إسناده صحيح وقد توبع ابن أبي عدي 1- تابعه علي بن عاصم متروك أخرجه الخطيب في البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي (ج2/ص306) من طريق علي بن عاصم - متروك الحديث -، أنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس: في قوله عز وجل {ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون} [التين: 6] قال: {رددناه أسفل سافلين} [التين: 5] إلى أرذل العمر {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون} [التين: 6] قال: رجل كان يعمل في شبيبته خيراً فكبر وعجل عن ذلك فهو يجرى عليه من الأجر ما كان يجرى عليه في شبيبته وصحته لا يمن عليه بذلك. 2- وتابعه حماد بن سلمة ثقة حافظ حيث قال ابن عبد البر في التمهيد (ج12/ص269) عن سنيد حدثنا حماد عن داود عن عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال إذا كبر وعجز يجرى عليه أجر ما كان يعمل في شبيبته غير ممنون. سنيد فيه ضعف وقد توبع عكرمة نفسه تابعه أبو رزين مسعود بن مالك أخرجه البيهقي في الزهد الكبير (ص242) أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنبأنا أبو منصور النضروي، ثنا أحمد بن نجدة، ثنا سعيد بن منصور، ثنا الوليد بن أبي ثور الهمداني، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي رزين، عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} [التين: 4] قال: في أعدل خلق ثم {رددناه أسفل سافلين} [التين: 5] يقول: من أرذل العمر {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون} [التين: 6] يقول: الذين يدركهم الكبر من الذين آمنوا وعملوا الصالحات قال: لا يؤخذون بعمل عملوه في كبرهم.
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ | تفسير القرطبي | التين 5
وبات بليلة عظيمة، فلما أصبح غدا إلى دار المنصور، فأخبره الخبر، وأظهر للمنصور جزعا عظيما؛ فاستحضر الفقهاء واستفتاهم. فقال جميع من حضر: قد طلقت؛ إلا رجلا واحدا من أصحاب أبي حنيفة، فإنه كان ساكتا. فقال له المنصور: ما لك لا تتكلم؟ فقال له الرجل: بسم اللّه الرحمن الرحيم {والتين والزيتون. وطور سينين. وهذا البلد الأمين. لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}. يا أمير المؤمنين، فالإنسان أحسن الأشياء، ولا شيء أحسن منه. فقال المنصور لعيسى ابن موسى: الأمر كما قال الرجل، فأقبل على زوجتك. تأملات في سورة التين. وأرسل أبو جعفر المنصور إلى زوجة الرجل: أن أطيعي زوجك ولا تعصيه، فما طلقك. فهذا يدلك على أن الإنسان أحسن خلق اللّه باطنا وظاهرا، جمال هيئة، وبديع تركيب الرأس بما فيه، والصدر بما جمعه، والبطن بما حواه، والفرج وما طواه، واليدان وما بطشتاه، والرجلان وما احتملتاه. ولذلك قالت الفلاسفة: إنه العالم الأصغر؛ إذ كل ما في المخلوقات جمع فيه. الثانية: قوله تعالى {ثم رددناه أسفل سافلين} أي إلى أرذل العمر، وهو الهرم بعد الشباب، والضعف بعد القوة، حتى يصير كالصبي في الحال الأول؛ قاله الضحاك والكلبي وغيرهما. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد {ثم رددناه أسفل سافلين} إلى النار، يعني الكافر، وقال أبو العالية.
تأملات في سورة التين
فَمَا سَمِعتُ أَحَدًا أَحسَنَ صَوتًا مِنهُ. قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُون ﴾ قال ابنُ عباسِ والحسنُ ومجاهدٌ وغيرهُمُ: "هو تينكم الذي تأكلون، وزيتونكم الذي تعصرون منه الزيت، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِين ﴾ [المؤمنون: 20]" [2]. ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ | تفسير القرطبي | التين 5. قال القرطبي: "﴿ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء ﴾ يريدُ شجرةَ الزيتونَ ، وأفردها بالذكر لعظيم منافعها في أرض الشامِ والحجازِ وغيرهما من البلاد وقلة تعاهدها بالسقي والحفر وغير ذلك من المراعاة في سائر الأشجار" [3]. وقال بعض المفسرين: وإنما أقسم الله بالتين لأنه كان ستر آدم في الجنة لِقَولِهِ تَعَالَى ﴿ وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ﴾ [الأعراف: 22]، وكان ورق التين والزيتون شجرة مباركة، قَالَ تَعَالَى: ﴿ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ ﴾ [النور: 35]. وينتفع به في الدهن والاصطباغ كما يسرج به فهو أَضْوَأُ وأصفى الأدهان، ويستعمل حطب هذه الشجرة للوقود، كما أن للزيتون فوائد طيبة عظيمة، وقد ذكر في مزاياها أنها شجرة تورق من أعلاها إلى أسفلها، وأن زيتها لا يحتاج في استخراجه إلى إعصار، بل كل أحد يستخرجه بسهولة، كما أنه يُعالج القروح والجراحات [4].
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ | تفسير ابن كثير | التين 5
ومحال أن يحتجّ على قوم كانوا مُنكرين معنى من المعاني بما كانوا له مُنكرين. وإنما الحجة على كلّ قوم بما لا يقدرون على دفعه، مما يعاينونه ويحسُّونه، أو يقرّون به، وإن لم يكونوا له مُحسين. وإذْ كان ذلك كذلك، وكان القوم للنار- التي كان الله يتوعدهم بها في الآخرة- مُنكرين، وكانوا لأهل الهِرَم والخَرَف من بعد الشباب والجَلَد شاهدين، علم أنه إنما احتجّ عليهم بما كانوا له مُعاينين، من تصريفه خلقه، ونقله إياهم من حال التقويم الحسن والشباب والجلد، إلى الهِرَم والضعف وفناء العمر، وحدوث الخَرَف.
قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم ﴾ هذا جواب القسم، والمراد أن الله تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة وشكل منتصب القامة سوي الأعضاء حسنها، قال ابن العربي: ليس لله تعالى خلق أحسن من الإنسان، فإن الله خلقه حيًّا عالمًا قادرًا مريدًا متكلمًا سميعًا بصيرًا مدبرًا حكيمًا [7]. قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [الإنسان: 2]. قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِين ﴾ أي: إلى النار، قال ابن كثير: ثم بعد هذا الحسن والنضارة مصيره إلى النار إن لم يطع الله ويتبع الرسل، ولهذا قال: ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ فإنهم لا يردون إلى أسفل السافلين [8]. قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُون ﴾ أي: غير منقوص ولا منقطع. قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّين ﴾ أي: فأي شيء يجعلك أيها الإنسان بعد هذا البيان لا تصدق بيوم الحساب وقد علمت البدأة وعرفت أن من قدر على البدأة فهو قادر على الرجعة بطريق الأولى، فأي شيء يحملك على التكذيب بالمعاد وقد عرفت هذا.