(لِلْمُؤْمِنِينَ) اسم مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم، والجار والمجرور متعلقان بأحد المصدرين السابقين أو بمحذوف صفة لهما. موقع هاته الجملة موقع الجمل قبلها من قوله: { قل فلم تقتلون أنبياء الله} [ البقرة: 91]. وقوله: { قل بئسما يأمركم} [ البقرة: 93]. وقوله: { قل إن كانت لكم الدار الآخرة} [ البقرة: 94]. فإن الجميع للرد على ما تضمنه قولهم { نؤمن بما أنزل علينا} [ البقرة: 91] لأنهم أظهروا به عذراً عن الإعراض عن الدعوة المحمدية وهو عذر كاذب ستروا به السبب في الواقع وهو الحسد على نزول القرآن على رجل من غيرهم فجاءت هاته المجادلات المصدرة بقل لإبطال معذرتهم وفضح مقصدهم. فأبطل أولاً ما تضمنه قولهم: { نؤمن بما أنزل علينا} من أنهم إنما يقبلون ما أنزل على رسلهم بأنهم قد قابلوا رسلهم أيضاً بالتكذيب والأذى والمعصية وذلك بقوله: { قل فلم تقتلون} وقوله: { قل بئسما} إلخ. قل من كان عدوا لجبريل فانه نزله. وأبطل ثانياً ما تضمنه من أنهم شديدو التمسك بما أنزل عليهم حريصون على العمل به متباعدون عن البعد عنه لقصد النجاة في الآخرة بقوله: { قل إن كانت لكم الدار الآخرة}. وأبطل ثالثاً أن يكون ذلك العذر هو الصارفَ لهم عن الإيمان مع إثبات أن الصارف لهم هو الحسد بقوله هنا: { قل من كان عدواً لجبريل} إلخ.
- القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة البقرة - الآية 97
- تفسير: (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله)
- أعداء جبريل عليه السلام | صحيفة الخليج
- هل الصلاة في مساجد مكة كالصلاة في المسجد الحرام تأسر القلوب
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة البقرة - الآية 97
قوله: ﴿ قُلْ ﴾ الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. ﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ﴾ "من": شرطية، وكان: فعل الشرط، وجوابه جملة: ﴿ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ﴾، و"جبريل" هو الملك الموكل بالوحي. تفسير: (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله). أي: من كان معاديًا لجبريل عليه السلام، مبغضًا له، كما هو حال اليهود الذين يعادون جبريل عليه السلام ويبغضونه، ويقولون: إنه ينزل بالعذاب والشدة والحرب والقتال ونحو ذلك. والعجيب أنهم يثبتون أنه ملك مرسل من الله، ويبغضونه مما يدل على اضطرابهم في معتقدهم. ﴿ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ الضمير في قوله: ﴿ فَإِنَّهُ ﴾ يعود إلى جبريل عليه السلام، والضمير المنصوب في ﴿ نَزَّلَهُ ﴾ يعود إلى القرآن، وقد تقدم ذكره في قوله: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ والسياق يدل عليه. ومعنى ﴿ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ أي: نزل القرآن الكريم من عند الله عز وجل على قلبك يا محمد، فوعاه قلبك وحفظه كما قال تعالى: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴾ [الشعراء: 193، 194]، وقال تعالى: ﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 16 - 18].
تفسير: (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله)
السؤال: ما مدلول قوله تعالى: والله عليم بالظالمين؟ الجواب: الجملة خبرية وغرضها التهديد والوعيد. وفي الاقتصار على تعليق علم الله تعالى بالظالم دليل على حصول الوعيد. وذكر الظالمين، لأن الظلم هو تجاوز حدود الله، ولا شيء أبلغ في التعدي من ادعاء خلوص الجنة لمن لا يعمل لها بأي عمل صالح وانفراده بذلك دون الناس. السؤال: علام يعود الضمير في قوله تعالى: ولتجدنهم؟ الجواب: اليهود الذين أخبر سبحانه عنهم بأنهم لا يتمنون الموت. السؤال: ما سر التعبير بصيغة التفضيل (أفعل) من الفعل (حرص) في قوله تعالى: ولتجدنهم أحرص الناس على حياة... (البقرة 96)؟ الجواب: للمبالغة في شدة حرصهم على دوام الحياة، وطمعهم في البقاء في الدنيا. أعداء جبريل عليه السلام | صحيفة الخليج. السؤال: ما نوع اللام في (الناس)؟ الجواب: للجنس فتشمل جميع الناس، أو للعهد والمراد بها إما المجوس أو إما مشركو العرب، لأنهم لا يؤمنون بالبعث. الحرص على الحياة السؤال: ما الغرض من التنكير في قوله تعالى: على حياة؟ الجواب: للتعميم، فهؤلاء اليهود يحرصون على أية حياة مهما كانت صورتها، سواء أكانت حياة ذل أم حياة عز، وسواء أكانت حياة استعباد أم حياة حرية، وسواء أكانت تحكمها الفضيلة أم تحكمها الرذيلة.
