فإن قيل: كيف الجمع بين قوله: ( فوربك لنسألنهم) وبين قوله: ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) [الرحمن: 39] أجابوا عنه من وجوه:
الوجه الأول: قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يسألون سؤال الاستفهام; لأنه تعالى عالم بكل أعمالهم ، وإنما يسألون سؤال التقريع يقال لهم: لم فعلتم كذا ؟
ولقائل أن يقول: هذا الجواب ضعيف; لأنه لو كان المراد من قوله: ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) سؤال الاستفهام لما كان في تخصيص هذا النفي بقوله يومئذ فائدة; لأن مثل هذا السؤال على الله تعالى محال في كل الأوقات. والوجه الثاني: في الجواب أن يصرف النفي إلى بعض الأوقات ، والإثبات إلى وقت آخر; لأن يوم القيامة يوم طويل. ولقائل أن يقول: قوله: ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) هذا تصريح بأنه لا يحصل السؤال في ذلك اليوم ، فلو حصل السؤال في جزء من أجزاء ذلك اليوم لحصل التناقض. والوجه الثالث: أن نقول: قوله: ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) [الرحمن: 39] يفيد عموم النفي وقوله: ( فوربك لنسألنهم أجمعين) عائد إلى المقتسمين وهذا خاص ولا شك أن الخاص مقدم على العام. أما قوله: ( فاصدع بما تؤمر) فاعلم أن معنى الصدع في اللغة الشق والفصل ، وأنشد ابن السكيت لجرير: هذا الخليفة فارضوا ما قضى لكم بالحق يصدع ما في قوله حيف
فقال يصدع يفصل ، وتصدع القوم إذا تفرقوا ، ومنه قوله تعالى: ( يومئذ يصدعون) قال الفراء: يتفرقون.
- فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون - طريق الإسلام
- فوربك لنسألنهم أجمعين
فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون - طريق الإسلام
2021-10-24, 10:58 PM #1 لنسألنهم أجمعين د. أمير الحداد {فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون} (الحجر: 91-92). - أعظم القسم أن يقسم الله عز وجل بذاته الكريمة.. ولا يكون ذلك إلا على أمر عظيم.. والسؤال هنا ليس للاستفسار والاستعلام؛ بل للتوبيخ والحساب ثم الجزاء. - هذا السؤال للكفار.. أليس كذلك؟ - لو قرأت الآية قبلها.. {الذين جعلوا القرآن عضين}.. أي أجزاء وأصنافاً، آمنوا ببعضه وأعرضوا عن بعض.. وكفروا ببعضهم الآخر.. وجاء في تفسير ابن أبي حاتم.. أن جميع العباد يُسألون عن خلتين: عما كانوا يعبدون، وعما أجابوا به المرسلين.. والسؤال ليس «ماذا فعلت؟»، ولكن «لِمَ فعلت؟». - قرأت أن «عضين».. من معاني السحر.. هل هذا صحيح؟ - نعم.. عن عكرمة: «العضة»: السحر بلسان قريش.. ولكن «التجزئة» أغلب في الاستعمال. صاحبي من «أهل الفجر» لا تفوته صلاة الفجر في المسجد.. لا حرصا على الصلاة ولكن لسهولة الفجر عليه؛ حيث إنه متقاعد يتحكم في ساعات نومه كما يشاء.. وربما فاتته صلاة الظهر في المسجد معظم الأيام!!! تابعت الحديث: - ويمكن أن يكون السؤال للجميع.. كل على حسب عمله.. ولا يُعفىَ من السؤال أحد.. أما المؤمن فسؤاله مجرد عرض.. {فسوف يحاسب حسابا يسيرا}؛ «فمن نوقش الحساب فقد عذب»، فيسأل صاحب الأمانة عن أمانته.. فضلا عن الأسئلة العامة.. الصحة - المال - العلم - الوقت.
فوربك لنسألنهم أجمعين
( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون). قوله تعالى: ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون).
فإن قيل: فقد قال - تعالى -: ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون وقال: فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ، وقال: ولا يكلمهم الله ، وقال: إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون. قلنا: القيامة مواطن ، فموطن يكون فيه سؤال وكلام ، وموطن لا يكون ذلك فيه. قال عكرمة: القيامة مواطن ، يسأل في بعضها ولا يسأل في بعضها. وقال ابن عباس: ( لا يسألهم سؤال استخبار واستعلام هل عملتم كذا وكذا; لأن الله عالم بكل شيء ، ولكن يسألهم سؤال تقريع وتوبيخ فيقول لهم: لم عصيتم القرآن وما حجتكم فيه ؟ واعتمد قطرب هذا القول. وقيل: لنسألنهم أجمعين يعني المؤمنين المكلفين; بيانه قوله - تعالى -: ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم. والقول بالعموم أولى كما ذكر. والله أعلم. الطبرى: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فوربك يا محمد لنسألنّ هؤلاء الذين جعلوا القرآن في الدنيا عِضين في الآخرة عما كانوا يعملون في الدنيا، فيما أمرناهم به ، وفيما بعثناك به إليهم من آي كتابي الذي أنـزلته إليهم ، وفيما دعوناهم إليه من الإقرار به ومن توحيدي والبراءة من الأنداد والأوثان.. وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب وأبو السائب، قالا ثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثا، عن بشير، عن أنس، في قوله (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) قال: عن شهادة أن لا اله إلا الله.