وحرم الإسلام القمار - وهو ضروب شبيهة بالميسر الجاهلي كما قدمنا - ولكن القمار ظل إلى عصرنا هذا يقترفه الآثمون في صور شتى، ولعل أفشى صوره أظهرها اليوم هو (لعب الورق) الذي صار إثما دولياً يلتقي عليه المصري والأوربي والآسيوي والأمريكي في يسر، وصارت قوانينه عرفاً عاماً بين المتقامرين على شتى أجناسهم وبلدانهم. والاستقسام بالأزلام
أما الاستقسام فهو طلب القسم، أي ما يقسم للإنسان ويقدر. والأزلام: جمع زلم، بضم ففتح، أو بالتحريك، وهو القدح، بكسر القاف، أو السهم من سهام الاستقسام. والأزلام ذكرت في كتاب الله مرتين:
أولاهما قوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب، وأن تستقسموا بالأزلام، ذلكم فسق). والأخرى قوله تعالى: (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من علم الشيطان فاجتنبوه). كيف تقول «لا» بكل اللغات!. وقد اختلف المفسرون في هذه الأزلام، هل هي أزلام الميسر وقداحه، أم هي أزلام أخرى معينة؟ والراجح المعتمد أن المراد بالأزلام في الكتاب العزيز ضرب آخر من القداح يستعمل في أغراض أخرى غير الميسر، سنبسط القول فيما يلي.
مجلة الرسالة/العدد 1012/الميسر والأزلام - ويكي مصدر
قال: فبينا أنا جالس في مجلس قومي بني مدلج أقبل رجل منهم فقام على رءوسنا فقال: يا سراقة، إني رأيت آنفاً أسودة بالساحل لا أراها إلا محمداً وأصحابه. قال: فعرفت أنهم هم، فقلت: إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلاناً وفلاناً انطلقوا بغاة. قال: ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت فدخلت بيتي وأمرت جاريتي أن تخرج لي فرسي وتحبسها من وراء أكمة، ثم أخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخفضت عالية الرمح وخططت برمحي في الأرض حتى أتيت فرسي فركبتها ورفعتها تقرب بي حتى رأيت اسودتهما، فلما دنوت منهم حيث اسمعهم الصوت عثرت بي فرسي، فخررت عنها وأوهيت بيدي إلى كنانتي فأخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها: أضيرهم أم لا؟ فخرج الذي أكره: أن لا أضيرهم. فعصيت الأزلام وركبت فرسي فرفعتها تقرب بي حتى إذا دنوت منهم عثرت بي فرسي وخررت عنها. قال: ففعلت ذلك ثلاث مرات إلى أن ساخت يدا فرسي في الأرض). قال الأزهري: (فهذا الحديث يبين لك أن الأزلام قداح الأمر والنهي، لا قداح الميسر). الأزلام في الشعر العربي
1 - وقد نطق الشعر الجاهلي بأزلام الاستقسام، إذ يقول طرفة:
ففعلنا ذلكم زمناً... ثم دانى بيننا حكمه
أخذ الأزلام مقتسماً... تفسير قوله تعالى: {حرمت عليكم الميت...}. فأتى أغواهما زلمه
عند أنصاب لها زفر... في صعيد جمة أدمه
دانى، أي أقارب.
كيف تقول «لا» بكل اللغات!
الأربعاء 16/مارس/2022 - 07:36 م
بداية، ينطوى عنوان المقال على بعض التورية اللفظية، إذ ليس المقصود من المقال التعامل مع «لا» النافية كما تعلمناها فى قواعد اللغة أو البلاغة، وإنما مناقشة ثقافة الاعتراض والرفض والتسلح بقوة الرفض والتحلى بملكات الاعتراض وقوة الجدل لدى الاشتباك الفكرى مع الغير. ليس خفيًا أن الموروث الثقافى قد أدرج مساحة كبيرة لأصول الاعتراض والنفى والنهى لدى تربية الأبناء منذ نعومة أظافرهم، واكتظ قاموس التربية بالكثير من محددات الاعتراض وآداب الرفض، سواء لدى النقاش مع الغير أو فى سياق جلب الحصص والحقوق، فسمعنا عن ضرورة الرفض والاعتراض بالصوت الخفيض والتحلى بعلامات الخجل أدبًا لدى الاعتراض على الإملاءات الأبوية، بل تجاوزت أساليب التربية الحد الأدنى من حق الأبناء فى الاعتراض أو الرفض، حتى فيما يخص رغباتهم الشخصية، مثل اختيار الملابس وقصات الشعر ونوع الأنشطة أو تحديد دائرة الأصدقاء التى يرغب الطفل فى تأسيسها أو الانضمام إليها. لا شك أن هذا النوع من الإملاءات الديكتاتورية قد ساهم، بشكل ملحوظ، فى ترسيخ ثقافة التنازل عن الحقوق والثقة بالنفس لدى البعض، وهو بلا شك نمط مشوه من البناء النفسى.