أعداء جبريل عليه السلام | صحيفة الخليج
قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (97) تفسير الآيتين 97 و98:ـ أي: قل لهؤلاء اليهود, الذين زعموا أن الذي منعهم من الإيمان بك, أن وليك جبريل عليه السلام, ولو كان غيره من ملائكة الله, لآمنوا بك وصدقوا، إن هذا الزعم منكم تناقض وتهافت, وتكبر على الله، فإن جبريل عليه السلام هو الذي نزل بالقرآن من عند الله على قلبك, وهو الذي ينزل على الأنبياء قبلك, والله هو الذي أمره, وأرسله بذلك, فهو رسول محض. مع أن هذا الكتاب الذي نزل به جبريل مصدقا لما تقدمه من الكتب غير مخالف لها ولا مناقض, وفيه الهداية التامة من أنواع الضلالات, والبشارة بالخير الدنيوي والأخروي, لمن آمن به، فالعداوة لجبريل الموصوف بذلك, كفر بالله وآياته, وعداوة لله ولرسله وملائكته، فإن عداوتهم لجبريل, لا لذاته بل لما ينزل به من عند الله من الحق على رسل الله. فيتضمن الكفر والعداوة للذي أنزله وأرسله, والذي أرسل به, والذي أرسل إليه, فهذا وجه ذلك.
وقال مقاتل: "قالت اليهود: إن جبريل عدونا لأنه أمر بجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا".
﴿ وَهُدًى ﴾ أي: دلالة وبيانًا وإرشادًا كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9] فالقرآن هدى، أي: هداية عامة للناس جميعًا، كما قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ ﴾ [البقرة: 185]. وهو هدى هداية خاصة، للمؤمنين والمتقين المتبعين له المنتفعين به، كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44]، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ﴾ [فصلت: 44]. ﴿ وَبُشْرَى ﴾ البشرى والبشارة: الإخبار بما يسر. ﴿ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ أي: للمصدقين المنقادين للحق، ظاهرًا وباطنًا، وإنما كان القرآن بشرى للمؤمنين خاصة؛ لأنهم هم الذين آمنوا به وعملوا بمقتضاه، ففيه البشارة لهم بالخير والسعادة في الدنيا والآخرة والجنة، به تطمئن قلوبهم وتنشرح له صدورهم ويثقون بما وعدهم الله فيه من النعيم والفوز العظيم. فوصف القرآن وأثنى عليه بخمسة أوصاف وهي: أنه نزل من عند الله بإذنه، وأنه منزل على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه مصدق لما سبقه من الكتب، وأنه هاد أبلغ هدى، وأنه بشرى للمؤمنين.
فإن قيل: كيف تجيب عن قول الله تعالى: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} وقد أسرى به من مكة من بيت أم هاني؟
فالجواب: "أنه ثبت في صحيح البخاري أنه أسرى به صلى الله عليه وسلم من الحِجْر، قال: " بينا أنا نائم في الحِجْر أتاني آت... " إلخ الحديث، والحِجْر في المسجد الحرام، وعلى هذا فيكون الحديث الذي فيه أنه أسري به صلى الله عليه وسلم من بيت أم هاني -إن صحت الرواية - يراد ابتداء الإسراء، ونهايته من الحِجر، كأنه نُبِّه وهو في بيت أم هاني، ثم قام فنام في الحجر فأسرى به من الحجر" انتهى من "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/395). والله أعلم. هل مضاعفة أجر الصلاة خاص بالمسجد الحرام أم عام في الحرم كله - إسلام ويب - مركز الفتوى. 9
2
67, 676
هل الصلاة في مساجد مكة كالصلاة في المسجد الحرام تأسر القلوب
الثاني: أنه مكة. الثالث: أنه الحرم كله إلى الحدود الفارقة بين الحل والحرم، قاله عطاء وقد سبق مثله عن الماوردي وغيره، وقال الروياني: فضل الحرم على سائر البقاع فرخص في الصلاة فيه في جميع الأوقات لفضيلة البقعة وحيازة الثواب المضاعف، وقال الزركشي: وهذا فيه تصريح بهذا القول. الرابع: أنه الكعبة، قال الزركشي وهو أبعدها. هل الصلاة في مساجد مكة كالصلاة في المسجد الحرام تأسر القلوب. الخامس: أنه الكعبة والمسجد حولها، وهو الذي قاله النووي في استقبال القبلة. السادس: أنه جميع الحرم وعرفة، قاله ابن حزم. السابع: أنه الكعبة وما في الحجر من البيت، وهو قول صاحب البيان من أصحاب الشافعية. وحكى المحب الطبري خلاف الفقهاء في مكان المضاعفة بالنسبة إلى الصلاة، ورجح أن المضاعفة تختص بمسجد الجماعة " انتهى باختصار. وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (3/303) في الكلام على قصة الحديبية: "وروى الإمام أحمد في هذه القصة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُصلِّي في الحرم، وهو مضطرب [أي: مقيم] في الحِل، وفى هذا كالدّلالة على أن مضاعفةَ الصلاة بمكة تتعلق بجميع الحرم لا يخصُّ بها المسجد الذي هو مكانُ الطواف، وأن قوله: " صَلاَةٌ في المَسْجِدِ الحَرَام أَفْضَلُ مِنْ مِائة صَلاةٍ في مسجدي "، كقوله تعالى: { فَلا يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [ التوبة:128]، وقوله تعالى: { سُبْحَانَ الذي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء:1]، وكان الإسراء مِن بيت أُم هانئ " انتهى.
وذهب فريق من أهل العلم إلى أن التضعيف يكون في الحرم كله أي مكة كلها واستدل بقوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)[ الإسراء: 1] فإن الإسراء كان من بيت أم هانئ ولم يكن من المسجد ذاته ، فدل ذلك على عموم الحكم. وقيل لعطاء: هذا الفضل الذي يذكر في المسجد الحرام وحده أو في الحرم؟ قال: لا بل في الحرم فإن الحرم كله مسجد. هذا والله أعلم.