في الوثائق التاريخية، هناك ما يعزز وجود رابط بين القضية الفلسطينية والملك عبدالعزيز آل سعود. من هذه الوثائق واحدة ممهورة بتوقيع عبدالعزيز نفسه. لم يمانع مؤسس الدولة السعودية الثالثة وفق الوثيقة "من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود". يؤكد فيها أيضاً أنه لن يخرج "عن إرادة بريطانيا حتى تصيح الساعة". يؤكد السعوديون أن تلك الوثيقة مزورة. هذا مرجح وليس مستبعداً. لكنهم يذهبون أبعد من ذلك. هناك مئات المقالات والكتب المطبوعة والمنشورة في السعودية، تؤكد جميعها دعم الحكام السعوديين للقضية الفلسطينية منذ البداية. تحت عنوان "الملك عبدالعزيز والقضية الفلسطينية" تورد صحيفة اليوم السعودية مواقف مؤسس المملكة في هذا الإطار. مواقف واجه فيها إبن سعود إرادة رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، كما يؤكد كاتب المقال. موقع "الوطن" يتطرق إلى تفاصيل أكثر خلال مراحل استيطان الحركة الصهيونية واحتلال فلسطين. مواقف حاكم نجد آنذاك وملك السعودية لاحقاً لا تحتمل اللبس بحسب التفاصيل التي يوردها الموقع. وعد بلفور والملك عبدالعزيز بن بازرحمه الله. كلها تدعم وقوف ابن سعود إلى جانب القضية. كذلك يستند أمين عام دارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد بن عبد الله السماري إلى وثائق محفوظة في أرشيف دار السجلات العامة في لندن.
- وعد بلفور والملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية
وعد بلفور والملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية
وجهت الدعوة إلى اللجنة العربية المتابعة للقضية وأشارت إلى استعداد بريطانيا للنظر في قضية فلسطين بعين العطف لكن بعد أن تهدأ الحالة.. هدأت الحالة. أعادت بريطانيا إحكام قبضتها. ماذا كان الرد البريطاني على مبادرة عبدالعزيز؟. ورد هذا الرد تحت قبة مجلس العموم حيث أكد وزير المستعمرات أن الحكام العرب "أبدوا تلقائياً رغبتهم في استخدام نفوذهم لدى عرب فلسطين لصالح السلام". وعد بلفور والملك عبدالعزيز آل سعود العالمية. وتابع "لم تقدم حكومة صاحبة الجلالة أي تعهدات أو دعوة صريحة أو ضمنية، كما أنه كان واضحاً للحكام المعنيين أن حكومة صاحبة الجلالة غير مستعدة للدخول في أي نوع من التعهدات على الإطلاق". في كتابه يبرز حمادة إمام عدداً من المواقف التي سعى من خلالها مؤسس السعودية إلى لجم مناصرة القضية الفلسطينية والتواطؤ مع الإنكليز لصالح مخططهم. لكن أهم ما في الكتاب قد يكون شهادات عدد من المستشارين والشخصيات، ممن عملوا مع عبدالعزيز أو تعاملوا معه. شهادات مستقاة من مذكراتهم الشخصية رغم أنه يُؤخذ على الكاتب عدم إيراد مصادره ومراجعه وفق المنهجية العلمية. من بين هذه الشخصيات نجد رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق سعيد الكردي، ومستشار عبدالعزيز السياسي جون فيلبي، ومسؤول المخابرات البريطانية للمنطقة العربية برسي كوكس.
يعتبر عدد من الباحثين ومن بينهم الدكتور فؤاد إبراهيم أنه بعد أن قام مستشار عبد العزيز فيليبي بتسريب القضية، إنسحب ابن سعود من المفاوضات ونفى أي علاقة سابقة له في الموضوع. يقول إبراهيم إن افتضاح خبر الصفقة دفع عبد العزيز للمبالغة في انحيازه لقضية فلسطين، ولكن ذلك في الظاهر فحسب. بكل الأحوال فإن التواصل بين أسرة عبد العزيز وبين حاييم وايزمان الذي أصبح لاحقاً أول رئيس للكيان الإسرائيلي، يعود إلى ما قبل فترة الأربعينيات من القرن المنصرم بسنوات كثيرة. تشير الوثائق إلى لقاءات عديدة بين مستشارين للملك عبدالعزيز وقادة ومستشارين صهاينة. من بينها لقاء في لندن بين ديفيد بن غوريون وسفير السعودية في ثلاثينيات القرن المنصرم. 100 عام على وعد بلفور | عبدالعزيز المقالح | صحيفة الخليج. لقاء آخر بين بن غوريون وموشيه شيرتوك من جهة، وبين حافظ وهبة أحد كبار مستشاري الملك عبدالعزيز من جهة أخرى. هذه اللقاءات وغيرها يتطرق إليها بالتفصيل ميخائيل كهنوف في كتابه "المملكة العربية السعودية والصراع في فلسطين". الكتاب عبارة عن أطروحة دكتوراه في جامعة تل أبيب، والكاتب هو الضابط السابق في وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في الخمسينيات، ولاحقاً مسؤول رفيع في الموساد. يستعين كاهانوف بمصادر متنوعة من الأرشيف البريطاني ومذكرات قادة الوكالة اليهودية.