وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ يقول: ما تركك ربك، وما أبغضك. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ قال: ما قلاك ربك وما أبغضك؛ قال: والقالي: المبغِض. وذُكر أن هذه السورة نزلت على رسول الله ﷺ تكذيبا من الله قريشا في قيلهم لرسول الله، لما أبطأ عليه الوحي: قد ودّع محمدًا ربه وقلاه. * ذكر الرواية بذلك:
⁕ حدثني عليّ بن عبد الله الدهان، قال: ثنا مفضل بن صالح، عن الأسود بن قيس العبديّ، عن ابن عبد الله، قال: لما أبطأ جبريل على رسول الله ﷺ، فقالت امرأة من أهله، أو من قومه: ودّع الشيطان محمدا، فأنزل الله عليه: ﴿وَالضُّحَى﴾... إلى قوله: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾. قال أبو جعفر: ابن عبد الله: هو جندب بن عبد الله البجلي. والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى. ⁕ حدثني محمد بن عيسى الدامغاني، ومحمد بن هارون القطان، قالا ثنا سفيان، عن الأسود بن قيس سمع جندبا البجليّ يقول: أبطأ جبريل على النبيّ ﷺ حتى قال المشركون: ودّع محمدا ربه، فأنزل الله: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾.
تفسير ما ودعك ربك وما قلى [ الضحى: 3]
القول في تأويل قوله جل جلاله وتقدست أسماؤه ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣) وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى (٨) ﴾. أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالضحى، وهو النهار كله، وأحسب أنه من قولهم: ضَحِيَ فلان للشمس: إذا ظهر منه؛ ومنه قوله: ﴿وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى﴾: أي لا يصيبك فيها الشمس. وقد ذكرت اختلاف أهل العلم في معناه في قوله: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ مع ذكري اختيارنا فيه. وقيل: عُنِي به وقت الضحى. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الضحى - الآية 3. * ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿وَالضُّحَى﴾ ساعة من ساعات النهار. * * *
وقوله: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾
اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: والليل إذا أقبل بظلامه. ⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ يقول: والليل إذا أقبل. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن، في قول الله: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ قال: إذا لَبِسَ الناس، إذَا جاء.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الضحى - الآية 3
⁕ حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الأسود بن قيس، أنه سمع جندبا البجلي قال: قالت امرأة لرسول الله ﷺ: ما أرى صاحبك إلا قد أبطأ عنك، فنزلت هذه الآية: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾. تفسير ما ودعك ربك وما قلى [ الضحى: 3]. ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، قال سمعت جندب بن عبد الله يقول: إن امرأة أتت النبيّ ﷺ فقالت: ما أرى شيطانك إلا قد تركك، فنزلت: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾. ⁕ حدثنا ابن أبي الشوارب، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا سليمان الشيباني، عن عبد الله بن شدّاد أن خديجة قالت للنبيّ ﷺ ما أرى ربك إلا قد قلاك، فأنزل الله: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ قال: إن جبريل عليه السلام أبطأ عليه بالوحي، فقال ناس من الناس، وهم يومئذ بمكة، ما نرى صاحبك إلا قد قلاك فودّعك، فأنزل الله ما تسمع: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ قال: أبطأ عليه جبريل، فقال المشركون: قد قلاه ربه وودّعه، فأنزل الله: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾.
