حكم صيام يوم عرفة لغير الحاج
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
مسألة: حكم صيام يوم عرفة لغير حاج بها؟
يدخل في هذه المسألة الحاج في غير عرفة، ومن كان بعرفة من غير الحاج؛ فأما الأول مثل أن يصادفه يوم عرفة في الطريق، ولم يصل إلى عرفة إلا في الليل، فيشرع له صوم يوم عرفة لفقد العلة، إلا إذا كان مسافرًا فالسنة عدم الصيام لأنه المسافر يستحب له الفطر وبخاصة إذا وجد عليه مشقة، وأما الثاني كمن كان بعرفة لكنه لم يحج مثل العمال وشبههم فإنه يصوم ([1]). وكلاهما يستحب له الصيام ([2]) وذلك للأدلة التالية، وهي:
* كثرة الأحاديث الواردة بالندب إلى صومه، فقد جاء في الترغيب في صومه قوله صلى الله عليه وسلم: " صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده" ([3]) ، وعن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة، فقال: " يكفر السنة الماضية والباقية" ([4])
قال ابن هبيرة أما كون صوم يوم عرفة بسنتين ففيه وجهان:
أحدهما: لما كان يوم عرفة في شهر حرام، بين شهرين حرامين، كفر سنة قبله وسنة بعده. والثاني: إنما كان لهذه الأمة وقد وعدت في العمل بأجرين ([5]). ملتقى الشفاء الإسلامي - حكم صيام يوم عرفة لغير الحاج. وقيل:قبل وقوع المكفر، أو يلطف به بسبب صيامه، فلا يأتي بذنب، أو يوفق لما يكفره ([6]).
- حديث عن يوم عرفه
- حديث صوم يوم عرفه
- حديث فضل يوم عرفة
حديث عن يوم عرفه
القول الثالث: يكره صومه بعرفة وهو قولجماعة من أصحاب الشافعي ([10]) والمالكية ([11]) وبعض الحنابلة ([12]) وقالت الحنفية: يكره كراهة تنزيه، لإخلاله بالأهم في ذلك الوقت، اللهم إلا أن يسيء خلقه فيوقعه في محظور ([13]). أما القول الثالث فدليله: حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة" ([14]). كما استدلوا بما ورد عن أبي نجيح قال: سئل ابن عمر عن صوم يوم عرفة، قال: (حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصمه، ومع أبي بكر فلم يصمه، ومع عمر فلم يصمه، ومع عثمان فلم يصمه، فأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه. حديث صوم يوم عرفه. ) ([15])
وأجيب عن الحديثين:
بما قال النووي: (لا دلالة فيهما لمن قال بالكراهة، لأن الأول ضعيف، والثاني ليس فيه نهي، وإنما هو خلاف الأفضل كما قاله الشافعي والجمهور) ([16])
كما استدلوا بأن فضيلة صوم هذا اليوم مما يمكن استدراكها في غير هذه السنة ويستدرك عادة فأما فضيلة الوقوف والدعاء فيه لا يستدرك في حق عامة الناس عادة إلا في العمر مرة واحدة فكان إحرازها أولى ([17]). واستدلوا أيضًا بأن من كرهه فإنما كرهه من أجل الضعف عن الدعاء والعمل في ذلك الموقف والنصب لله فيه ([18]).
