وسواء كان هذا أو هذا؛ فإن الكذب لا يجوز إلا في هذه الثلاث على رأي كثير من أهل العلم، وبعض العلماء يقول: الكذب لا يجوز مطلقًا؛ لا مزحًا، ولا جِدًّا، ولا إذا تضمن أكل مال أو لا. وأشد شيء من الكذب أن يكذب ويحلف ليأكل أموال الناس بالباطل؛ مثل أن يدَّعي عليه بحق ثابت، فينكر، ويقول: والله ما لك عليَّ حق، أو يدَّعي ما ليس له، فيقول: لي عندك كذا وكذا، وهو كاذب، فهذا إذا حلف على دعواه وكَذَب؛ فإن ذلك هو اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم، ثم تغمسه في النار والعياذ بالله. 486 من: ( باب تحريم الكذب). وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ؛ لَقِيَ اللهُ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» [3] ؛ فالحاصل أن الكذب حرام، ولا يجوز للإنسان أن يكذب مطلقًا، لا هازلًا ولا جادًّا، إلا في المسائل الثلاث، على خلاف بين العلماء في معنى الحديث السابق. [1] أخرجه البخاري (6094)، ومسلم (2607). [2] أخرجه أبو داود (4990). [3] متفق عليه: أخرجه البخاري (4594)، ومسلم (138).
ما يزال الرَّجل يكذب، ويتحرَّى الكذب حتى يُكْتَب عند الله كذَّابًا - Youtube
قَالَ: وَإِنَّ مُحَمَّدًا قَالَ لَنَا: " لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا " (1) (1) إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو الأحوص - وهو عوفُ بن مالك بن نضلة الجشمي - من رجال مسلم، وبقيةُ رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو إسحاق: هو السبيعي. وأخرجه بقسميه الموقوفِ والمرفوع مطولًا أبو يعلى (5363) عن أبي خيثمة زهير بن حرب، عن عفان بن مسلم، بهَذا الإسناد. وأخرجه عبدُ الرزاق (20076) ، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (8518) عن معمر، عن أبي إسحاق، به. والمرفوع منه أخرجه مسلم (2606) ، والبيهقَي في "السنن " 10/426 من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، به. ما يزال الرَّجل يكذب، ويتحرَّى الكذب حتى يُكْتَب عند الله كذَّابًا - YouTube. والموقوفُ منه أخرجه وكيع في "الزهد" (396) عن أبيه، وعبد الرزاق (20076) ، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (8518) عن معمر، وكيع أيضاً (396) ، والبغوي في "شرح السنة" (3575) من طريق إسرائيل، والطبراني أيضاً (8526) من طريق أبي عوانة، أربعتُهم عن أبي إسحاق، به. وأخرجه وكيع أيضاً (395) ، ومن طريقه ابن أبي شيبة 8/591، وهنَّاد في "الزهد" (1369) ، والطبري في "التفسير" (17459) و (17460) عن الأعمش، عن إبراهيم - وهو النخعي -، عن عبدِ الله، وعن الأعمش، عن مجاهد، عن أبي معمر عبد الله بنِ سَخْبَرة، عن عبد الله، قال: لا يَصْلُحُ الكذِبُ في هزلٍ ولا جد.
486 من: ( باب تحريم الكذب)
وحذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من الكذب و بين مضرته وشؤم عاقبته، فهو أصل الفجور الذي هو طريق إلى النار. معاني الكلمات:
عليكم بالصدق
أي الزموا الصدق، والصدق: هو ضد الكذب، وهو الإخبار بالشيء على وفق الواقع. البر
البر اسم جامع للخير كله، من فعل الحسنات وترك السيئات، ويطلق على العمل الصالح الدائم المستمر معه إلى الموت. يتحرى الصدق
أي يقصده ويعتني به. حتى يكتب
أي حتى يحكم له بهذا الوصف وينال مثل ما ينالون. شرح حديث ابن مسعود: إن الصدق يهدي إلى البر. يكذب
هو الإخبار بالشيء على خلاف ما في الواقع. الفجور
هو اسم جامع للشر، ويطلق على الانبعاث في المعاصي غير مكترث بممارسة الفسق والفساد. كذابا
هو من يتكرر منه الكذب حتى يعرف به ويصير له سجية وخلق. فوائد من
الحديث:
أن للجنة أعمالًا توصل إليها منها الصدق، وأن للنار أعمالًا توصل إليها منها الكذب. الأمر بالصدق لأنه يدل ويوصل إلى البر الذي هو جِمَاع الخير، والبر هو الطريق المستقيم للجنة. أن الصدق خلق كريم يحصل بالاكتساب والمجاهدة، فإن الرجل ما يزال يصدق ويتحرى الصدق، حتى يكون الصدق سجية له وطبعًا، فيكتب عند الله من الصديقين والأبرار. أن الكذب خلق ذميم يكتسبه صاحبه من طول ممارسته، وتحريه قولاً وفعلاً، حتى يصبح خُلقاً وسجية، ثم يكتب عند الله -تعالى- كثير الكذب عديم الصدق.
شرح حديث ابن مسعود: إن الصدق يهدي إلى البر
مقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 14/12/2019 ميلادي - 17/4/1441 هجري
الزيارات: 147120
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إنَّ الصِّدقَ يَهْدِي إِلَى البرِّ، وَإِنَّ البر يَهدِي إِلَى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا». متفق عليه [1]. قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله للصدق، فقال: باب الصدق، وذكر آيات سبق الكلام عليها. أما الأحاديث؛ فقال: عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ... ». قوله: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ»؛ أي: الزموا الصدق؛ والصدق: مطابقة الخبر للواقع؛ يعني: أن تخبر بشيء فيكون الخبر مطابقًا للواقع؛ مثال ذلك: إذا قلت لمن سألك: أيُّ يوم هذا؟ فقلت: اليوم يوم الأربعاء؛ وهو يوم الأربعاء فعلًا؛ فهذا صدق، ولو قلت: يوم الثلاثاء لكان كذبًا، فالصدق مطابقة الخبر للواقع، وقد سبق في حديث كعب بن مالك رضي الله عنه وصاحبيه ما يدل على فضيلة الصدق وحسن عاقبته، وأن الصادق هو الذي له العاقبة، والكاذب هو الذي يكون عمله هباء؛ ولهذا يُذكر أن بعض العامة قال: إن الكذب ينجي، فقال له أخوه: الصدق أنجى وأنجى، وهذا صحيح.
وأخرجه هناد في "الزهد" (1365) ، ومسلم (2607) (105) ، والترمذي (1971) ، والبيهقي في "السنن" 10/196، والبغوي (3574) ، من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حسن صحيح. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (386) ، ومسلم (2607) (105) ، وأبو داود (4989) ، والشاشي (512) و (513) ، وابن حبان (272) ، والبيهقي في "السنن" 1/195-196، من طرق عن الأعمش، به. وسيأتي برقم (3727) و (3896) و (4022) و (4095) و (4108) و (4160) و (4187). وفي الباب عن أبي بكر تقدم برقم (5) و (17) و (34) و (44). قوله: "يهدي": أي: يؤدي إليه. يتحرى الكذب: أي: يتعمده، ويقصده، والتحري: القصد، والاجتهاد في الطلب، والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول. "النهاية". الكتاب: مسند الإمام أحمد بن حنبل المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ) المحقق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي
(الشاملة)