قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا معاذ بن معاذ عن ابن عون عن محمد بن سيرين قال: كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً يفرغ منه قال: أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم]. هذا إذا لم يتأكد يقول: أو كما قال، فقال هذا أو شبهه أو نحوه، يعني: يتأكد من لفظ الحديث فيقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، ثم يقول في آخره: أو كما قال أو نحو هذا، أو مثل هذا، أو شبه هذا، أو هذا معناه، هذا كله من التوقي حتى لا يقول على النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله. قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة ح وحدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قلنا لـ زيد بن أرقم رضي الله عنه: حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كبرنا ونسينا والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد]. قوله كبرنا ونسينا يعني: تقدمت به السن، فإذا تقدمت السن بالإنسان ينسى كثيراً، ولهذا كان زيد بن أرقم يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يحدث إلا ما تأكد منه، وإذا طلبوا منه الإكثار من الحديث قال: كبرنا ونسينا.
شرح وترجمة حديث: يا رسول الله، من أحق بحسن الصحبة؟ قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدناك أدناك - موسوعة الأحاديث النبوية
وروى أبو داود عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله رجل يريد الجهاد في سبيل الله تعالى ، وهو يبتغي عرضا من عرض الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا أجر له» فأعظم ذلك الناس ، وقالوا للرجل: عد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلعلك لم تفهمه فقال: يا رسول الله ، رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرضا من عرض الدنيا قال: «لا أجر له» فقال للرجل: عد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له الثالثة فقال له: «لا أجر له». وروى النسائي عن أبي أمامة - رضي الله تعالى عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شيء له ، فأعادها ثلاث مرات ، يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا شيء له ، ثم قال: إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا ، وابتغي به وجهه. [ ص: 314]
وروى الإمام أحمد عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت: قلت: يا رسول الله تغزو الرجال ولا تغزو النساء ، وإنما لنا نصف الميزان ، فأنزل الله تعالى: ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض [النساء: 32]. وروى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تعدون الشهيد فيكم ؟ قالوا: يا رسول الله ، من قتل في سبيل الله فهو شهيد.
حديث: من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا
2- بعد الأذان: ويدلُّ عليه حديث عبدالله بن عمرو أنه سمِع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا سمِعتم المؤذِّنَ فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُّوا عليَّ، فإنه مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللهُ عليه بها عشرًا... ))؛ رواه مسلم. 3- عند دخول المسجد والخروج منه: ويدلُّ عليه حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخل أحدُكم المسجدَ فليسَلِّمْ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وليقل: اللهمَّ افتَحْ لي أبوابَ رحمتِكَ، وإذا خرج فليُسَلِّمْ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهمَّ أجِرْني من الشيطان الرجيم))؛ رواه النسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، والحاكم وصحَّحه. 4- الدعاء: ويدُلُّ عليه حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: "سمِع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يدعو في صلاته، فلم يُصَلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( عَجِلَ هذا))، ثم دعاه فقال له أو لغيره: (( إذا صلَّى أحدُكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثمَّ ليُصَلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليَدْعُ بَعْدُ بما شاء))؛ رواه الترمذي وصحَّحه، وصحَّحه الألباني في صحيح الترمذي (3477). 5- بعد التكبيرة الثانية من صلاة الجنازة: نقل ابن هبيرة الإجماع على هذا؛ [انظر: الإفصاح (1/ 190)].
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، مَنْ أحقُّ الناس بِحُسن صَحَابَتِي؟ قال: «أمك» قال: ثم مَنْ ؟ قال: «أمك»، قال: ثم مَنْ؟ قال: «أمك»، قال: ثم مَنْ؟ قال: «أبوك». متفق عليه. وفي رواية: يا رسول الله، مَنْ أحقُّ بحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قال: «أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدْنَاك أدْنَاك». [ صحيح. ] - [الرواية الأولى: متفق عليها. الرواية الثانية: رواها مسلم. ] الشرح
هذا الحديث يدل على أن لكل من الأبوين حقًا في المصاحبة الحسنة؛ والعناية التامة بشؤونه (وصاحبهما في الدنيا معروفًا)، ولكن حق الأم فوق حق الأب بدرجات، إذ لم يذكر حقه إلا بعد أن أكد حق الأم تمام التأكيد، بذكرها ثلاث مرات، وإنما علت منزلتها منزلته مع أنهما شريكان في تربية الولد هذا بماله ورعايته؛ وهذه بخدمته في طعامه وشرابه، ولباسه وفراشه و... إلخ. لأن الأم عانت في سبيله ما لم يعانه الأب، فحملته تسعة أشهر وهنًا على وهنٍ، وضعفًا إلى ضعف؛ ووضعته كرهًا؛ يكاد يخطفها الموت من هول ما تقاسي، وكذلك أرضعته سنتين، ساهرة على راحته، عاملة لمصلحته وإن برحت بها في سبيل ذلك الآلام وبذلك نطق الوحي: (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)، فتراه وصى الإنسان بالإحسان إلى والديه؛ ولم يذكر من الأسباب إلا ما تعانيه الأم إشارة إلى عظم حقها.