أسماء المدينة الواردة في القُرآن والثَّابتة في السنَّة: المدينة وطابة وطيبة، وورَد النَّهيُ عن تسمِيَتها بيثرب، فرُوي عنِ النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أنَّه قال: ((مَن سمَّى المدينة يثْرِب فليستغْفِر الله - عزَّ وجلَّ)) والاستغفار يكون عن أمرٍ منْهيٍّ عنْه، لكنَّ الأحاديث الوارِدة في النَّهي عن تسمية المدينة يثرب لا تصحُّ، وفي صحيحي البخاري (3622) ومسلم (2272) من حديث أبي مُوسى عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((رأيتُ في المنام أنِّي أُهاجر من مكَّة إلى أرْضٍ بها نخل، فذهب وَهَلي إلى أنَّها اليمامة أو هجَر، فإذا هي المدينة يثرب)). ويسنُّ قصد مسجد النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - والسَّفر إليْه للصَّلاة فيه؛ فعن أبِي سعيدٍ الخُدْري - رضي الله عنه - قال: قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ((لا تُشَدُّ الرِّحال إلاَّ إلى ثلاثةِ مساجد: مسجد الحرام، ومسجدي، ومسجد الأقصى))؛ رواه البخاري (1864) ومسلم (827). فيسنُّ لِمن دخله أن يدْعو الدُّعاء الخاصَّ بدخول المسجِد، ويصلِّي تحيَّة المسجد إذا لم تكُن صلاة الفرض مقامة، فالصَّلاة فيه أفضل من ألْف صلاةٍ فيما عداه من المساجد إلاَّ المسجد الحرام؛ فعن أبي هُرَيْرة - رضي الله عنه -: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألْفِ صلاة فيما سواه؛ إلاَّ المسجد الحرام))؛ رواه البخاري (1190) ومسلم (1394).
زيارة النبي في المدينة الرقمية
وهذا التَّفضيل يعم الفرض والنفل لإطلاق الحديث، وعدم وجود ما يخصُّها بالفرض، لاسيَّما والحديث وارد في سياق الامتنان، ومن القواعد المتقررة عند أهل العلم أنَّ النَّكرة في سياق الامتِنان تعمُّ، وقوْل النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((صلاة في مسجِدي)) نكرة في سياق امتِنان الله عليْنا بمضاعفة الأجر، فتعمّ كلَّ صلاة فرضًا ونفلاً، والله أعلم. وهذا مذهب الأئمَّة الثَّلاثة مالك والشَّافعي وأحْمد، لكن مع تضعيف صلاة النفل في المسجد النبوي وفي الحرم المكي، فصلاة النَّفل في البيوت في مكَّة والمدينة أفضل من صلاتِها في المسجِد النبوي والمسجد الحرام؛ لعموم قول النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((صلُّوا أيُّها النَّاس في بيوتِكم، فإنَّ أفضل الصَّلاة صلاةُ المرْء في بيتِه إلاَّ المكتوبة))؛ رواه البخاري ومسلم. ثمَّ يزور الدَّاخل قبر النَّبيِّ وقبر صاحبيْه، فيقف تِجاه القبْر فيسلِّم على النبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فيقول: السَّلام عليك يا رسول الله ورحْمة الله وبركاته؛ فعن أبي هُرَيرة عن رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((ما من أحدٍ يُسَلِّم عليَّ إلاَّ ردَّ الله - عزَّ وجلَّ - عليَّ روحي حتَّى أردَّ عليْه السَّلام))، رواه الإمام أحمد (10434) بإسناد حسن.
زيارة النبي في المدينة
فإن كانت لك حاجة فانّه احرى أن تقضى ان شاء الله تعالى.
زيارة النبي في المدينة الطبية الجامعية
فهي بحق من أرقى الأدب الديني بعد القرآن الكريم ونهج البلاغة والأدعية المأثورة عنهم،
إذ أودعت فيها خلاصة معارف الأئمة عليهم السلام فيما يتعلق بهذه الشئون
الدينية والتهذيبية. ثم إن في آداب أداء الزيارة أيضا من التعليم والارشاد ما يؤكد
من تحقيق تلك المعاني الدينية السامية، من نحو رفع معنوية المسلم وتنمية
روح العطف على الفقير،
وحمله على حسن العشرة والسلوك والتحبب إلى مخالطة الناس. فإن من آدابها ما ينبغي أن يصنع قبل البدء بالدخول في (
المرقد المطهر) وزيارته. بدعة زيارة المدينة وقبر الرسول(صلى الله عليه وسلم) - إسلام أون لاين. ومنها ما ينبغي أن يصنع في أثناء الزيارة وفيما
بعد الزيارة. ونحن هنا نعرض بعض هذه الآداب للتنبيه على مقاصدها التي قلناها:
1 - من آدابها أن يغتسل الزائر
قبل الشروع بالزيارة ويتطهر، وفائدة ذلك فيما نفهمه واضحة، وهي أن ينظف الانسان بدنه من الأوساخ ليقيه من كثير من الأمراض والأدواء، ولئلا يتأفف
من روائحه الناس
وأن يطهر نفسه من الرذائل. وقد ورد في المأثور أن يدعو الزائر بعد الانتهاء من الغسل
لغرض تنبيهه على تلكم الأهداف العالية فيقول: ( اللهم اجعل لي نورا وطهورا
وحرزا كافيا من كل داء وسقم ومن كل آفة وعاهة، وطهر به قلبي وجوارحي
وعظامي ولحمي ودمي وشعري وبشري ومخي وعظمي وما أقلت الأرض مني،
واجعل لي شاهدا يوم حاجتي وفقري وفاقتي).
وعن سهْل بن حنيف قال رسولُ الله - صلَّى الله عليْهِ وسلَّم -: ((مَن تطهَّر في بيته ثم أتى مسجِد قباء فصلَّى فيه صلاةً، كان له كأجر عمرة))؛ رواه ابن ماجه (1412) بإسناد حسن، وقوله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((فصلَّى فيه صلاة)) تشْمل صلاة الفرض والنفل، فصلاة نكرة في سياق الشَّرط فتعمُّ كلَّ صلاة، والله أعلم. الحمد لله الَّذي وفَّق مَن شاء من عبادِه إلى التمسُّك بسنَّة نبيِّه، والعمل بها فِعْلاً وترْكًا، فكما أنَّ التعبُّد لله بالعمل متابعة للنَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -فكذلك من التعبُّد لله ترْك العمل الَّذي لم يشرع متابعةً للنبي.