بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) ثم قال تعالى: ( بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن) أي: من أخلص العمل لله وحده لا شريك له ، كما قال تعالى: ( فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن) الآية [ آل عمران: 20]. وقال أبو العالية والربيع: ( بلى من أسلم وجهه لله) يقول: من أخلص لله. وقال سعيد بن جبير: ( بلى من أسلم) أخلص ، ( وجهه) قال: دينه ، ( وهو محسن) أي: متبع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم. فإن للعمل المتقبل شرطين ، أحدهما: أن يكون خالصا لله وحده والآخر: أن يكون صوابا موافقا للشريعة. فمتى كان خالصا ولم يكن صوابا لم يتقبل; ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ". تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١ - الصفحة ٢٥٦. رواه مسلم من حديث عائشة ، عنه ، عليه السلام. فعمل الرهبان ومن شابههم وإن فرض أنهم مخلصون فيه لله فإنه لا يتقبل منهم ، حتى يكون ذلك متابعا للرسول [ محمد] صلى الله عليه وسلم المبعوث إليهم وإلى الناس كافة ، وفيهم وأمثالهم ، قال الله تعالى: ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) [ الفرقان: 23] ، وقال تعالى: ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا) [ النور: 39].
- تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١ - الصفحة ٢٥٦
- كيف تستقبل دول العالم شهر رمضان؟.. مصر بالفوانيس والزينة والهند بـ«الطاقية والغنجي»
- كيف نستقبل شهر رمضان ؟ - إسلام أون لاين
تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١ - الصفحة ٢٥٦
وقَوْلُهُ ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقى﴾ مَضى الكَلامُ عَلى نَظِيرِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَمَن يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ ويُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقى﴾ [البقرة: ٢٥٦] في سُورَةِ البَقَرَةِ، وهو ثَناءٌ عَلى المُسْلِمِينَ. وتَذْيِيلُ هَذا بِقَوْلِهِ ﴿وإلى اللَّهِ عاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ إيماءٌ إلى وعْدِهِمْ بِلِقاءِ الكَرامَةِ عِنْدَ اللَّهِ في آخِرِ أمْرِهِمْ وهو الحَياةُ الآخِرَةُ. والتَّعْرِيفُ في الأُمُورِ لِلِاسْتِغْراقِ، وهو تَعْمِيمٌ يُرادُ بِهِ أنَّ أُمُورَ المُسْلِمِينَ الَّتِي هي مِن مَشْمُولاتِ عُمُومِ الأُمُورِ صائِرَةٌ إلى اللَّهِ ومَوْكُولَةٌ إلَيْهِ فَجَزاؤُهم بِالخَيْرِ مُناسِبٌ لِعَظَمَةِ اللَّهِ. والعاقِبَةُ: الحالَةُ الخاتِمَةُ والنِّهايَةُ. والأُمُورُ: جَمْعٌ أمْرٍ وهو الشَّأْنُ. وتَقْدِيمُ (إلى اللَّهِ) لِلِاهْتِمامِ والتَّنْبِيهِ إلى أنَّ الرّاجِعَ إلَيْهِ يُلاقِي جَزاءَهُ وافِيًا.
فتضمنت هذه الآية شرطي صحة وقبول العمل، وهما: الإخلاص والمتابعة، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ [النساء: 125]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 22]، وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]. فمن لم يخلص العمل لله تعالى فعمله باطل مردود كالمنافقين ونحوهم، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142]، وقال تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 4 - 7]. ومن تعبد الله بغير ما شرع فعمله باطل مردود، كالرهبان وأهل البدع ونحوهم. قوله: ﴿ فَلَهُ أَجْرُهُ ﴾ أي: فله ثواب عمله، وهي الجنة وما فيها من ألوان النعيم، وقدّم الخبر وهو قوله: "له" وسمَّىٰ ثوابه "أجراً" تأكيداً لضمانه عز وجل له وتكفله به، تفضلا منه وكرماً، كما قال تعالى: ﴿ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾ [الأنعام: 12]، وقال تعالى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف: 156].
