أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15:16]. ما هو الإخلاص ؟ عرفه الإمام أحمد رحمه الله: إذا عملت عملًا لا تريد به الدنيا. وهذا الإخلاص يحتاج إلى مجاهدة النفس ، قال أحد السلف: ما عالجت شيئًا أشد عليّ من نيتي فإنها تتقلب عليّ. إخوة الإيمان ، إن ربَّنا جل وعلا أغنى الشركاء عن الشرك؛ وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، في الحديث القدسي قال الله: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»[ صحيح مسلم: 2985]. الاخلاص في العباده واثرها. واسمعوا لهذا الحديث العظيم الذي أخاف الأخيار وأبكاهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إن أولَ الناس يوم القيامة يُقضى عليه رجل استشهد ؛ فأتي به فعرَّفه نعمَه فعرفها ؛ قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت؛ قال الله تعالى: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال: فلان جريء؛ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلّم العلم وعلمه وقرأ القرآن؛ فأتي به فعرَّفه نعمه فعرفها؛ قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمتُ العلم وعلمتُه وقرأت فيك القرآن؛ قال الله تعالى: كذبت ولكنك قرأت القرآن لأن يقال: قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
الاخلاص في العبادة هي
القسم الثالث: أن يقصد بها التقرب إلى الله تعالى والغرض الدنيوي الحاصل بها مثل أن يقصد مع نية التعبد لله - تعالى – بالطهارة تنشيط الجسم وتنظيفه، وبالصلاة تمرين الجسم وتحريكه، وبالصيام تخفيف الجسم وإزالة فضلاته، وبالحج مشاهدة المشاعر والحجاج فهذا ينقص أجر الإخلاص، ولكن إن كان الأغلب عليه نية التعبد فقد فاته كمال الأجر، ولكن لا يضره ذلك باقتراف إثم أو وزر لقوله تعالى في الحُجاج: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾[البقرة: 198]. وإن كان الأغلب عليه نية غير التعبد فليس له ثواب في الآخرة وإنما ثوابه ما حصله في الدنيا، وأخشى أن يأثم بذلك لأنه جعل العبادة التي هي أعلى الغايات وسيلة للدنيا الحقيرة، فهو كمن قال الله فيهم: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ﴾[التوبة: 58]. تعريف الإخلاص. وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله رجل يريد الجهاد وهو يريد عرضا من عرض الدنيا. فقال النبي،-صلى الله عليه وسلم-: «لا أجر له» فأعاد ثلاثا والنبي-صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا أجر له» وفي الصحيحين عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه».
الاخلاص في العباده واثرها
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن الله عز وجل: « يقول تعالى: ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، وما زال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه » [5]. (( مجلة البيان العدد: 157 رمضان 1421- ديسمبر 2000))
__________________________
(1) أخرجه البخاري وغيره، انظر صحيح البخاري (1) كتاب بدء الوحي، (1) باب: كيف كان بدء الوحي. (2) أخرجه البخاري وغيره، انظر صحيح البخاري (1) كتاب بدء الوحي، (1) باب: كيف كان بدء الوحي. (3) أخرجه البخاري وغيره، انظر صحيح البخاري (2) كتاب الإيمان، (16) باب الحياء من الإيمان. (4) أخرجه مسلم، ح (1718). تحميل كتاب الإخلاص pdf - مكتبة نور. (5) أخرجه أحمد، (6، 256). عمر إدريس الرماش
185
7
109, 007
الاخلاص في العبادة للاطفال
ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال؛ فأتي به فعرفه نعمه فعرفها؛ قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقتُ فيها لك؛ قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال جواد؛ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار » [صحيح مسلم: 1905]. نعوذ بالله من حال أهل النار. هؤلاء الثلاثة عملوا أعمالًا عظيمة جليلة؛ لو أخلصوا فيها لنالوا الدرجات العالية في الجنة ، لكنهم لما أرادوا الدنيا بعمل الآخرة كان مصيرهم أو من تُسعّر بهم النار. عباد الله، إن من أعظم أسباب غياب الإخلاص في أعمال كثير منا هو طلب الدنيا ومحبة المدح والثناء؛ فإن الإخلاص لا يقر في قلب مليء بمحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس. قال ابن القيم رحمه الله: "فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فأقبل على الطمع أولًا فاذبحه بسكين اليأس، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص. الاخلاص في العبادة شرطان. وإن مما يعينُنا على ترك الطمع في إرادة الدنيا ويسهله علينا يقيننا أن الخير كلَّه بيد الله تعالى لا يملكه غيره فمن أراده طلبه منه وأما الزهد في الثناء والمدح فيسهله علمك أنه ليس أحدٌ ينفعُ مدحُه ويزين؛ ويضرُّ ذمُّه ويشين إلا الله تعالى.
السؤال:
سئل فضيلة الشيخ: عن معنى الإخلاص؟ وإذا أراد العبد بعبادته شيئا آخر فما الحكم؟
الجواب:
الإخلاص لله تعالى معناه: (أن يقصد المرء بعبادته التقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- والتوصل إلى دار كرامته)
وإذا أراد العبد بعبادته شيئا آخر ففيه تفصيل حسب الأقسام التالية:
القسم الأول: أن يريد التقرب إلى غير الله تعالى في هذه العبادة ونيل الثناء عليها من المخلوقين فهذا يحبط العمل، وهو من الشرك. وفي الصحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: قال الله تعالى: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه». الاخلاص في العبادة - ووردز. القسم الثاني: أن يقصد بها الوصول إلى غرض دنيوي كالرئاسة، والجاه، والمال دون التقرب بها إلى الله تعالى فهذا عمله حابط لا يقربه إلى الله تعالى لقول الله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[هود: 15- 16]. والفرق بين هذا والذي قبله أن الأول قصد أن يثنى عليه من قبل أنه عابد لله تعالى وأما هذا - الثاني - فلم يقصد أن يثنى عليه من قبل أنه عابد لله ولا يهمه أن يثني الناس عليه بذلك.