19- المرآة صبورة فلا تملّ من مجالسة الآخرين وتراعي شؤونهم وحقوق المصاحبة وتتحمل أياً كان، وكذلك المؤمن لا يتضجر من الآخرين ولا يملّ منهم بل يحاول بكل جهوده أن يصلح أمرهم ويهديهم إلى ما هو الصحيح والصواب. 20- المرآة لا تعبدك ولا تجعل منك صنماً فكذلك المؤمن لا يجعل من الآخرين له صنماً يعبده دون الله سبحانه وتعالى فلا تعصّب عنده ولا تحزّب ولا قبيّة ولا ما شابه، ذلك مما ينافي روح الإيمان ويلزمه الشرك الجلي أو الخفي "فلا صنميّة بين المؤمنين". 21- المرآة لا تدعو إلى نفسها بل تدعو إلى الله سبحانه وتذكر الإنسان بخالقه ومصوّره ومن هذا المنطلق يستحب للإنسان أن يدعو بهذا الدعاء عند ما ينظر في المرآة: "الحمد لله الذي خلقني فأحسن خَلقتي وصوّرني فأحسن صورتي وزان مني ما شان به غيري وأكرمني بالإسلام، اللّهمّ حسّن خُلقي كما أحسنت خلقتي" فالمرأة تذكّر الإنسان بربه وكذلك المؤمن يذكّر أخاه المؤمن بربه. الدرر السنية. 22- المرآة متواضعة فإنها تصوّر الآخرين وتجالس الغني والفقير والشريف والوضيع فكذلك المؤمن يتواضع للجميع كما قال الرسول الأعظم "أنا مسكين وأحبّ المساكين" ومن تواضع لله رفعه الله. 23- المرآة مخلصة في بيان العيوب والمحاسن والمؤمن كذلك يتعامل مع أخيه المؤمن بكل إخلاص من دون غش ومكر وحيلة، لأنّ المؤمن مرآة المؤمن والمرآة مخلصة في عملها فكذلك المؤمن مخلص في عمله وإيمانه.
الدرر السنية
عن أبي هريرة _رضي الله عنه( قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "المؤمن مرآة أخيه"(1) هذا الحديث حسنه بعض أهل العلم، وقد اشتمل على معان حسنة. المؤمن مرآة أخيه – بصائر. وفيه جملة بليغة من الذي قال: "بعثت جوامع الكلم"(2)، قال أبوموسى: "وكان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قد أعطي جوامع الكلم بخواتمه"(3). فالعبارة الواحدة منه _عليه الصلاة والسلام_ تحتاج منا إلى كتابات كثيرة ومقالات عديدة ثم لا نستوفي بذلك ما فيها من حكم وعبر فحديث: "يا أبا عمير ما فعل النغير؟"(4) من العلماء من صنف فيه كابن القاص الذي انتزع منه ستين فائدة، وزاد عليها بعضهم! وهذه العبارة الجامعة منه _صلى الله عليه وسلم_: "المؤمن مرآة أخيه"، فيها ضوابط النصيحة في ثوب المثال. وذلك لأن المثل أوقع في النفس من الكلام المجرد وأبقى في الذهن ولذا كثر في القرآن، وهذه العبارة منه _صلى الله عليه وسلم_ يسميها البلاغيون بالتشبيه البليغ، وهو ما حذف منه الأداة ووجه الشبه كما في هذا الحديث، والمراد أن المسلم يعمل عمل المرآة لصاحبها، فماذا تعمل المرآة وكيف تعمل؟
المرآة تكشف الأدران البدنية التي تلحق بنا وكذا المسلم يكشف لأخيه ما به من عيوب وأدران معنوية وذلك من خلال المناصحه.
