وإنما وصف الله تبارك وتعالى صراطَ المنعَم عليهم بقوله: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾؛ لتأكيد كمال صراط المنعم عليهم؛ لأن الصفات السلبية يؤتى بها لإثبات كمال ضدها، كما في قوله تعالى: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ [الفرقان: 58]. فقوله: ﴿ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ صفة سلبية جيء بها لإثبات كمال ضدها، وهي الحياة. وكقوله تعالى: ﴿ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾ [البقرة: 255]، فهو لإثبات كمال قيُّوميَّتِه، تبارك وتعالى. والغضب: ضد الرضا. وفي الحديث: (( ألا وإن الغضب جمرة توقد في ابن آدم؛ ألا تَرَوْنَ إلى حُمرة عينيه وانتفاخ أوداجه)) [6]. والغضب صفة من صفات الله تعالى يجب إثباتها لله، كما يليق بجلاله وعظمته، ولا تمثل بصفات المخلوقين. ما معنى غير المغضوب عليهم ولا الضالين ؟ - الحل المضمون. قال تعالى: ﴿ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى ﴾ [طه: 81]. وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الشفاعة: (( إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مِثلَه))؛ متفق عليه [7]. والمراد بـ﴿ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ﴾ مَن استوجَبوا غضب الله، ووُصِفوا به، ممن فسدت إرادتهم فعدَلوا عن الحق بعد أن عرَفوه وعَلِموه، وفي مقدمتهم اليهود.
فصل: فوائد: معنى قوله: {غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِمْ}:|نداء الإيمان
فكما سألوه أن يهديهم سألوه ألا يضلهم، وكذلك يدعون فيقولون: (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) [آل عمران: 8] الآية. الرابعة:
(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) اختلف في: {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} و{الضَّالِّينَ} من هم فالجمهور أن المغضوب عليهم اليهود، والضالين النصارى، وجاء ذلك مفسرا عن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى حديث عدى بن حاتم وقصة إسلامه، أخرجه أبو داود الطيالسى فى مسنده، والترمذى فى جامعه. وشهد لهذا التفسيرأيضا قوله سبحانه فى اليهود: (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ) [البقرة: 61 وآل عمران: 112]. وقال: (وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) [الفتح: 6] وقال فى النصارى: (قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) [المائدة: 77]. وقيل: (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) المشركون. معنى غير المغضوب عليهم ولا الضالين. و(الضَّالِّينَ) المنافقون. وقيل: (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) هو من أسقط فرض هذه السورة فى الصلاة، و(الضَّالِّينَ) عن بركة قراءتها. حكاه السلمى فى حقائقه والماوردى فى تفسيره، وليس بشيء. قال الماوردي: وهذا وجه مردود، لأن ما تعارضت فيه الأخبار وتقابلت فيه الآثار وانتشر فيه الخلاف، لم يجز أن يطلق عليه هذا الحكم.
ما معنى غير المغضوب عليهم ولا الضالين ؟ - الحل المضمون
قيل: المغضوب عليهم اليهود لقوله تعالى فيهم: من لعنه الله وغضب عليه. و الضالين النصارى لقوله تعالى: قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا. وقد روي مرفوعا، ويتجه أن يقال: المغضوب عليهم العصاة و الضالين الجاهلون بالله، لأن المنعم عليه من وفق للجمع بين معرفة الحق لذاته والخير للعمل به، وكان المقابل له من اختل إحدى قوتيه العاقلة والعاملة. والمخل بالعمل فاسق مغضوب عليه لقوله تعالى في القاتل عمدا وغضب الله عليه. والمخل بالعقل جاهل ضال لقوله: فماذا بعد الحق إلا الضلال. وقرئ: ولا « الضألين » بالهمزة على لغة من جد في الهرب من التقاء الساكنين. - آمين - اسم الفعل الذي هو استجب. فصل: فوائد: معنى قوله: {غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِمْ}:|نداء الإيمان. وعن ابن عباس قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معناه فقال: « أفعل بني على الفتح كأين لالتقاء الساكنين »
، وجاء مد ألفه وقصرها قال: ويرحم الله عبدا قال آمينا
وقال: أمين فزاد الله ما بيننا بعدا
وليس من القرآن وفاقا، لكن يسن ختم السورة به لقوله عليه الصلاة والسلام: « علمني جبريل آمين عند فراغي من قراءة الفاتحة وقال: إنه كالختم على الكتاب ». وفي معناه قول علي رضي الله عنه: آمين خاتم رب العالمين، ختم به دعاء عبده. يقوله الإمام ويجهر به في الجهرية لما روي عن وائل بن حجر: « أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا قرأ ولا الضالين قال آمين ورفع بها صوته ».
