ولا ينسى متذوقو الأدب والشعر رثاء مريد البرغوثي لرضوى عاشور، كتب لها في حياتها وبعد الرحيل، قال لها "أنت جميلة كوطن محرر، وأنا متعب كوطن محتل"، كتب "يا رضوى.. إني والقمر والنجمات نسير إليك الليلة"، وكذلك "أنت حنونة كالرذاذ.. وأنا أحتاجك لأنمو".
قال في أمسية تأبين لزوجته الأديبة "من ينشغل بحزنه على فقد المحبوب، ينشغل عن المحبوب"، وقال بصوته الذي يغلبه الألم والمرارة "الآن أطلب من حزني أن يتجه إلى أقرب بوابة ويغادر، صمت يجوب المكان لا شيء يعلو فوق صوت الحبيب، لست أنت المهم اليوم ولا أنا أيها الحزن، أنا منشغل بها لا بك أنت، بسعيها العسير للنصر في مواجهات زمانها".
أجرأ الراثين
جرير في العصر الأموي كان أجرأ من رثى زوجته، سباقا متجاوزا الأعراف والتقاليد، جمع بين رثاء زوجته وهجاء أعدائه في 24 بيتا، قال فيها "لولا الحياء لعادني استعبار.. خيال الجواهري: هذا النص الشائع لم يكتبه أبي - بقلم ميرزا الخويلدي - مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية. ولزرت قبرك والحبيب يزار".
ولعل تلك القصيدة تخبرنا عن ندرة رثاء الزوجات في ذلك الوقت، وإن تم ذلك فعلى استحياء، فلم يكن رثاء الزوجة معهودا، بل من المحظورات الشعرية، حتى إن الفرزدق عير جريرا برثاء زوجته، وقال له "إن الزيارة في الحياة ولا أرى.. ميتا إذا دخل القبور يزار، ورثيتها وفضحتها في قبرها.. ما مثل ذلك تفعل الأخيار".
- أخبارنا | د . نضال القطامين يكتب : الحموري صاحب الحريات الأسيرة، الإحتجاب الأخير
- خيال الجواهري: هذا النص الشائع لم يكتبه أبي - بقلم ميرزا الخويلدي - مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية
- اتفق العرب على أن يتفقوا – الشروق أونلاين
- اتفق العرب على ألا يتفقوا: الأمن القومي العربي نموذجًا | نون بوست
أخبارنا | د . نضال القطامين يكتب : الحموري صاحب الحريات الأسيرة، الإحتجاب الأخير
فحين يكون الفقيد من سوية واريحية "ابي جهاد" تصعب الكتابة عنه، وتعجز الابجدية عن إيفائه حقه، وتتصاغر الحروف والكلمات امام مهابته وجلال قدره.. فهو كبير وأصيل ومتميز في كل صفاته، وهو بطل مواقف حاسمة ومبكرة في رفض بازار المساومات على قضية فلسطين، إبان كان رقماً قيادياً كبيراً في منظمة التحرير. أخبارنا | د . نضال القطامين يكتب : الحموري صاحب الحريات الأسيرة، الإحتجاب الأخير. وداع هذا الفقيد الغالي يعني إسدال الستارة على مسيرة جيل خالد من شيوخ النضال القومي الذين صدقوا ما عاهدوا الله والوطن والشعب عليه وما بدّلوا تبديلاً، ووهبوا اعمارهم وافكارهم وأقدارهم لامتهم، ابتغاء مرضاتها وتحقيق اهدافها وغاياتها وتطلعاتها، بعيداً عن اية مغانم ومطامع وحسابات شخصية تتنافى مع كبريائهم وترفعهم وعزة انفسهم. وعليه، فأن ترثي سامي عطاري يعني ان ترثي جبلاً أشم، اول سماته الجمع بين العلو الشامخ والثبات الراسخ.. أن تبكي هذا الرجل يعني أن تبكي نهراً عذباً، اول صفاته العطاء الوطني والسخاء الحاتمي.. أن تنعي "ابا جهاد" يعني أن تنعي زمناً عروبياً نهضوياً تليداً، ابرز عناوينه عبد الناصر وحزب البعث.. أخيراً، فان تؤبن هذا الفقيد يعني أن تؤبن مساحة كبيرة من روحك وقلبك ووجدانك إستولى عليها هذا الاخ العزيز بكامل إقتناعك وترحيبك ورضاك.