( [6]) انظر التمهيد (21-158)، المجموع (6-403)، شرح النووي (8-2) المغني (3-58)
( [7]) انظر التمهيد (21-158) بتصرف. ( [8]) انظر المغني (3-58)
( [9]) بدائع الصنائع (2-79)
( [10]) مغني المحتاج (1-446) المجموع (6-402) روضة الطالبين (2-387)
( [11]) مواهب الجليل (2-401). ( [12]) شرح النووي (8-2)، الإنصاف (3-344)، كشاف القناع(2-340)، الفروع(3-82). ( [13]) شرح فتح القدير (2-350)
( [14]) رواه أبو داود (2-326) ورواه النسائي (2-155)، وأحمد (2-446). ( [15]) رواه الترمذي (3-125)وقال:حديث حسن، ورواه أحمد في مسنده (2-47)، ورواه النسائي (2-155)بإسناد فيه مجهول. حديث عن يوم عرفه. ( [16]) المجموع (6-403)
( [17]) بدائع الصنائع (2-79)
( [18]) انظر التمهيد (21-164)، مواهب الجليل (2-401)
( [19]) مواهب الجليل (2-401)
(([20] انظر زاد المعاد (1-62)
( [21]) رواه أبو داود (2-320)، النسائي في الكبرى (2-155)، الترمذي (3-143) وقال: حديث عقبة حسن صحيح، وأحمد (4-152). ( [22]) التمهيد (21-163). ( [23]) انظر حاشية ابن القيم (7-77)
حديث صوم يوم عرفه
طرقه لا تخلو من مقال ، وقد قواه بعض أهل العلم. 1503 - " أفضل ما قلت أنا و النبيون عشية عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك و له الحمد ، و هو على كل شيء قدير ". قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 7:
رواه الطبراني في " فضل عشر ذي الحجة " ( 13 / 2) عن قيس بن الربيع عن الأغر
ابن الصباح عن خليفة بن حصين عن علي مرفوعا. قلت: و هذا إسناد لا بأس به في الشواهد ، رجاله ثقات غير قيس بن الربيع فهو
سيء الحفظ ، فحديثه حسن بما له من الشواهد. فمنها ما في " الموطأ " ( 1 / 422 / 246) عن زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش <1> بن أبي ربيعة عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره دون قوله " له
الملك... ما صحة هذا الحديث: يوم عرفة ترفع جميع الأعمال إلى الله ما عدا المتخاصمين؟. " و زاد في أوله: " أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ". وهذا إسناد مرسل صحيح ، و قد وصله ابن عدي و البيهقي في " الشعب " عن أبي هريرة مرفوعا به و زاد: " له الملك و له الحمد ، يحيي و يميت ، بيده الخير و هو على كل شيء قدير ". كما في " الجامع الكبير " ( 1 / 114 / 1) و " الزيادة على الجامع الصغير " ( ق
29 / 1). و منها عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا به نحوه ، و فيه
الزيادة التي في " الموطأ " و الزيادة التي في " الشعب " دون قوله:" يحيي و يميت ، بيده الخير ".
ودعا بعض السلف بعرفة فقال: «اللهم إن كنت لم تقبل حجي وتعبي ونصبي فلا تحرمني أجر المصيبة على تركِكَ القبول مني». وكان بعض السلف يأخذ بلحيته في يوم عرفة ويقول: «يا رب قد كَبُرت فأعتقني»، وشوهد بعرفة وهو يقول:
سبحان من لو سجدنا بالعيون له *** على حِمَى الشوك والمُحميِّ من الإبر
لـم نبلغ العشـر من معشار نعمته *** ولا العشير، ولا عشـرًا من العشـر
هو الرفيع فلا الأبصار تدركه *** سبحانه من مليكٍ نافذ القدر
سبحان من هو أُنسـي إذ خلوتُ به *** في جوفِ ليلي وفي الظلماء والسحر
وجاء عبد الله بن المبارك إلى سفيان الثوري ـ رحم الله الجميع ـ عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه في عرفة، وعيناه تُهمِلان من الدموع، فقال ابن المبارك لسفيان الثوري: «من أسوأ هذا الجمع حالًا»، فقال: «الذي يظن أن الله لا يغفر له» ا. هـ. (8) _______________________
(1) تفسير القرآن العظيم (3/26). (2) رواه البخاري (45) واللفظ له، ومسلم (3017). (3) رواه مسلم (1348) باب: فضل يوم عرفة. (4) المسند (2/224) برقم (7089)، وقال شعيب الأرنؤوط: «إسناده لا بأس به». ملتقى الشفاء الإسلامي - أحاديث منكرة في فضل عرفة. (5) أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/16): صحيح لغيره، رقم (1151).
حديث فضل يوم عرفة
* ولأن له فضيلة على غيره من الأيام ([7]). ( [1]) ينظر مغني المحتاج (1-446)، الشرح الممتع (6-471). ( [2]) ينظر حاشية ابن عابدين(3-301)، شرح فتح القدير(2-350)، بدائع الصنائع (2-79)، مواهب الجليل(2-401)، الفقه المالكي(2-133)، حاشية الدسوقي(1-515)، المجموع(6-401)، إعانة الطالبين (2-265)، مغني المحتاج(1-446)، المبدع(3-53)، الفروع(3-80)، الإنصاف(3-345).
2015-09-23, 01:32 AM #1 ما صحة هذا الحديث: يوم عرفة ترفع جميع الأعمال إلى الله ما عدا المتخاصمين؟
ما صحة هذا الحديث: يوم عرفة ترفع جميع الأعمال إلى الله ما عدا المتخاصمين؟ الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فلا نعلم حديثا بهذا اللفظ ولا بمعناه. وننبه إلى أنه لا يجوز نشر هذا الكلام، حيث لم يثبت كونه حديثا نبويا لا صحيحا ولا ضعيفا. وانظر ضوابط العمل بالحديث الضعيف في الفتوى رقم: 13202
وانظر بشأن أثر التخاصم والتشاحن الفتوى رقم: 69861
والله أعلم.