فالحكم الذي لا يرد ولا يمانع ولا يغالب -في تلك الحال وفي كل حال- لله الحق. ومنهم من رفع الحق جعله صفة ل الولاية وهما متلازمتان. وقوله: {هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} أي؛ معاملته خير لصاحبها ثوابا، وهو الجزاء، وخير عقبا؛ وهو العاقبة في الدنيا والآخرة. وهذه القصة تضمنت أنه لا ينبغي لأحد أن يركن إلى الحياة الدنيا، ولا يغتر بها، ولا يثق بها، بل يجعل طاعة الله والتوكل عليه في كل حال نصب عينيه، وليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده. وفيها، أن من قدم شيئا على طاعة الله والإنفاق في سبيله، عذب به، وربما سلب منه؛ معاملة له بنقيض قصده. وفيها، أن الواجب قبول نصيحة الأخ المشفق، وأن مخالفته وبال ودمار على من رد النصيحة الصحيحة. ولولا اذ دخلت جنتك قلت ماشاء الله. وفيها، أن الندامه لا تنفع إذا حان القدر، ونفذ الأمر الحتم. بالله المستعان وعليه التكلان.
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الكهف - الآية 39
الرسم العثماني وَلَوْلَآ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا الـرسـم الإمـلائـي وَلَوۡلَاۤ اِذۡ دَخَلۡتَ جَنَّتَكَ قُلۡتَ مَا شَآءَ اللّٰهُ ۙ لَا قُوَّةَ اِلَّا بِاللّٰهِ ۚ اِنۡ تَرَنِ اَنَا اَقَلَّ مِنۡكَ مَالًا وَّوَلَدًا تفسير ميسر: وهلا حين دخَلْتَ حديقتك فأعجبتك حَمِدت الله، وقلت; هذا ما شاء الله لي، لا قوة لي على تحصيله إلا بالله. إن كنت تراني أقل منك مالا وأولادًا، فعسى ربي أن يعطيني أفضل من حديقتك، ويسلبك النعمة بكفرك، ويرسل على حديقتك عذابا من السماء، فتصبح أرضًا ملساء جرداء لا تثبت عليها قدم، ولا ينبت فيها نبات، أو يصير ماؤها الذي تُسقى منه غائرًا في الأرض، فلا تقدر على إخراجه.
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الكهف - قوله تعالى ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله- الجزء رقم10
ويعيد الأموات ويجمع العظام الرفات، وأعلم أن الله لا شريك له في خلقه ولا في ملكه ولا إله غيره، ثم أرشده إلى ما كان الأولى به أن يسلكه عند دخول جنته فقال: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه} ولهذا يستحب لكل من أعجبه شيء من ماله أو أهله أو حاله أن يقول كذلك. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الكهف - الآية 39. وقد ورد فيه حديث مرفوع، في صحته نظر؛ قال أبو يعلى الموصلي: حدثنا جراح بن مخلد حدثنا عمر بن يونس، حدثنا عيسى بن عون حدثنا عبد الملك بن زرارة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنعم الله على عبد نعمة؛ من أهل أو مال أو ولد فيقول: (ما شاء الله لا قوة إلا بالله). فيرى فيه آفة دون الموت وكان يتأول هذه الآية: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} قال الحافظ أبو الفتح الأزدي: عيسى بن عون، عن عبد الملك بن زرارة، عن أنس، لا يصح. ثم قال المؤمن للكافر: {فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ}
أي؛ في الدار الآخرة {وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ}
قال ابن عباس والضحاك وقتادة: أي؛ عذابا من السماء. والظاهر أنه المطر المزعج الباهر، الذي يقتلع زروعها وأشجارها {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقً}.
من للصبية؟ فقال: النار). تفسير قوله تعالى: (ولم تكن له فئة ينصرونه... )
تفسير قوله تعالى: (هنالك الولاية لله الحق... )
قال تعالى: هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا [الكهف:44]. ولولا إذ دخلت جنتك قلت ماشاء الله. هنالك أي: يوم القيامة الوَلاية، فإن قلنا: الولاية فهى الحكم والسلطان والأمر والنهي، وإن قلنا: الوِلاية فهى: النصرة والتعزيز والمؤازرة، وكل ذلك انفرد به الله جل جلاله، إذ يقول إذ ذاك: أنا الملك أين الملوك؟ فيقولها ويكررها جل جلاله، ولا جواب، فالكل ذل وخنع وأصبح يقول: نفسي نفسي، بما فيهم الأنبياء إلا نبينا محمداً صلى الله عيه وسلم، وعند ذاك يجيب نفسه بنفسه: أنا الملك أين الملوك؟ أنا ملك الملوك. قال تعالى: هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ [الكهف:44]. وهناك الحكم الحق والمناصرة والتأييد والقوة لله وحده، وليس لأحد موالاة ولا نصرة ولا سلطان يعتز به ولا حاكم يعود إليه، فالحاكم الله، له الأمر والنهي، وبيده العز والذل، يعز من يشاء ويذل من يشاء، بيده الخير جل جلاله وعلا مقامه. وهذا هو المغزى والنتيجة من ضرب المثل. ولقد قال السلف الصالح: إذا سمعت ربك يقول: ياأيها الناس! يا أيها الذين آمنوا!