خيال الجواهري: هذا النص الشائع لم يكتبه أبي - بقلم ميرزا الخويلدي - مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية
أخبارنا:
د. نضال القطامين:
في ذِمَّةِ اللهِ ما ألقَى وما أَجِدُ.. أهذهِ صَخرةٌ أم هذهِ كَبِـدُ..
إنّا إلى اللهِ! قولٌ يَستريحُ بهِ..
ويَستوي فيهِ مَن دانوا ومَن جَحدوا..
ويترجل عروبي آخر، وتودع إربد في الثرى إحدى نخلاتها الباسقات، وقاماتها الثقات، ليغيب فؤادٌ صَارِم صَيْدح قَوِيّ كَمِيّ، حيث يتبصّر البواسل مآلات أحلامهم، فيؤثروا الرحيل لحظة تداعيها. يغيّب الموت الفقيه الدستوري العروبي القومي الإنسان، محمد الحموري، ويرحل عن هذه الدنيا وهو معبأ بأحلام الوحدة والنهضة، مبقياً تاريخا طافحاً في العروبة والقومية وفي الفقه الدستوري والحكمة. عرفته نابها واعظا جزيلا حصيف، ضالته الفكرة والوحدة، تقاطعت حياته كثيرا مع صديقه أبي نضال، ورأيتهما في بيتنا وفي شرفات المنتديات العروبية، يرقبان معا، هلال العروبة وقمرها المنير. رأيته في حفل إشهار مذكرات أبي نضال فارساً يمتطي صهوة الكلمات فيصنع منها موقفا ورجولة، مبدأً ومستهلّا، كان يصنع من الكلمة سيماء ثورة وعلامة جهاد، كان رجلا في أمة، أو لنقل، روسو العرب كما وصفته الدكتورة الحروب، تنويري إلى حد بعيد، ودستوري حصيف. تخرّج من كامبردج، ثم نثر علمه على الطلبة في الجامعة الأردنية وقبل ذلك كان جنديا في الجيش ثم صار وزيرا، وفي سائر حياته، كان صامداً مشاكسا معتدا بنفسه عنيدا.
في ذِمّةِ اللهِ ما ألقى وما أجدُ أهــــذه صخرةٌ أم هـــذه كبِدُ
قد يقتلُ ألحزنُ مَن أحبابهُ بَعُدو عنهُ فكيفَ بمن أحبابُهُ فُقدوا
محمد مهدي الجواهري
الحزن طاغية ظالم مستبد يمزق الروح، ويضني النفس، ويرهق الجسد، ويعطل مراكز التفكير، ويسد منافذ التعبير، ويترك للمحزون ان يتجرع وحده فيوض الالم والاسى واللوعات والحسرات. أشد جراحات الحزن ما كان عصياً على إطاقة وجعه، وإستطاعة تحمله والتصبر عليه، تبعاً لمرارة بواعثه وموجباته ودواعيه، وفي مقدمتها فَقدُ الرجال الكبار، والقامات العالية، والهامات الشامخة، والضمائر المؤمنة بحق امة العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية وتحرير كل اجزائها السليبة. من دمشق الفيحاء القابضة على جمر عروبتها تحت اقسى الظروف، جاءنا نعي القائد والمناضل الباسل، وآخر رعيل القوميين الكبار، الرفيق الجليل سامي عطاري، عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وأحد المؤسسين للحزب في الضفة الغربية، والراسخين في ميادين نضاله منذ خمسينات القرن الماضي، جنباً الى جنب مع عبد الله الريماوي، وعبد الله نعواس، وبهجت ابو غربية، وبسام الشكعة وآخرين. كان لا بد لي من إستيعاب الصدمة، واحتواء المفاجأة، ولملمة شتات المشاعر المفجوعة، وهدهدة نشيج النفس الملتاعة، وكبح جماح موجة الحزن الطاغية، قبل الكتابة بسواد الحبر عن رحيل هذا الصديق الحميم، والشقيق الذي لم تلده أمي، بل ولدته – منذ ثلث قرن – رابطة روحية ومبدئية وأخلاقية عزّ نظيرها في هذا الزمن الباهت.