وسيبويه ١: ١٧، والخزانة ١: ٤٨٦، وهو من أبيات سيبويه الخمسين التي لا يعرف قائلها. قال الشنتمري: "أراد من ذنب، فحذف الجار وأوصل الفعل فنصب" والذنب هنا اسم جنس بمعنى الجمع. فلذلك قال: "لست محصيه". والوجه: القصد والمراد، وهو بمعنى التوجه". ]] وقول الراجز:
يا حَبَّذَا القَمْرَاءُ وَاللَّيْلُ السَّاجْ
وطُرُقٌ مِثْلُ مُلاءِ النَّسَّاجْ [[البيت ليس في ديوانه. ومن القصيدة أبيات فيه: ٢٣، (مطبوعة محمد جمال) ، والمجتنى لابن دريد: ٢٣، يصف فرسًا. والعير: حمار الوحش. والحضر: العدو الشديد، وحمار الوحش شديد العدو. والونى: التعب والفترة في العدو أو العمل. والأشعب: الظبي تفرق قرناه فانشعبا وتباينا بينونة شديدة. ونبح الكلب والظبي والتيس ينبح نباحًا، فهو نباح، إذا كثر صياحه، من المرح والنشاط. معنى ما ودعك ربك وما قلى. والظبي إذا أسن ونبتت لقرونه شعب، نبح (الحيوان ١: ٣٤٩). يصف فرسه بشدة العدو، يلحق العير المدل بحضره، والظبي المستحكم السريع، فيصيدها قبل أن يناله تعب. ]] وقوله: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾
وهذا جواب القسم، ومعناه: ما تركك يا محمد ربك وما أبغضك. وقيل: ﴿وَمَا قَلَى﴾ ومعناه. وما قلاك، اكتفاء بفهم السامع لمعناه، إذ كان قد تقدّم ذلك قوله: ﴿مَا وَدَّعَكَ﴾ فعرف بذلك أن المخاطب به نبيّ الله ﷺ.
الخطبة الأولى ( احذر الفتور في العشر الأواخر) 20/9/1443
أما بعد فيا أيها الناس: نحن نعيش في زمن فاضل ، تقال في العثرات ، وتسكب فيه العبرات ، وتضاعف فيه الحسنات ، وإن النفس ملولة ، تفتر بسرعة ، خصوصا تلك النفس التي لم تعتد على العبادة ، والمسابقةِ في الخير ، فتجدها تمل بسرعة ، وتحب أن تعود إلى سابق عهدها من اللعب واللهو والتقصير في العبادة.
الفتور في العبادة .. وكيفية تقوية الإيمان - موقع الاستشارات - إسلام ويب
وهكذا يحث صلى الله عليه وسلم أمته أن لا يشقوا على أنفسهم فلا يتشدد في الدين أحد إلا غلبه، وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. فليتعبد المؤمن بما لا يشق عليه وعلى الله القبول. المباحث العربية (وكان يحجره من الليل) بضم الياء وفتح الحاء وبالجيم المشددة المكسورة. وضبطه بعضهم بفتح الياء وسكون الحاء وضم الجيم أي يتخذه حجرة أو يقيمه حجرة. فتور العبادة. (فثابوا ذات ليلة) أي رجعوا إلى التجمع. (عليكم من الأعمال ما تطيقون) بضم التاء من أطاق بمعنى قدر، وليس المعنى ما تطيقونه، بل المعنى ما تطيقون الدوام عليه بلا ضرر ومشقة وحرج. وعليكم اسم فعل أمر بمعنى الزموا. (فإن اللَّه لا يمل حتى تملوا) الملل السآمة، أو فتور يعرض للنفس من كثرة مزاولة شيء، فيوجب الكلال في الفعل والإعراض عنه، يقال: مل يمل بفتح الميم فيهما، وفي الرواية السادسة: لا يسأم حتى تسأموا. وهما بمعنى. والملل والسآمة بالمعنى المتعارف في حقنا محال على الله تعالى، فيجب تأويله في جانبه تعالى. قال النووي: قال المحققون: معناه لا يعاملكم معاملة المال فيقطع عنكم ثوابه وجزاءه وبسط فضله ورحمته حتى تقطعوا عملكم [هذه عبارته وكان الأولى أن يقول: لا يقطع أو لا ينقص عنكم ثوابه حتى تملوا وتسأموا ويذهب نشاطكم، وهذا المعنى في غاية الحسن، وفيه التنفير من العبادة مع السآمة حيث تصبح بعيدة عن الأجر المحبوب، ويقوي هذا المعنى ما رواه الطبري في تفسير سورة المزمل بلفظ: إن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل.
