۞ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) يقول الله تعالى: أما آن للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله ، أي: تلين عند الذكر ، والموعظة ، وسماع القرآن ، فتفهمه ، وتنقاد له ، وتسمع له ، وتطيعه. قال عبد الله بن المبارك: حدثنا صالح المري ، عن قتادة ، عن ابن عباس أنه قال: إن الله استبطأ قلوب المهاجرين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة من نزول القرآن ، فقال: ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) الآية ، رواه ابن أبي حاتم ، عن الحسن بن محمد بن الصباح ، عن حسين المروزي ، عن ابن المبارك به. ثم قال هو ومسلم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال - يعني الليث - عن عون بن عبد الله ، عن أبيه ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال: ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) [ الآية] إلا أربع سنين كذا رواه مسلم في آخر الكتاب.
- {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق} - منتديات سكون الشوق
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الحديد - الآية 16
- تفسير قوله تعالى: { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله }
- محاضرة بعنوان: ﴿ألم يأْنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾ للشيخ أ.د. سليمان الرحيلي حفظه الله. - YouTube
- اذا قال ربك اني جاعل في الارض خليفه
- تفسير إني جاعل في الأرض خليفة
- اني جاعل في الارض خليفة
- اني جاعل في الأرض
{ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق} - منتديات سكون الشوق
وأخرجه النسائي عند تفسير هذه الآية ، عن هارون بن سعيد الأيلي ، عن ابن وهب ، به ، وقد رواه ابن ماجه من حديث موسى بن يعقوب الزمعي ، عن أبي حزم ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، مثله ، فجعله من مسند بن الزبير. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الحديد - الآية 16. لكن رواه البزار في مسنده من طريق موسى بن يعقوب ، عن أبي حازم ، عن عامر ، عن ابن الزبير ، عن ابن مسعود ، فذكره وقال سفيان الثوري ، عن المسعودي ، عن القاسم قال: مل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملة ، فقالوا: حدثنا يا رسول الله. فأنزل الله تعالى: ( نحن نقص عليك أحسن القصص) [ يوسف: 3] قال: ثم ملوا ملة فقالوا: حدثنا يا رسول الله ، فأنزل الله تعالى: ( الله نزل أحسن الحديث) [ الزمر: 23]. ثم ملوا ملة فقالوا: حدثنا يا رسول الله.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الحديد - الآية 16
والأمد: الغاية من مكان أو زمان والمراد به هنا: المدة التي أوصوا بأن يحافظوا على اتباع شرائعهم فيها المغيَّاةُ بمجيء الرسول صلى الله عليه وسلم المبشر في الشرائع { وإذا أخذ الله ميثاق النبييئن لما آتيناكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه} [ آل عمران: 81]. والمعنى: أنهم نَسُوا ما أوصوا به فخالفوا أحكام شرائعهم ولم يخافوا عقاب الله يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً ، وصار ديدناً لهم رويداً رويداً حتى ضرئوا بذلك ، فقست قلوبهم ، أي تمردت على الاجتراء على تغيير أحكام الدين. وجملة { وكثير منهم فاسقون} اعتراض في آخر الكلام. والمعنى: أن كثيراً منهم تجاوزوا ذلك الحَدَّ من قسوة القلوب فنبذوا دينهم وبدلوا كتابهم وحرفوه وأفسدوا عقائدهم فبلغوا حدّ الكفر. ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله. فالفسق هنا مراد به الكفر كقوله تعالى: { قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثرهم فاسقون} [ المائدة: 59] ، أي غير مؤمنين بدليل المقابلة بقوله: { آمنا بالله} إلى آخره. وبين قوله: { فقست} وقوله: { فاسقون} محسّن الجناس. وهذا النوع فيه مركب مما يسمى جناس القلب وما يسمى الجناس الناقص وقد اجتمعا في هذه الآية.
تفسير قوله تعالى: { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله }
إن هذه الآية دعوة من الله – تعالى – أن ننظر إلى قلوبنا، ونفتش عن حالها مع
الخشوع، لنسألها: أين الخشوع عند تلاوة القرآن؟ أين الخشوع عند ذكر الله – عز وجل
-، أين الخشوع الذي يولد الانقياد الكامل لله رب العالمين.