من هم ( المغضوب عليهم ) ومن هم ( الضالون ) ماالدليل من القرآن الكريم والسنة - هوامير البورصة السعودية
والثاني: أن يغفر له ما فرط منه ويرضى عنه ويبوئه في أعلى عليين مع الملائكة المقربين أبد الآبدين. والمراد هو القسم الأخير وما يكون وصلة إلى نيله من الآخرة فإن ما عدا ذلك يشترك فيه المؤمن والكافر. غير المغضوب عليهم ولا الضالين بدل من (الذين) على معنى أن المنعم عليهم هم الذين سلموا من الغضب والضلال. أو صفة له مبينة أو مقيدة على معنى أنهم جمعوا بين النعمة المطلقة، وهي نعمة الإيمان، وبين السلامة من الغضب والضلال وذلك إنما يصح بأحد تأويلين، إجراء الموصول مجرى النكرة إذا لم يقصد به معهود كالمحلى في قوله: ولقد أمر على اللئيم يسبني
وقولهم: إني لأمر على الرجل مثلك فيكرمني. أو جعل غير معرفة بالإضافة لأنه أضيف إلى ما له ضد واحد وهو المنعم عليهم، فيتعين تعين الحركة من غير السكون. من هم ( المغضوب عليهم ) ومن هم ( الضالون ) ماالدليل من القرآن الكريم والسنة - هوامير البورصة السعودية. وعن ابن كثير نصبه على الحال من الضمير المجرور والعامل أنعمت. أو بإضمار أعني. أو بالاستثناء إن فسر النعم بما يعم القبيلين، والغضب: ثوران النفس إرادة الانتقام، فإذا أسند إلى الله تعالى أريد به المنتهى والغاية على ما مر، وعليهم في محل الرفع لأنه نائب مناب الفاعل بخلاف الأول، و (لا) مزيدة لتأكيد ما في (غير) من معنى النفي، فكأنه قال: لا المغضوب عليهم ولا الضالين، ولذلك جاز أنا زيدا غير ضارب، كما جاز أنا زيدا لا ضارب، وإن امتنع أنا زيدا مثل ضارب، وقرئ « وغير الضالين » والضلال: العدول عن الطريق السوي عمدا أو خطأ، وله عرض عريض والتفاوت ما بين أدناه وأقصاه كثير.
1ألف نقاط)
19 مشاهدات
فسر باختصار قول الله تعالى(اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)
ديسمبر 7، 2021
Ghdeer Abdullah
( 469ألف نقاط)
17 مشاهدات
من هم المغضوب عليهم؟
يناير 23، 2021
Mo Rad
( 113ألف نقاط)
من هم المغضوب عليهم
المغضوب عليهم من هم
11 مشاهدات
الذين لا يوصفون بذكورة ولا بأنوثة، ولا يتناسلون:
ديسمبر 15، 2021
أول حق لله على عباده الذين خلقهم ورباهم بنعمته
معلومات عامة...
اهـ. وهناك آثار أخرى عن غير ابن مسعود، وابن عباس، ولكن تحتاج أسانيدها إلى دراسة، وقد ذكر السيوطي بعضها في الدر المنثور، فمنها ما أخرجه ابن المنذر عن أنس في قوله: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ـ قال: الكحل، والخاتم. ومنها ما أخرجه ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي في سننه، عن عائشة - رضي الله عنها-: أنها سئلت عن الزينة الظاهرة، فقالت: القلب، والفتخ ـ وضمت طرف كمها. ومنها ما أخرج عبد الرزاق، وابن جرير، عن المسور بن مخرمة في قوله: إلا ما ظهر منها ـ قال: القلبين ـ يعني السوار ـ والخاتم، والكحل. وقال الماوردي في النكت والعيون: الزينة زينتان: ظاهرة، وباطنة، فالظاهرة لا يجب سترها، ولا يحرم النظر إليها؛ لقوله تعالى: وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ـ وفيها ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنها الثياب، قاله ابن مسعود. الثاني: الكحل، والخاتم، قاله ابن عباس، والمسور بن مخرمة. الثالث: الوجه، والكفان، قاله الحسن، وابن جبير، وعطاء. وأما الباطنة: فقال ابن مسعود: القرط، والقلادة، والدملج، والخلخال، واختلف في السوار، فروي عن عائشة أنه من الزينة الظاهرة، وقال غيرها هو من الباطنة، وهو أشبه لتجاوزه الكفين، فأما الخضاب: فإن كان في الكفين، فهو من الزينة الظاهرة، وإن كان في القدمين فهو من الباطنة، وهذا الزينة الباطنة يجب سترها عن الأجانب، ويحرم عليهم تعمد النظر إليها، فأما ذوو المحارم، فالزوج منهم يجوز له النظر، والالتذاذ، وغيره من الآباء، والأبناء، والإخوة يجوز لهم النظر، ويحرم عليهم الالتذاذ.
ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن تفسير الميزان
حدثنا أبو كريب ، قال: ثنا مروان ، قال: ثنا مسلم الملائي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس: ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) قال: الكحل والخاتم. حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي ، قال: ثنا مروان ، عن مسلم الملائي ، عن سعيد بن جبير ، مثله. ولم يذكر ابن عباس. حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا هارون ، عن أبي عبد الله نهشل ، عن الضحاك ، عن [ ص: 157] ابن عباس ، قال: الظاهر منها: الكحل والخدان. حدثنا ابن بشار ، قال: ثنا أبو عاصم ، قال: ثنا سفيان ، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز ، عن سعيد بن جبير ، في قوله: ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) قال: الوجه والكف. حدثنا عمرو بن عبد الحميد ، قال: ثنا مروان بن معاوية ، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز المكي ، عن سعيد بن جبير ، مثله. حدثني علي بن سهل ، قال: ثنا الوليد بن مسلم ، قال: ثنا أبو عمرو ، عن عطاء في قول الله ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) قال: الكفان والوجه. حدثنا ابن بشار ، قال: ثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة قال: الكحل ، والسوران ، والخاتم. حدثني علي ، قال: ثنا عبد الله ، قال: ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله: ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) قال: والزينة الظاهرة: الوجه ، وكحل العين ، وخضاب الكف ، والخاتم ، فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها.
ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها يُقصد به
وقال: آخرون: بل معنى ذلك: أو ما ملكت أيمانهن من إماء المشركين ، كما قد ذكرنا عن ابن جريج قبل من أنه لما قال: ( أو نسائهن) عنى بهن النساء المسلمات دون المشركات ، ثم قال: أو ما ملكت أيمانهن من الإماء المشركات.
ولا يبدين زينتهن إلا ماظهر
وقيل: هو الأَبْلَه الذي لا يدري من أمر النساء شيئًا. وقيل: هو المجبوب أو الخصي. وقيل: هو المخنث. واتفق أهل العلم على أن التابع الذي لا إربة له، إذا عرف عنه أنه يصف النساء للرجال الأجانب، فإنه لا يجوز للمرأة أن تتبذل أمامه. وقال ابن كثير في تفسيره: وفي الصحيح من حديث الزهري عن عروة عن عائشة، أن مخنثًا كان يدخل على أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينعت امرأة يقول: إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمانٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أرى هذا يعلم ما ههنا، لا يدخلن عليكم))، فأخرجه، فكان بالبيداء يدخل كل يوم جمعة ليستطعم. وروى الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة أنها قالتْ: دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندها مخنث، وعندها عبدالله بن أبي أمية - يعني: أخاها - والمخنث يقول: يا عبدالله، إن فتح الله عليكم الطائف غدًا فعليك بابنة غيلان، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمانٍ، قال: فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لأم سلمة: ((لا يدخل هذا عليكِ))؛ أخرجاه في الصحيحين من حديث هشام بن عروة.
ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن
واللام في قوله: ﴿ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ﴾:
يجوز أن تكون للعاقبة، فيحرُم على المرأة أن تضربَ برجلها الأرض أمام الرجال الأجانب، وإن لم تقصد إسماع أحد؛ إذ إن عاقبة الضرب بالأرجل هو هذا الإسماع، ما دام في رجل المرأة الخلخال. وقيل: بل اللام للتعليل، وعليه فإذا لم تقصد المرأة الإعلام بزينتها الخفية، فلا إثم عليها عملًا بالمفهوم. وقوله تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾؛ أي: وارجعوا إلى ربكم طالبين عفوه ومغفرته، فإنكم لا تخلون من تقصيره، لا سيما هذا الباب الخطير، والمنيب إلى الله تعالى أهل للسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة. تنبيه: ليس في كتاب الله تعالى آية أكثر ضمائر مِن هذه الآية، فقد جمعتْ خمسة وعشرين ضميرًا للمؤمنات من مخفوض ومرفوع. الأحكام:
1) لا يجوز نظر المرأة إلى الرجل بشهوة. 2) يحرم نظر المرأة إلى كل ما يخشى منه الفتنة عليها لو نظرت إليه. 3) يجب على المرأة صرف نظرها إن وقع على عورة من العورات. 4) لا يجوز للمرأة أن تكشف عن عورتها. 5) يحرم على المرأة أن تلبس الملابس الرقيقة التي تشف عن جسمها. 6) لا يجوز للمرأة أن تظهر شيئًا من زينتها إلا ما يظهر رغمًا عنها.
الغَرَض الذي سِيقَتْ له الآية: تحصين النساء، وبيان من يجوز للمرأة أن تتبذل لديهم. ومناسبتها لما قبلها: لما أمر الرجال بغض البصر وحفظ الفرج، أمر النساء بغض البصر وحفظ الفرج كذلك، وبيَّن من يجوز للمرأة أن تتبذل لديه. وقوله: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ ﴾ معطوف على قوله: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾، والعطف للمغايرة إن قلنا: إن النساء لا يدخلن في الخطاب الوارد بصيغة الجمع المذكر؛ كما هو مذهب جمهور الأصوليين. أما إذا قلنا: إن النساء يدخلن في الخطاب الوارد بصيغة الجمع المذكر كما هو مذهب بعض الأصوليين، ومنهم القاضي أبو يعلى؛ فإن العطف يكون هنا من باب عطف الخاص على العام للتأكيد، لا سيما وأن المرأة هنا قد اختصت ببعض الأوامر. و(الزينة) قد تطلق على الثياب الساترة للعورة، ومنه قوله تعالى: ﴿ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [الأعراف: 31]، وقد تطلق الزينة على ما تتحلى به المرأة وتتجمل به؛ كالخاتم، والكحل، والسوار، والقرط، والخلخال. وقد أشارت الآية إلى أن الزينة قسمان: ظاهرة وخفية، وقد اختلف أهل العلم في الزينة الظاهرة؛ فذهب ابن مسعود رضي الله عنه إلى أنها الثياب؛ يعني: التي تظهر من المرأة ضرورة؛ وهو مذهب أحمد رحمه الله، وهو الصحيح من قولي الشافعي رضي الله عنه، فلا يجوز للمرأة أن تظهر شيئًا من جميع بدنها للرجال الأجانب.
كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن يمنع نساء أهل الكتاب أن يدخلن الحمام مع المسلمات قوله تعالى: ( أو ما ملكت أيمانهن) اختلفوا فيها ، فقال قوم: عبد المرأة محرم لها ، فيجوز له الدخول عليها إذا كان عفيفا ، وأن ينظر إلى بدن مولاته إلا ما بين السرة والركبة ، كالمحارم وهو ظاهر القرآن. وروي ذلك عن عائشة وأم سلمة ، وروى ثابت عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها ، وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها ، وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها ، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما تلقى قال: " إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك ". وقال قوم: هو كالأجنبي معها ، وهو قول سعيد بن المسيب ، وقال: المراد من الآية الإماء دون العبيد. وعن ابن جريج أنه قال: أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أنه لا يحل لامرأة مسلمة أن تتجرد بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون تلك المرأة المشركة أمة لها. قوله - عز وجل -: ( أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال) قرأ أبو جعفر وابن عامر وأبو بكر " غير " بنصب الراء على القطع لأن " التابعين " معرفة و " غير " نكرة. وقيل: بمعنى " إلا " فهو استثناء ، معناه: يبدين زينتهن للتابعين إلا ذا الإربة منهم فإنهن لا يبدين زينتهن لمن كان منهم ذا إربة.