فتور العبادة
الثانية: أن يتدنى مستواه إلى درجة أن يترك بعض الفرائض و يفعل بعض الكبائر ويتساهل في مصاحبة أهل الفسق ويقسو قلبه ويصغي إلى كلام أهل الشبهات والضلال ويتتبع الرخص في المسائل ، فهذه حالة مرضية تنبئ عن الخطر ويجب على المؤمن حينئذ أن يعلم أنه على شفا هلكة وأن يسعى جاهدا لإنقاذ نفسه بأسرع وقت وإلا انتهى به المطاف إلى الإنتكاسة والعياذ بالله. الفتور في العبادة .. وكيفية تقوية الإيمان - موقع الاستشارات - إسلام ويب. أسباب الفتور: هناك أسباب كثيرة توقع المرء في الفتور ،ومن أهمها: الأول: ديني ، فقد يكون المرء حينما استقام لم يتلق منهجا تربويا كاملا في العلم والعمل والاعتقاد ، أو قد يكون أخذ الدين بشدة وغلو في العبادة والسلوك والنظر إلى المجتمع والحكم على الآخرين ، فإذا ذهب حماسه انحرف ولم يقو على المواصلة أو إذا تلقى هزة عنيفة تفلت من الإستقامة لأنه لم يبن تدينه على أصول ثابتة. الثاني: نفسي ، قد يبتلى الإنسان ويصاب بمرض نفسي كالوسواس أو الإكتئاب أو الرهاب ومع الإهمال يشتد ذلك عليه حتى يؤثر على دينه ويصيبه الفتور وإذا طال به الأمر ربما يؤدي إلى ترك التدين مطلقا. الثالث: اجتماعي ، فقد يكون يعاني من مشكلة إجتماعية كأن يكون أعزبا بحاجة إلى الزواج أو حصل له طلاق ولا يزال يرتبط عاطفيا بشريكه أو امرأة ترملت بموت زوجها وحصل لها فراغ أو.... ، فتستولي هذه المشكلة على تفكيره وتشغل باله مع فقر رغباته الفطرية ، وفي بداية الإستقامة ينشغل بالطاعة فإذا ذهب الحماس والنشاط ظهرت المشكلة وأثرت على مستواه وربما صرفته والعياذ بالله عن الإستقامة.
ويجدر التنبيه هنا على مسألة مهمة وهي أن كل رجل أو امرأة كان له ماضي سيء وأحوال مخالفة للشرع وإدمان للكبائر زمنا طويلا ثم تاب واستقام فإنه معرض في أي وقت للإنتكاسة إذا أصابته هزة عنيفة أيا كانت إلا ما شاء الله ، وهذا أمر مشاهد ، ولذلك يتطلب الأمر منه بذل جهد أكبر من غيره في إصلاح نفسه وتربيتها على الطاعة وتعاطي أسباب الثبات. علاج الفتور: إن لكل مشكلة علاج خاص ويختلف ذلك من شخص لآخر ومن بيئة لأخرى ووسائل العلاج كثيرة ولكن هناك أمور عامة تصلح لكل مشكلة في الجملة ومن تعاطاها انتفع بها وزال عنه الفتور: الأول: أن يسأل الله بصدق وإخلاص إصلاح حاله ويكثر من التضرع ومناجاة الله ويداوم على ذلك ويتخير الأوقات والأماكن الفاضلة ، ومن ألح على الله وطرق بابه فتح عليه ورفع ما به. الثاني: أن يتفقه في دين الله القدر الذي يرفع الجهل عنه ويكشف الشبهات ويدفع الوساوس والخطرات ويحميه من الشهوات. الثالث: أن يحرص على الرفقة الصالحة والدخول في البرامج الإيمانية التي تصلح قلبه وتحفظ دينه وتقوي نشاطه في الخير ، وإذا لم تسمح ظروفه بذلك فليتواصل معهم عن طريق الإنترنت وغيرها من الوسائل العصرية. الرابع: أن يبتعد عن البيئة الفاسدة وأهل الشهوات بكل وسيلة ، ولذلك أرشد الشارع الحكيم التائب من المعصية بتغيير بيئته والإنتقال من مكان المعصية والغفلة.