في فترة من فترات حياتنا تردد على مسامعنا كلمة كنا نرددها كثيرًا وحفظناها عن ظهر قلب ولا تكاد تجد شخصًا لا يعرفها إنها الجملة الشهيرة "اتفق العرب على ألا يتفقوا". تلك الجملة وإن كانت مجهولة المصدر ومقيتة بالنسبة لأكثر العرب إلا أنها باتت واقعًا نعيشه ونلمسه مع تطور الأحداث، فقد عجز العرب أن يتفقوا على تحديد مفهوم شامل وواضح للإرهاب لغةً واصطلاحًا وكل مركز أو هيئة فتوى تدلي بدلوها في هذا الموضوع دون أن يتفقوا في نهاية المطاف على تعريف شامل ودقيق وموحد لماهية الإرهاب ومن هم الإرهابيون وتجدهم في أغلب الأحيان يلفون ويدورون حول ما قاله ابن منظور في لسان العرب أو الزبيدي في تاج العروس. كما ظلت هيئات الفتوى في العالم العربي تتنازع فيما بينها من أجل تعريف الإرهاب اصطلاحًا وعجزوا عن ذلك وتراهم أيضًا لا يخرجون عن التعريف اللغوي المتواتر في معاجم اللغة بأنواعها. اتفق العرب على ألا يتفقوا: الأمن القومي العربي نموذجًا | نون بوست. فعلى أرض الواقع تصنف المملكة العربية السعودية جماعة الإخوان المسلمين وحزب الله وحركة أنصار الله الحوثية بالإضافة إلى القاعدة وتفرعاتها وتنظيم الدولة الإسلامية وتفرعاته منظمات إرهابية، في حين تعتبر دول أخرى مثل لبنان وسوريا جماعة أنصار الله الحوثية وحزب الله اللبناني مقاومة.
اتفق العرب على أن يتفقوا &Ndash; الشروق أونلاين
لكن مع ثورة الاتصالات والتقدم العلمى مازال المسلمون حتى اليوم لم يتفقوا،على آلية موحدة لتحديد روية الأهلة، وقد شهدت عملية استطلاع هلال شوال هذا العام مهزلة بكل ماتعنيه الكلمة، على الرغم من أن الاختلاف بين الأقطار العربية في مثل هذه الأمور ليس بجديد، على طريقة ملك ملوك إفريقيا ورئيس الولايات المتحدة الإفريقية، ،الذى كان يؤخر الصيام أو الإفطار ليوم أويومين ،بدون رؤية أو استطلاع هلال. لكن ما حدث هذا العام ، لم يسبق إليه القذافى، ولا سلاطين حضرموت، بأن جزءا من القطر مفطر و الجزء الآخر ممسك، أوالإعلان عن موعد لعيد الفطر ثم التراجع عنه لاحقاً والإعلان عن موعد آخر وهكذا!! اتفق العرب على أن يتفقوا – الشروق أونلاين. ففى اليمن على سبيل المثال لا الحصر،أعلنت لجنة الأهلة الحوثية في مناطق سيطرة الحوثيين، إنه تعذر رؤية هلال شوال، ومن ثم فإن يوم الثلاثاء سيكون المتمم لشه رمضان، والأربعاء هو أول أيام عيد الفطر، تبعاً لإيران!! في حين أعلنت وزارة الأوقاف والإرشاد التابعة لحكومة عبدربه منصور هادى، والمدعومة سعودياً وإماراتياً أنها رأت هلال شوال، وأن الثلاثاء هو أول أيام العيد، ولسان حالها طالما السعودية رأت فنحن نرى بعيون سعودية. وكذلك الوضع في سوريا، في حين أعلنت السلطات النصيرية الطائفية، أنها لم تر هلال شهر شوال،فإن أول أيام عيد الفطر، هو الأربعاء، تبعاً لروية قاسم سليمانى.