المؤمن مرآة أخيه – بصائر
والمرآة تكشف الأدران الحسية بلطف، فليس لها عصا غليظة تشير بها إلي موضع
الدرن في الجسد، وكذا المسلم يبين لأخيه العيوب بأسلوب حسن وكلام لطيف لأنه
يرى أن عليه إصلاحه. والمرآة لا تكشف العيوب لغير حاملها فلا تكشف الأدران لغير حاملهاكذا
المسلم لا يفضح أخاه، بل يناصحه في السر ومما ينسب للإمام الشافعي قوله:
تعمدني بنصحك في انفرادٍ
وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع
من التوبيخ لا أرضى استماعه
والمرآة لا تذهب بعد أن تكشف الأدران بل تبقي معينة علي
إزالتها، وكذا المسلم يبقي معين لك علي إزالة ما أنت فيه من الأخطاء
والعيوب، ولا ينتقد نقداً سلبياً هداماً لأجل النقد فحسب. ثم إن المرآة لا تحدث بصورتك غيرك، ولا تعرضها لسواك في غيبتك، فلا تفشي سرك عند الآخرين، وكذلك ينبغي أن يكون الأخ المسلم. المؤمن مرآة المؤمن - طريق الإسلام. بل إن المرآة لا تحفظ الصورة التي نكون عليها سابقا، فإذا أتى أحد بعدُ لا
يرى من وقف أمامها حال كونه متسخاً، أو حال إزالته الأوساخ عن جسده، وكذا
المسلم فإنه ينسي ما بأخيه من العيوب بمجرد أن تزول عنه، وتبقى صورة أخيه
خالية من العيوب في ذهنه، فضلاً عن أن يبث ما رأى من عيب. وبقدر ما تكون المرآة نقية يكون كشفها للعيوب أوضح وشفافيتها في ذلك أكثر،
وكذا المسلم بقدر ما تكون نفسه أنقى وقلبه لله أتقي يكون شعوره بالعيب
والخطاء أكثر، ولذا فإن على المسلم أن يصحب تقيا عارفا يعرفه عيوب نفسه،
وقد قال عمر _رضي الله عنه_: "رحم الله عبداً أهدى إلي عيوبي".
المؤمن مرآة المؤمن - طريق الإسلام
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ». [ إسناده حسن. ] - [رواه أبو داود والترمذي. ] الشرح
في الحديث وصف نبوي بديع، وتشبيه بليغ، يبين موقف الأخ المسلم من أخيه، ويحدد مسؤوليته تُجَاهَهُ، فيرشده إلى محاسن الأخلاق فيفعلها، وإلى مساوئ الأخلاق فيجتنبها، فهو له كالمرآة الصقيلة التي تريه نفسه على الحقيقة، وهذا يفيد وجوب النصح للمؤمن، فإذا اطلع على شيء من عيوب أخيه وأخطائه نبهه عليها وأرشده إلى إصلاحها، لكن بينه وبينه، لأن النصح في الملأ فضيحة. الترجمة:
الإنجليزية
الفرنسية
الإسبانية
التركية
الأوردية
الإندونيسية
البوسنية
البنغالية
الصينية
الفارسية
تجالوج
الهندية
الفيتنامية
السنهالية
الكردية
الهوسا
التاميلية
عرض الترجمات
هذا الحديثُ مِنْ جَوامِعِ كلِمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذْ تَضَمَّنَ تَوْجِيهَ النَّاصِحِ للنُّصْحِ، وتوجيهَ الْمَنْصوحِ لِقَبولِ النَّصيحَةِ؛ وتوجيهَهُما معًا لأَدَبِ النَّصيحَةِ، وبيانُ ذلك مِن ثلاثةِ وجوهٍ...
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: « الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ » (رواه أبو داود)[1]. هذا الحديثُ مِنْ جَوامِعِ كلِمِ النبي ِّ صلى الله عليه وسلم إذْ تَضَمَّنَ تَوْجِيهَ النَّاصِحِ للنُّصْحِ، وتوجيهَ الْمَنْصوحِ لِقَبولِ النَّصيحَةِ؛ وتوجيهَهُما معًا لأَدَبِ النَّصيحَةِ، وبيانُ ذلك مِن ثلاثةِ وجوهٍ: الوجهُ الأولُ: تَوْجِيهُ النَّاصِحِ للنُّصْحِ: مِن حيثُ إِنَّ الْمِرآةَ لا تُخْفِي عيْبَ النَّاظِرِ فِيهَا بَل تُبيِّنُهُ لَهُ، فالنَّاصِحُ مِثْلُهَا، لا يخفِي عيب أخيهِ؛ لأن ذلك يضرُّه في الدنيا والآخرة. الوجهُ الثاني: توجيهُ الْمَنْصوحِ لِقَبولِ النَّصيحَةِ: مِن حيثُ إِنَّ الَّذي يَرَى عَيْبَ وَجْهِهِ في الْمْرْآةِ سوفَ يُبَادِرُ لإِصلاحِ العَيْبِ؛ لأنه يعلم صِدقَ المرآة، وهكذا ينبغي أن يكون عليه حال المنصوح إذا سمع النصيحة، فإنه يتقَبَّلُها، ويبادرُ للعمل بها.
وجاء في الخبر الشريف عن الله سبحانه وتعالى: "يتقرب إليّ عبدي المؤمن بالنوافل حتى أُحبّه فإذا أحببته أكون سَمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها". ويصل الإنسان إلى الكمال المطلق إلى قاب قوسين أو أدنى، فيكون في سلوكه وحركاته وسكناته مرآة ربه واجب الوجود لذاته المستجمع لجميع الصفات الكمالية والجمالية. المصدر: مجلة نور الإسلام/ العدد 11 و12 لسنة 1989م