محاضرة بعنوان: ﴿ألم يأْنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾ للشيخ أ.د. سليمان الرحيلي حفظه الله. - Youtube
( وكثير منهم فاسقون) أي: في الأعمال ، فقلوبهم فاسدة ، وأعمالهم باطلة. كما قال: ( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به) [ المائدة: 13] ، أي: فسدت قلوبهم فقست وصار من سجيتهم تحريف الكلم عن مواضعه ، وتركوا الأعمال التي أمروا بها ، وارتكبوا ما نهوا عنه; ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شيء من الأمور الأصلية والفرعية. وقد قال بن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا شهاب بن خراش ، حدثنا حجاج بن دينار ، عن منصور بن المعتمر ، عن الربيع بن أبي عميلة الفزاري قال: حدثنا عبد الله بن مسعود حديثا ما سمعت أعجب إلي منه ، إلا شيئا من كتاب الله ، أو شيئا قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد فقست قلوبهم اخترعوا كتابا من عند أنفسهم ، استهوته قلوبهم ، واستحلته ألسنتهم ، واستلذته ، وكان الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم فقالوا: تعالوا ندع بني إسرائيل إلى كتابنا هذا ، فمن تابعنا عليه تركناه ، ومن كره أن يتابعنا قتلناه. محاضرة بعنوان: ﴿ألم يأْنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾ للشيخ أ.د. سليمان الرحيلي حفظه الله. - YouTube. ففعلوا ذلك ، وكان فيهم رجل فقيه ، فلما رأى ما يصنعون عمد إلى ما يعرف من كتاب الله فكتبه في شيء لطيف ، ثم أدرجه ، فجعله في قرن ، ثم علق ذلك القرن في عنقه ، فلما أكثروا القتل قال بعضهم لبعض: يا هؤلاء ، إنكم قد أفشيتم القتل في بني إسرائيل ، فادعوا فلانا فاعرضوا عليه كتابكم ، فإنه إن تابعكم فسيتابعكم بقية الناس ، وإن أبى فاقتلوه.
وعن ابن سِيرِين وغيره: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
يرفعون أبصارهم في الصلاة إلى السماء، وينظرون يميناً وشمالاً حتى
نزلت هذه: { قَدْ أَفْلَحَ
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ
} الآية [المؤمنون:1، 2]، فجعلوا بعد ذلك أبصارهم حيث
يسجدون، وما رؤي أحد منهم بعد ذلك ينظر إلا إلى الأرض. وعن عطاء: هو ألا تعبث بشيء من جسدك وأنت في الصلاة.
وأبصر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة فقال
"لو خشع قلب هذا لخشعت
جوارحه" . ولفظ الخشوع إن شاء اللّه يبسط في موضع آخر. وخشوع الجسد تَبَعُ
لخشوع القلب، إذا لم يكن الرجل مرائيا يظهر ما ليس في قلبه، كما روي
"تَعَوَّذُوا باللّه من خشوع
النفاق " ، وهو أن يرى الجسد خاشعاً والقلب خالياً لاهياً،
فهو سبحانه استبطأ المؤمنين بقوله: { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن
تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ
} [الحديد:16]، فدعاهم إلى خشوع القلب لذكره وما نزل
من كتابه، ونهاهم أن يكونوا كالذين طال عليهم الأمد فقست قلوبهم،
وهؤلاء هم الذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته
زادتهم إيماناً.
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد, وعلى آله وأصحابه أجمعين. يقول الله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ [البقرة:30]. الله سبحانه وتعالى هو الخالق لكل شيء, وهو رب العالمين, فخلق السموات وخلق الأرض وخلق الأفلاك, وخلق ما ذرأ في السماء وما ذرأ في الأرض. اذا قال ربك اني جاعل في الارض خليفه. وجاءت مخلوقات على هذه الأرض قبل بني آدم كما هو معروف, فخلق الله الجن قبل بني آدم, وصار على هذه الأرض من البهيم والحيوان ما خلقه الله سبحانه وتعالى مما أدركه الإنسان ومما فات ولم يدركه. فخلق الجن وصاروا هم البصراء في هذه الأرض باعتبار ما امتازوا به من العقل والإدراك, فإنهم مدركون -أعني: الجن- ولهذا صاروا مكلفين، كما قال الله جل وعلا: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]. فهم مكلفون؛ لأنهم مدركون, وأعطاهم الله ملكة الإدراك والعقل والتمييز على خلاف البهيم والحيوان, فصاروا هم في هذه الأرض, وكثر منهم الفساد وإن كان فيهم إيمان, لكن غلب عليهم الفساد في الأرض.
اذا قال ربك اني جاعل في الارض خليفه
أنى جاعل في الأرض خليفة يا لها من مكتبة عظيمة النفع ونتمنى استمرارها أدعمنا بالتبرع بمبلغ بسيط لنتمكن من تغطية التكاليف والاستمرار أضف مراجعة على "أنى جاعل في الأرض خليفة" أضف اقتباس من "أنى جاعل في الأرض خليفة" المؤلف: عمرو خالد الأقتباس هو النقل الحرفي من المصدر ولا يزيد عن عشرة أسطر قيِّم "أنى جاعل في الأرض خليفة" بلّغ عن الكتاب البلاغ تفاصيل البلاغ
تفسير إني جاعل في الأرض خليفة
السؤال: يقول السائل: قال الله تعالى: { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30].