ما الذي يطلق على الميتة التي تقع من مكان مرتفع - موقع محتويات
وقوله تعالى: { وَالْدَّمُ} [سورة
المائدة: آية 3] هنا مطلق، ولكن قيدته الآية الثانية في السفوح كما
قال تعالى: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا
أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن
يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} [سورة الأنعام: آية
145]، والمراد به الذي يخرج من الذبيحة وقت ذبحها ويشخب من أوداجها،
أما الدم المتبقي في العروق واللحم فهذا معفو عنه لا بأس بأكله مع
اللحم، واستثني من الدم الدمان اللذان مرَّ ذكرهما في الحديث: " أحلت لن ميتتان ودمان..... حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير تفسير. وأما الدمان فالكبد
والطحال " (رواه الإمام أحمد في مسنده). وقوله تعالى: { وَلَحْمُ
الْخِنْزِيرِ} [سورة المائدة: آية 3] هو الحيوان المعروف
بالقذارة والدناءة حرم الله أكله لما فيه من الأضرار البالغة، وما
يورثه من الأمراض الخطيرة كما قرر ذلك أهل الطب، فإن الخنزير فيه
جراثيم وأمراض خطيرة اكتشفت ولا تزال تكتشف، والله جل وعلا لا يحرم
على عباده إلا ما فيه مضرة عليهم. وقوله تعالى: { وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ
اللَّهِ بِهِ} [سورة المائدة: آية 3] المراد به ما ذبح للأصنام
تقرباً إليها وما ذبح لسائر المعبودات، وكذلك ما ذبح وسمي عليه غير
اسم الله عز وجل كما لو ذبح اللحم وذكر عليه اسم المسيح أو ذكر عليه
اسم غيره، { وما أهل لغير الله به}
يشمل النوعين: ما تقرب به لغير الله ولو ذكر عليه اسم الله، ويشمل ما
ذبح لغير التقرب، وإنما ذبح للحم، لكن سمي عليه غير اسم الله سبحانه
وتعالى عند الذبح، والمراد بالإهلال رفع الصوت هذا في الأصل، والمراد
هنا ما ذكرنا.
تفسير قوله تعالى: {حرمت عليكم الميت...}
السؤال:
يسأل سؤالًا آخر أخونا عن تفسير قوله تعالى -بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم-: حُرّمتْ عليْكُمُ الْميْتةُ والدّمُ ولحْمُ الْخنزير وما أُهلّ لغيْر اللّه به والْمُنْخنقةُ والْموْقُوذةُ والْمُتردّيةُ والنّطيحةُ وما أكل السّبُعُ إلّا ما ذكّيْتُمْ وما ذُبح على النُّصُب وأنْ تسْتقْسمُوا بالأزْلام [المائدة:3] أرجو تفسير هذه الآية، وهل النطيحة إذا ذبحت وهي حية تعتبر حرام؟ وهل المقصود من النطيحة هي التي تنطحها شاة أخرى؟ أرجو الإجابة عن ذلك جزاكم الله خيرًا. الجواب:
الآية واضحة، يقول سبحانه: حُرّمتْ عليْكُمُ الْميْتةُ [المائدة: 3] الميتة -معروفة- التي تموت حتف أنفها، هذه حرام، سواء كانت بقرة، أو ناقة، أو شاة، أو ظبي، أو أرنب، أو دجاجة، أو غير ذلك. والدّمُ هو المسفوح الذي يسيل من البهيمة عند ذبحها، وهكذا يسيل من الجروح، هذا نجس محرم؛ لقوله في الآية الأخرى أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا [الأنعام:145] أما الدم الذي يكون في العروق، وفي داخل اللحوم، هذا لا، لا يحرم، ولا حرج فيه. ولحْمُ الْخنزير معروف، الخنازير معروفة كلها محرمة بإجماع المسلمين، وإن أكلها النصارى فإن أكلهم لها حرام عليهم ومنكر، ولكنهم كفار لا يرعون حدود الله.
الضرورات تبيح المحظورات.."برهامي" يكشف حكم زراعة كلية خنزير لمصاب بالفشل الكلوي
[أخرجه أبو داود] حكم الخنزير في الإسلام وقد حرم الشرع الشريف الخنزيرَ، فقال الله سبحانه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ.. } [المائدة: 3]، وقال أيضًا: {قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ.. } [الأنعام: 145]، وقال سيدنا رسول الله ﷺ: «إنَّ اللهَ ورَسولَه حَرَّمَ بَيعَ الخَمرِ، والمَيْتةِ، والخِنزيرِ، والأصنامِ». [متفق عليه]، كما (أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ الْخِنْزِيرِ واسْتِعْمَال أجزائه؛ لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ). [الإقناع لابن القطان 2 /109]. حكم التداوي بالخنزير ورغم أن الأصل في الانتفاع بالخنزير أو بأجزائه هو الحرمة إلا أنه يجوز الانتفاع به، والتداوي بجزء من أجزائه، أو عضو من أعضائه، بشرط أن تدعو الضرورة إلى ذلك، وألا يوجد ما يقوم مقامه من الطاهرات في التداوي ورفع الضرر؛ لقول الحق سبحانه: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
[8]
شاهد أيضًا: هل يجوز الأكل مما صاده الصقر وإن أكل منه
وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام مقال ما الذي يطلق على الميتة التي تقع من مكان مرتفع ؟ والذي تمَّ فيه الإجابة على السؤال المطروح، ثمَّ ذكر النص القرآني الذي يدل على حرمة أكل الميتة وبيان تفسيره، وفي الختام تمَّ بيان جواز أكل الحيوان الذي أوشك على الموت إذا ذكَّاه صاحبه. المراجع
^
المائدة: 3
^, تفسير قوله تعالى: {والمتردية والنطيحة وما أكل السبع}, 19/4/2021
^, تفسير ابن كثير, 19/4/2021
^, تفسير الطبري, 19/4/2021
تخريج سنن الدراقطني، شعيب الأرناؤوط، أبي هريرة، 80، حديث صحيح
صحيح ابن ماجه، الألباني، عبدالله بن عمر، 2695، حديث صحيح
غاية المرام، الألباني، عدي بن حاتم الطائي، 84، حديث صحيح
^, أكلُ الحَيوانِ الذي أوشَكَ على المَوتِ، بعدَ تَذكِيَتِه, 19/4/2021