لاحظت كذلك أن بين الملتزمين من ينهار عند الابتلاء الشديد لدرجة التذمر، وكأنه يستكثر الابتلاء رغم التزامه بالواجبات التعبدية. لاحظت أيضاً بإعجاب شدة صبر واحتساب وتماسك العجائز من النساء بدرجة أوضح من تماسك المسنين من الرجال، وأن أشد ما يكسر مكابرات العافية ليس فقدان الصحة والثروة وإنما فقدان الإنسان للبنت أو الولد. مكابرة المعافى وانكسار العليل - د. جاسر الحربش. أسأل الله ألا يمتحن صبر وقوة أحدكم في عزيز لديه أو في عافيته. الاستنتاج الشخصي: لكل إنسان مواصفات ظاهرة وأخرى خفية، والخفية لا تظهر إلا عند مواجهة الامتحانات المصيرية، ومن ذلك الهشاشة الظاهرة في العجائز من النساء ثم صلابتهن الإيمانية في مواجهة الموت، والعكس عند الرجال، ولكن ليس بالمطلق وإنما بالنسبية العددية.
وقرأ ابن زيد: ﴿تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ﴾ [سورة آل عمران: ٢٦] ، وإنما نقول: هم العلماء الذي يُطيفون على السلطان، [[حذف ناشر المطبوعة هذه الجملة إذ لم يفهمها، وجعل سياق الكلام هكذا: "... ممن تشاء، ألا ترى أنه أمر فقال: إن الله يأمركم"، وهذا فساد شديد، وهجر للأمانة، وعبث بكلام أهل التاويل. وقائل هذا الكلام هو ابن زيد، بعد أن ذكر تأويل أبيه زيد بن أسلم. وقوله: "يطيفون على السلطان" هم الذين يقاربونه ويدنيهم في مجالسه ويستشيرهم. من قوله: "طاف بالشيء وطاف عليه= وأطاف به وأطاف عليه": دار حوله. ]] ألا ترى أنه أمرهم فبدأ بهم، بالولاة فقال [[في المطبوعة: "أنه أمر فقال... " كما ذكرت في التعليق السالف. وسياق عبارته أنه أمر العلماء بالولاة - فبدأ بهم، أي: بالعلماء. والعلماء هم الذين يفتون الولاة في قسمة الفيء والصدقات، لأنهم هم أهل العلم بها. فهذا خطاب للعلماء الذين ائتمنوا على الدين. "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" - مركز حرمون للدراسات المعاصرة. ثم قال للولاة: "وإذا حكمتم بين الناس"، كما ترى في سياق الأثر. ]] "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"؟ و"الأمانات"، هي الفيء الذي استأمنهم على جمعه وقَسْمه، والصدقات التي استأمنهم على جمعها وقسمها ="وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" الآية كلها.
واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا
حيث أن المساواة قد تكون ظلمًا في حق بعض الناس فمثلاً إذا ساوى الحاكم بين القوي والضعيف في بعض الأمور فسيكون ظالما لهما. كما أنه إن ساوى بين الصغير والكبير أو المرأة والرجل على اختلاف طبائعهما فسيوقع كل منهما في حرج. فلابد من مراعاة متطلبات كل شخص وقدراته ومن ثم تحديد واجباته وحقوقه بما لا يدع مجالاً للظلم. وهذا هو عين العدل الذي أمر الله عز وجل به عباده من الحكام والمحكومين إذا تحملوا مسئولية غيرهم. ومن الفوائد كذلك تعزيز المراقبة الذاتية ومراقبة الله عز وجل فإنه سبحانه لما أمر الحكام بالعدل قال "إن الله كان سميعا بصيرا". وذلك لأن بعض الناس يعتقد أن الحاكم له كل الصلاحيات ولا رقيب عليه ولكن الله رقيب على من لا رقيب عليه من البشر. إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة النساء - قوله تعالى وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل- الجزء رقم4. ومن الفوائد أيضا إثبات السمع والبصر لله عز وجل فهو سبحانه السميع البصير على وجه الحقيقة. حيث أن هناك من أنكر أن الله عز وجل يسمع ويبصر وهم بذلك قد ألحقوا النقص به سبحانه وهو منزه عن ذلك. ولا تتردد في قراءة مقالنا عن: سبب نزول سورة الضحى
آيات تحث على العدل
جاءت في كتاب الله عز وجل عدة آيات تشهد وتؤيد تفسير: وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل:
فمن ذلك قوله تعالى في سورة النحل "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" النحل 90.
وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل
فيقول وأنى أؤديها وقد ذهبت الدنيا ؟ فتمثل له الأمانة في قعر جهنم ، فيهوي إليها فيحملها على عاتقه. قال: فتنزل عن عاتقه ، فيهوي على أثرها أبد الآبدين. قال زاذان: فأتيت البراء فحدثته فقال: صدق أخي: ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها). وقال: سفيان الثوري ، عن ابن أبي ليلى عن رجل ، عن ابن عباس قوله: ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) قال: هي مبهمة للبر والفاجر. وقال محمد بن الحنفية: هي مسجلة للبر والفاجر. وقال أبو العالية: الأمانة ما أمروا به ونهوا عنه. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد ، حدثنا حفص بن غياث ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال: قال أبي بن كعب: من الأمانة أن المرأة ائتمنت على فرجها. وقال الربيع بن أنس: هي من الأمانات فيما بينك وبين الناس. وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس: ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) قال: قال: يدخل فيه وعظ السلطان النساء. وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل. يعني يوم العيد. وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة - واسم أبي طلحة عبد الله - بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب القرشي العبدري ، حاجب الكعبة المعظمة ، وهو ابن عم شيبة بن عثمان بن أبي طلحة ، الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم ، أسلم عثمان هذا في الهدنة بين صلح الحديبية وفتح مكة ، هو وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص ، وأما عمه عثمان بن أبي طلحة ، فكان معه لواء المشركين يوم أحد ، وقتل يومئذ كافرا.
واذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل
وتَمشي الأمور في بلاد اللبرالية، ينال العمالُ والعامة من فضول الرخاء العام، كلما ارتفعت أرباح الرأسمالية ارتفعت دخول العمال والعامة. فيخيَّلُ للمُعْجَب المُدَلَّهِ باللبرالية أنها أم العدالة. ولو قرأ تاريخ نشـأتها وحاضر نهبها للعالم وماضِيَهُ لعرف أن الرخاء العام الذي تتمتع به أوربا وأمريكا والرأسمالية العالمية وينال عمالهم منه الفُتات إنما حصل على عرق أجيـال من المحرومين ودمائهم وأموالهم. جدوى اللبرالية وإنتاجيتها وجهٌ ظاهر لعُملة وجهها الآخر هو تعميم الفقر على العالم غير المصنع. هنا يأتي التحدي الكبير أن نحكم بين الناس، إذا حكمنـا، بالعدل. وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل. دع القاضيَ يفهم الأمر الإلهي على أنه العدل بين المتقاضيين في النوازل الشخصية. فذلك أيضا من أهم أركان العدل. لكنَّ نازلة سوء قسمة الأرزاق بين العباد هي مَحَطُّ اهتمام الإسلاميين يوم يصبحون في الحكم. يقول لسان حال المستضعفين، ويضج لسان مقالهم: هاتوا ما وعدتم به من عدل! طبقوا ما أمركم الله به إن حكمتم! حاوَلَتْ الشيوعية أن تجيب مطالبَ الطبقة العاملة فما وصلت بعد سبعين سنة إلا إلى الإفلاس المخزي. ذلك أنها استبدلت بنظام الأنانية الفردية القيصريّة أنانية الطبقة المستبدة.
ما الذي يمنعنا معاشر المسلمين من النظر إلى الجاهلية كفاحا، وجها لوجه، ونصارِحَ أنفسنا بما هو واقع؟ الذي يجعلُنا نحكم على الجاهلية حكما مُعَمِّما واحداً لا تميـيز فيه بأنَها ظلام في ظلام هو مرارة الهزيمة التاريخية، والنِّقمةُ المشروعة على ما فعلته وما لا تزال تفعله فينا الجاهلية الغربية، فإن غفلنا لحظة عما تفعله فالخنجر المغروز في ضلوعنا يذكرنا. الخنجر دولة اليهود. ثم يمنعنا من الاعتراف بما عند الجاهليـين من مزايا اعتقادُ بعضنا أنه إن اعترف للكافر بمزية فقد ركَنَ إلى الكافر، ويُخشى أن تمسَّهُ النار. المغرَّبونَ المُعْجَبُونَ بالغرب على الطرف الآخر لا يرون في الغرب وحضارته إلا كل مزية. نظر الشيخ محمد عبدُه الذي مرَّ من ديار الكفر زمنا لا يكفي للتعمق في معرفة الجاهلية كما عرفها سيد قطب رحمهما الله النظرة النقيض لنظرة سيد قطب. عبده يقول: وجدت في أوربا إسلاماً بلا مسلمين، ويقول قطب: الجاهلية رُكام وظلام. الباحث القرآني. والنظرة المصارحة للنفس هي أن هناك مستويين اثنين يطلبان حكمين اثنين: الجاهلية بما هي كفر واستكبار في الأرض ركام وظلام، يأتون يوم القيامة وقد حبطت أعمالهم فهم خاسـرون. لكن أعمالهم هذه الخاسرة في ميزان الإيمان لها الوزن الثقيل في ميزان الدنيا، ميزان القوة والمدافعة والإنجازات والسببية.