اقرأ أيضاً أنواع الأموال الربوية أنواع الربا
تفسير (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)
قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ). [١] لقد تعددت أقوال أهل التفسير في تأويل الآية الكريمة، وهي: [٢]
القول الأول: وهو قول الأصمّ، أنّه يقصد بها المسافر والمريض إن كانا لا يقدران على الصوم، فيترتب عليهما القضاء، وإنا كانا قادرين على الصيام، فيكون حينها مخيّرًا ما بين الصوم والإفطار، فإذا أفطر فعليه الفدية. القول الثاني: يقصد به المقيم، غير المريض، فكان مخيّر بين الصيام وعدمه، إلى أن تم نسخ حكم الآية، فوجب الصيام في حقّه، وأكثر المفسّرين والفقهاء على هذا القول، واختاره الشافعي. القول الثالث: نزلت الآية الكريمة في حق كبير السن، وتأويل ذلك من وجهيْن،
الوجه الأول: فقالوا بأن السعة فوق الطاقة، فالسعة، اسم لمن كان قادرًا على الشيء دون مواجهة الصعوبة، أمّا الطاقة اسم لمن كان قادرًا على الشيء مع صعوبة ذلك عليه،
الوجه الثاني: فمقصود "وعلى الّذين يطيقونه" أي المقدرة على الصوم مع المشقة؛ فالشيخ الهرم إذا ما أفطر فيترتب عليه الفدية.
وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين
والرابع: أنه قال بعد ذلك: "فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم"، وهو أيضًا مناقض لقوله "كتب عليكم الصيام". قلت: فالتأويل الصحيح أن معنى قوله "وعلى الذين يطيقونه": يطيقون الطعام فدية، وعلى هذا فالمعنى أن الرخصة لم تكن للقادرين على الصوم المطيقين له، وإنما كانت الرخصة للمرضى والمسافرين أن يقضوا تلك الأيام، أو يطعموا عن كل يوم مسكينا إن قدروا على الإطعام، وإن لم يقدروا فليس لهم إلا قضاء تلك الأيام. ثم نسخ ذلك الترخيص ولم يبق للمرضى والمسافرين إلا القضاء، وأعيد أمر المسافرين والمرضى في الآية التالية "فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة" تنبيها وتأكيدا على أن رخصة الفدية قد نسخت، وأن ليس عليهم إلا القضاء. ويشكل على هذا التأويل أن الطعام لم يسبق ذكره في الآية، ورجوع الضمير إلى المتأخر قبيح، وهذا ما يعبر عنه بالإضمار قبل الذكر، ولم يبحه أئمة النحو. قلت: هذا الذي اخترناه ليس بدعا، قال أبو جعفر: وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة أن معنى قوله" وعلى الذين يطيقونه": وعلى الذين يطيقون الطعام"، وقد ذهب الشاه ولي الله الدهلوي أيضًا إلى أن "يطيقونه" معناه "يطيقون الطعام" وإن كان له تأويل مختلف عن تأويلنا.
القول الثاني: إن خافتا على أنفسهما فعليهم القضاء فقط ، وإن خافتا على ولديهما فعليهما القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم ، وهو مذهب الإمامين الشافعي وأحمد. وحكاه الجصاص عن ابن عمر رضي الله عنهما. القول الثالث: عليهما الإطعام فقط ، ولا قضاء عليهما. وقال به من الصحابة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، وحكاه ابن قدامة في "المغني" (3/37) عن ابن عمر أيضًا رضي الله عنهما. وقد فصلناه بأدلته في جواب السؤال رقم: ( 49794)،( 208441). فالحاصل أن مذهب ابن عباس معمول به عند بعض العلماء. قال "ابن كثير" في "التفسير" (1/ 500) بتصرف:
" وقال البخاري... عن عطاء سمع ابن عباس يقرأ: " وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين ". قال ابن عباس: ليست منسوخة، هو للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا.... وعن ابن عباس قال نزلت هذه الآية: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم، ثم ضعف، فرخص له أن يطعم مكان كل يوم مسكينا.... وقال ابن أبي ليلى، قال: دخلت على عطاء في رمضان، وهو يأكل، فقال: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا، ثم نزلت هذه الآية فنسخت الأولى، إلا الكبير الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينا وأفطر.
صحيح مسلم؛ للإمام مسلم بن الحجاج، حققه ورقمه محمد فؤاد عبد الباقي، دار عالم الكتب-الرياض، الطبعة الأولى، 1417هـ. كنوز رياض الصالحين، لحمد بن ناصر العمار، دار كنوز إشبيليا- الطبعة الأولى1430هـ. شرح رياض الصالحين؛ للشيخ محمد بن صالح العثيمين، مدار الوطن، الرياض، 1426هـ. رياض الصالحين د. ماهر بن ياسين الفحل دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق - بيروت - الطبعة: الأولى، 1428 هـ - 2007 م - منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري/ حمزة محمد قاسم راجعه: الشيخ عبد القادر الأرناؤوط - عني بتصحيحه ونشره: بشير محمد عيون- مكتبة دار البيان، دمشق - الجمهورية العربية السورية، مكتبة المؤيد، الطائف - المملكة العربية السعودية 1410 هـ - 1990 م. الدرر السنية. الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي أو الداء والدواء- الناشر: دار المعرفة - المغرب الطبعة: الأولى، 1418هـ - 1997م. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين؛ لمحمد بن علان الشافعي، تحقيق خليل مأمون شيحا-دار المعرفة-بيروت-الطبعة الرابعة1425ه. بهجة الناظرين شرح رياض الصالحين؛ تأليف سليم الهلالي، دار ابن الجوزي- الطبعة الأولى1418ه. نزهة المتقين شرح رياض الصالحين؛ تأليف د. مصطفى الخِن وغيره، مؤسسة الرسالة-بيروت، الطبعة الرابعة عشرة، 1407هـ.
حديث انا عند حسن ظن عبدي بي
أبو هريرة | المحدث:
مسلم
|
المصدر:
صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2675 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
التخريج:
أخرجه البخاري (7405)، ومسلم (2675).
وخرجه الطبراني من حديث أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: يقول الله -عز وجل-: إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الفقر، وإن بسطت عليه أفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الصحة، ولو أسقمته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا السقم، ولو أصححته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من يطلب بابا من العبادة فأكفه عنه لكيلا يدخله العجب، إني أدبر أمر عبادي بعلمي بما في قلوبهم، إني عليم خبير. شرح حديث قال الله -عز وجل-: أنا عند ظنِّ عَبدي بي. اهـ. (والحديث ضعفه الألباني ، وغيره). والله أعلم.