اني جاعل في الارض خليفة
إنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً
ينبئنا التنزيل الحكيم أن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم بعد أن سواه وأهله بموجب نفخة الروح ليكون خليفة على الأرض، وعندما أبدى الملائكة تحفظهم على موضوع الاستخلاف قال تعالى {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (البقرة 30)
والله جل وعلا علم أن البشر الذين يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء سيتطورون بعد نفخة الروح تدريجياً، وسيستطيعون بمساعدته الوصول ليكونوا مؤهلين للترقي على سلم الحضارة والعيش من دون رسالات سماوية، وسيسبرون أغوار الكون الذي سخره الله لهم، وسيظهر منهم من يكون جديراً بأن يباهي الله به خلقه وتسجد له الملائكة. فالإنسان هو وجود فيزيولوجي (بشر) مضافاً له كم معرفي (الروح)، وهذه الروح هي التي ميزته عن باقي المخلوقات، فكلما زاد الكم المعرفي زادت إنسانية الإنسان وابتعد عن المملكة الحيوانية، وكلما قلت المعرفة تقزمت الإنسانية ليصبح صاحبها جسداً بلا روح ومن ثم لا يستحق هذه الهبة من الله. وبرحيل "ستيفن هوكينغ" منذ أيام فقدت الإنسانية عملاقاً، اضمحل جسده طوال سنين لكن روحه بقيت متوقدة، فقدم من العلم ما يشكل قفزة معرفية تنير طريق الإنسانية لقرون قادمة، فاكتشف لا محدودية الكون، وفسر الثقوب السوداء، وأثرى العلم بشهادات حضورية عن عظمة الخلق، تضاهي ما قدمه العلماء أمثال نيوتن أو داروين أو آينشتاين، ناهيك عن مواقفه الأخلاقية من الحروب في فيتنام والعراق، وموقفه من إسرائيل، وموقفه من الضحايا السوريين، حتى أن فائض الإنسانية لديه جعله مدافعاً عن الإنسان أينما وجد.
اني جاعل في الأرض
ولا يصح أن يقال: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة:30], أي: عن الله, تعالى الله عن ذلك, فهذا فهم خطأ, ولا ينسب إلى القرآن, فإن الله سبحانه وتعالى له ما في السموات وما في الأرض, وإنما المعنى: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة:30], أي: عن الجن؛ لأنهم سابقون لبني آدم, وإبليس منهم: إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ [الكهف:50]. فالقرآن صريح أن إبليس كان من الجن, وليس ملكاً من ملائكة الله؛ لأن ملائكة الله: عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ [الأنبياء:26-27]. والاستثناء في قوله: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ [الحجر:30-31], هذا استثناء منقطع وليس استثناءً متصلاً. اني جاعل في الارض خليفة. فقد صرح به في القرآن في قول الله: إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ [الكهف:50], فهذا صريح لا يحتمل الوجهين كما يحتمله الاستثناء. فقوله تعالى: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة:30], أي: عن الجن ليكون أعلى مقاماً منهم. معنى قوله تعالى حكاية عن الملائكة: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء)
حكمة الله تعالى من جعل آدم وذريته خلفاء في الأرض
فقوله جل وعلا: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ [البقرة:30], إشارة إلى حكمته جل وعلا البالغة في جعل آدم وذريته خلفاء في الأرض؛ ولذلك صار فيهم النبوة والكتاب, فإن جميع الأنبياء والرسل وما أنزله الله من الهدى والنور والحكمة, وما أقيم من الخير, وما أقيم من العدالة كل هذا صار في بني آدم.
لقد جعل الله تعالى النبوة بعد إبراهيم عليه السلام في بنيه وذريته فقال: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} [العنكبوت: 27]، ثم اختار الله تعالى إسرائيل -وهو يعقوب عليه السلام من أبناء إسحاق بن إبراهيم- فكانت النبوة في ذريته بني إسرائيل، وكانت سنة الله تعالى في بني إسرائيل لا تتبدل، ولا تتغير، فإذا ما كانوا على أمر الله تعالى؛ مكَّن لهم في الأرض، وجعل زمام الأمور بأيديهم، ومتى زاغوا وبدَّلوا سلَّط عليهم من يذلهم، وينزع قيادة البشرية من أيديهم؛ إلى أن يرجعوا إلى أمر الله تعالى. ولقد سكنت طوائف من بني إسرائيل من اليهود أطراف المدينة المنورة، جاؤوا إليها من الشام ومصر يطمعون أن يكون ذلك النبي الخاتم منهم؛ ولـمَّا بعث الله تعالى نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم من العرب؛ نقموا عليه وحاربوه، ولم يسمعوا لدعوته؛ بل كانوا أول كافر به من بني إسرائيل، فكان ذلك إيذانًا أن تنزع منهم قيادة الخلافة في الأرض، وتجعل في محمد وأمته صلى الله عليه وسلم. جاءت سورة البقرة فطالعتنا على استخلاف بني إسرائيل في الأرض، وتمكينهم فيها، ثم نكولهم عن أمر الله تعالى، وكفرهم بنبيِّه الخاتم، محمد صلى الله عليه وسلم، ومن ثمَّ عزلهم عن هذه الخلافة، وتسليم مقاليدها للأمة المسلمة، الوافية بعهد الله، وهذه قضية كبرى في تاريخ البشرية والاستخلاف، تستحق أن تحتفي بها أطول سور القرآن؛ بل وأن يحتفي بها القرآن كله؛ ومن هنا اقتضى ذلك أن يمهَّد لهذه القضية ولهذا المقصد بآيات وقصص من تاريخ الاستخلاف، فكان ذكر قصة استخلاف آدم في الأرض مقدمة لذلك {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30].