وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ" [12]. آداب المجلس في الإسلام | المرسال. 9- مراعاة أدب الحديث، كحسن الاستماع والإنصات، وعدم المقاطعة أو الاستئثار بالحديث، أو رفع الصوت، أو كثرة الضحك، أو الانشغال عن الضيوف بالجوال أو غيره من الأمور التافهة. 10- عدم إفشاء أسرار المجالس، روى أبو داود في سننه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِذَا حُدِّثَ الْإِنْسَانُ حَدِيثًا، وَالْمُحَدِّثُ يَلْتَفِتُ حَوْلَهُ، فَهُوَ أَمَانَةٌ" [13]. 11- وينبغي للجالس إذا سمع درسًا علميًّا، أو موعظة، أو حديثًا نافعًا أن يصغي إليه ويحسن الاستماع ولا ينشغل عنه بالحديث بمن حوله، أو جواله، أو يشوش المجلس بالاتصالات أو باستقبالها. 12- الاستفادة من أهل الفضل الذين في المجلس، سواء كانوا من المشايخ أو طلبة العلم، أو من كبار السن، أو ممن لهم تجارب في الحياة، فقد لا تتيسر الفرصة للالتقاء بهم مرة أخرى، وقد ينفع الله بذلك المجلس، كان الإمام البخاري في مجلس إسحاق بن راهويه أمير المؤمنين في الحديث، فقال: لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال البخاري: فوقع في قلبي فأخذت في جمع الصحيح [14].
آداب المجلس في الإسلام | المرسال
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة...
الخطبة الثانية:
أما بعد: ومن أدب المجالس: غضُّ الصوت عند الحديث أو النقاش، فإن النفوس إلى الكلام الهادئ أكثر ميلا، والحجةُ لا يقوّيها رفع الصوت، بل يقويها: قوتها في ذاتها، وحسن عرضها، وقوة حجتها. ومن أدب المجالس: ترك الاستفصال في الأسئلة التي لا حاجة لها من قبل أحد الطرفين: الضيف أو المضيّف: فإن بعض الناس مولع بالسؤال عن التفاصيل التي لا حاجة لها، وقد توقِع في الحرج، أو قد تلجئه للتورية أو الكذب، وفي الأثر: " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " رواه الترمذي وابن ماجة وابن حبان. 276 من: (باب في آداب المجلس والجليس). ومن أدب المجالس: الجلوس حيث يجلسك صاحب الدار، فالناس أعلم بعورات بُيُوتهم. ومن أدب المجالس: الإنصات للمتحدث حتى ينتهي، والإصغاء إليه، وعدم مقاطعته. قال الإمام الجليل عطاء بن أبي رباح: " إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأني لم أكن سمعته، وقد سمعته قبل أن يولد ". قال الإمام مالك: " لا خير في كثرة الكلام، واعْتبر ذلك بالنساء والصبيان، إِنَّمَا هم أبدا يتكَلَّمُون ولا ينصتون ". ومن أدب المجالس: حفظ حق المضيف؛ فلا يصوّر في بيته ومناسبته إلا بإذنه، ولا يُسجّل حديث المتكلم إلا بإذنه، فإن صاحب الحق والدار قد يكره ذلك، كما أن بعض الحضور قد يكون ذا جاهٍ أو علم أو مكانة اجتماعية يكره هذا ولا يرضى به، فهذا حق يجب أن يُراعَى، ويجب التأكيد عليه في هذا العصر الذي أصاب بعض الناس فيه هوسٌ شديد في نقل التفاصيل دون إذنٍ أو رعايةٍ لحق الضيف.
13- ترك التفاخر، ومدح النفس، وحب الظهور في المجالس، والتواضع في ذلك، لا كما يفعل بعضهم فيُحدث الناس بما يملك من أموال، وكم بلد سافر إليه، وكم من كتاب قرأه، أو التنقص من بعض الناس أو بعض المدن أو القبائل، أو الفخر بالأحساب، أو غير ذلك مما لا فائدة فيه إلا كسر قلوب الآخرين، روى الترمذي في سننه من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ" [15]. وروى مسلم في صحيحه من حديث عياض المجاشعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الله أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ" [16]. من آداب المجلس. قال يحيى بن معين: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل صحبناه خمسين سنة ما افتخر علينا بشيء مما كان فيه من الخير [17]. 14- كفارة المجلس، روى الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ، فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ" [18].
276 من: (باب في آداب المجلس والجليس)
عن أبي هريرة - رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه، ولم يصلوا على نبيهم فيه، إلا كان عليهم ترة؛ فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم». ***
عن أبي هريرة - رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قعد مقعدا لم يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله ترة، ومن اضطجع مضجعا لا يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله ترة». آداب المجلس - إحسان بن محمد العتيبي - طريق الإسلام. رواه أبو داود. ---------------- الترة: النقص، وقيل التبعة. وفي الحديث: ذم الغفلة عن الذكر، واستحبابه في كل حال من الأحوال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك))3. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1): رواه مسلم ( 2): رواه أبو داوود( 3): رواه الترمذي
آداب المجلس - إحسان بن محمد العتيبي - طريق الإسلام
الخطبة الأولى:
أما بعد: فحين يقرأ الإنسانُ قوله -تعالى-: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا) [المجادلة:11]، فإنه يدرك أن موضوع المجالس ذو أهمية كبيرة، فشيءٌ يُصدّر بهذا النداء العظيم، وفعلُه يزيد الإيمان، وتركه ينقص الإيمان، يعني أهميته الجليلة. والمجالس التي يلتقي فيها الناس، هي تجاوبٌ فطري مع طبيعة البشر التي تحب الأُنس والاجتماع. وإذا ذُكرت المجالس فإن أشرفها هي تلك المجالس التي تبحث عنها ملائكة الرحمن، ففي صحيح مسلم: " إن لله -تبارك وتعالى- ملائكة سيارة، فُضُلا، يتتبعون مجالس الذكر، فإذا وجدوا مجلسًا فيه ذِكر قَعدوا معهم، وحف بعضُهم بعضًا بأجنحتهم، حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، قال: فيسألهم الله -عز وجل-، وهو أعلم بهم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض، يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك ". ومن أشرف المجالس: تلك التي يتذاكر فيها الناس سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-: ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك، يقول: مر أبو بكر والعباس -رضي الله عنهما- بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون، فقال: ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس النبي -صلى الله عليه وسلم- منا، فدخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره بذلك، قال: فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد عصب على رأسه حاشية بُرْدٍ... ".
[16] برقم 2865. [17] سير أعلام النبلاء (11 /177-356). [18] برقم 3433 وصححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي (3 /153) برقم 2730.