اتفق العرب على ألا يتفقوا: الأمن القومي العربي نموذجًا | نون بوست
وليبيا ذاك البلد العجيب الذي يسحرك أهله بطيبتهم وقوتهم وحبهم للحرية واتفاقهم على حب التونة ودخان السجائر، فهناك جمال البحر في طرابلس وهناك الصحراء الجميلة وأشجار العوينة (الخوخ) في الجبل الغربي والزردة (النزهة) التي لا تكتمل إلا بإبريق شاي أخضر مع اللوز، فما بين مصراته وبني وليد والزنتان ونالوت وجادو وطرابلس التي زرتها لا فرق بينهم، وإن كانت لغته الأمازيغية أو العربية أو كان من جنوب ليبيا أو شمالها، من بدوها أو حضرها، أبيض البشرة أو اسمر، كلهم أهل خير ومحبة. وتونس الخضراء بأشجار الزيتون التي تصطف كجيش أخضر تمتد خضرته بامتداد جذور أشجار الزيتون، بلد الثقافات والمزيج الغريب ما بين اللغة العربية والفرنسية في لهجة الكرام، فتشعر بخليط عجيب ما بين صولات وجولات العرب عبر تاريخهم ورقة وشاعرية الفرنسين، ففي تونس الكل مثقف فما أن تجلس على المقهى المطل على شارع الحبيب بو رقيبة حتى تشعر بأنك جالس على مقعد من مقاعد الدراسة الجامعية فالكل هناك شاعر وكاتب ومحلل.
توحدت الدول العربية في السنوات الأخيرة لأجل مقاومة الإرهاب ومحاربته ورفعت شعار "الحرب على الإرهاب" في كل مناسبة إقليمية أو دولية ولكن في الوقت نفسه عجزت هذه الدول عن تحديد ماهية الإرهاب ومن هم الإرهابيون لأكثر من عقد من الزمن وخاصة بعد اندلاع ثورات الربيع العربي. "الأمن القومي العربي" هو الآخر شعار رفع من قِبل الدول العربية وذلك بهدف التوحد في صد الخطر المداهم على المنطقة العربية داخليًا كان أو خارجيًا، ولهذه الأسباب أبرمت العديد من الدول اتفاقيات دفاع مشترك بقيت كلها حبرًا على ورق. إذا كنا نعمل على تحقيق الأمن القومي العربي فإن ذلك لا يتحقق بين يوم وليلة، أو من خلال حشود عسكرية وأمنية سريعة، وإنما لا بد أولاً من صناعة بنية تحتية تؤهل الدولة وجمهور الناس والقوات العسكرية والقوى الأمنية للقيام بالمهمات بمهنية وعقلية علمية وحسابات دقيقة. حلف الشمال الأطلسي "الناتو" عندما تأسس كانت أهدافه واضحة وخططه جاهزة وهو ما يفسر سرعة تدخلهم في أي نزاع أو تهديد يداهم الدول الأعضاء المنضوية تحته حتى إنه تدخل في أكثر من دولة عربية وإسلامية بدعوى الحفاظ على مصالحه وفي مقابل ذلك ظلت القوى العربية في سبات عميق وتنظر في أغلب الأحيان بعين الإعجاب لتلك التحالفات التي يقودها الغرب وتتمنى في أغلب الأحيان أن تشارك معهم ولو بإقامة الولائم لهم.