التفكير والتأمل في مواعظ الشهر الكريم
يجب إستقبال الشهر الكريم بالتفكير في العبر والمواعظ التي تحدث في حياتنا وبالأخص العبر الخاصة بشهر رمضان مثل الصيام والتدبر في أمره فكم يشبه الإفطار الآخرة بعد الصيام وهي الدنيا فالإفطار يجعل الشخص في فرحه بعد تعب وعناء وهو إحساس جميل يجعلنا نفكر في إحساس أخذ الكتاب باليد اليمنى فالصائم يفرح بالفطار ويفرح حين يلقى ربه ويرى أجره العظيم يوم القيامة. [2]
كيف تستقبل دول العالم شهر رمضان؟.. مصر بالفوانيس والزينة والهند بـ«الطاقية والغنجي»
إن موسم رمضان فرصةٌ للإقبال على الله، والتوبة من الذنوب، إن من يتأمَّل حاله - وهذا شأنُ كلِّ واحدٍ مِنَّا - يجِدُ أن تقصيرَه عظيمٌ، وتفريطَه في جنب الله كبيرٌ. يقول - صلى الله عليه وسلم -: «كلُّ بني آدمَ خَطَّاءٌ، وخيرُ الخَطَّائين التوَّابون» ، فالذنوبُ كثيرةٌ، والتقصيرُ حاصلٌ، وأمامنا موسمٌ عظيمٌ للتوبة إلى الله - جلّ وعلا -. كيف تستقبل دول العالم شهر رمضان؟.. مصر بالفوانيس والزينة والهند بـ«الطاقية والغنجي». وإذا لم تتحرَّك النفوس ولم تتحرَّك القلوب في هذا الموسم الكريم المبارك للتوبة إلى الله، والندم على فعل الذنوب فمتى تتحرَّك؟! ولهذا صحَّ في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «رَغِمَ أنفُ امرئٍ أدركَ شهرَ رمضانَ ثم انسلَخَ عنه ولم يُغفَر له» ؛ وذلك لأنه موسمٌ عظيمٌ للتوبة، تتحرَّك القلوبُ فيه للتوبة إلى الله، والإنابة إليه، والإقبال على طاعته - جلّ وعلا -.
كيف نستقبل شهر رمضان ؟ - إسلام أون لاين
تجديد نية الصيام
الصيام من الأشياء التي يجازي عليها الله وهو من أعظم العبادات وهناك البعض الذين يصومون وتعودوا على الصيام دون أي تدبر في الثواب والأجر المترتب عليه لذا يجب تجديد النية والشعور بمدى الفضل الذي قدمه الله لنا بالصيام وثوابه ولقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " من صام رمضان إيمانًا وإحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " لذا وجب تجديد نية الصيام بقصد إتباع أوامر الله وطاعته وطمعًا في الأجر المترتب على الصيام وبالطبع الصيام بصورة خالصة لوجه الله دون أي زيف أو رياء. القيام في شهر رمضان
من الأشياء التي يجب علينا الإستعداد بها قبل رمضان وإستقباله بها هي معرفة الأجر والشعور بمدى فضل القيام في هذا الشهر فصلاة التراويح إختص بها الله شهر رمضان ويعتبر من أفضل الأعمال الصلاه مع الامام حتى الإنصراف وذلك كي يكتب له قيام ليلة ولقد وصانا الرسول بذلك فالأجر الكبير الناتج عن هذه الصلاة يجعلنا ننتظر شهر رمضان ونتوق له وننتظره. عدم تضييع الوقت
رمضان هو أيام معدودات تأتي وترحل سريعًا لذا يجب عدم تضييع الوقت ومحاولة الإجتهاد في الطاعات والعبادة ومعرفة أن مشقة العبادة تذهب وبعدها يبقى الأجر العظيم فلهذه الساعات المعدودة أهمية كبرى لا يجب تضييعها في اللهو والسهر أو النوم بل يجب الفوز برمضان قبل أن يمر كالبرق فلا يجب تضييعه في أشياء لا تفيد.
والأحاديث الدالةُ على فضل هذا الشهر، وعظيم شأنه، وكريم منزلته عند الله كثيرةٌ لا تُحصَى، عديدةٌ لا تُستَقصَى، والواجبُ علينا أن نفرح غايةَ الفرح، وأن نسعد غاية السعادة بإقبال هذا الشهر الكريم بخيراته الموفورة، وميّزاته العظيمة الكثيرة: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٨]. إن الفرح بقدوم هذا الشهر ومعرفة فضله ومكانته من أعظم الأمور المُعِينة على الجد والاجتهاد فيه، ولم يُضيِّع كثيرٌ من الناس الطاعةَ في هذا الشهر الكريم والإقبال على الله - جلّ وعلا - فيه إلا بسبب جَهْلِهم بقيمته ومكانته وإلا لو عرف المسلم هذا الشهر حقَّ معرفته وعَرَفَ قدره ومكانته لتهيَّأ له أحسنَ التهيُّؤ، واستعَدَّ له غاية الاستعداد، ولبَذَلَ قصار وُسْعِه وجهده واجتهاده في سبيل تحصيل طاعة الله، والقيام بعبادة الله على الوجه الذي يُرضِي الرب - تبارك وتعالى -. والسؤال الذي يطرحُ نفسه في هذه الأيام: كيف نستقبل هذا الشهر الكريم؟ كيف نتهيَّأ لهذا الموسم العظيم؟ كيف نستعِدُّ لهذا الشهر المبارك؟ وليس استقبال هذا الشهر بتبادُل باقات الورد والزهور، ولا بإلقاء الأناشيد والأراجيز، ولا بتهيِئَة الملاعب والصالات، ولا بجمع صنوف أنواع المطاعم والمشروبات والمأكولات؛ إن التهيُّؤ لهذا الشهر الكريم تهيُّؤٌ للطاعة، واستعداد للعبادة، وإقبالٌ صادقٌ على الله - جلّ وعلا - وتوبةٌ نصوحٌ من كل ذنب.