وهناك أناس عندما يعطيهم الله نعمة يقولون: "ربنا أكرمنا" وعندما يسلبهم النعمة يقولون: "ربنا أهاننا" وفي ذلك يقول سبحانه: { فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن} (الفجر:15-16) فمخطئ من اعتبر النعمة إكراماً من الله، ومخطئ أيضاً من اعتبر سلب النعمة إهانة من الله؛ إن النعمة لا تكون إكراماً من الله إلا إذا وُفَّق الله العبد في حسن التصرف في هذه النعمة، وحق النعمة في كل حال يكون بشكر المنعم، وعدم الانشغال بها عمن رزقه إياها. الوقفة السابعة: يُفهم أيضاً من قوله تعالى: { والله يرزق من يشاء بغير حساب} أنه سبحانه لا يحب أن يقدر العبد رزقه بحساب حركة عمله فحسب؛ فحساب حركة عمل العبد قد يخطئ؛ مثال ذلك الفلاح الذي يزرع، ويقدر رزقه فيما ينتج من الأرض، وربما جاءت آفة تذهب بكل شيء، كما يُلاحظ ويُشاهد، ويصبح رزق الفلاح في ذلك الوقت من مكان آخر، لم يدخل في حسابه أبداً. ولهذا، فإن على الإنسان أن يعمل في الأسباب، ولكنه لا يأخذ حساباً من الأسباب، ويظن أن ذلك هو رزقه؛ لأن الرزق قد يأتي من طريق لم يدخل في حسابه، وقد قال الحق في ذلك: { ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} (الطلاق:2-3).
- تفسير سوره الماعون للاطفال المصحف
- تفسير سوره الماعون للاطفال مكرر
إن الله يرزق من يشاء بغير حساب
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾. [1]. بقَدر يقينك بالله تعالى، وتوكلك عليه، وثقتك فيه وفيما عنده، يكون رزقك. فإنَّ اللَّهَ تَعَالَى ساق الرزق لمَرْيَمَ - عليها السلام - لقوةِ إيمانها بالله، وعظيمِ ثقتها به، وكمال توكلها عليه. نعم، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾..
أَلَمْ تَسْمَعْ قَولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا»؟ [2]. وآفةُ كثير مِنَ النَّاسِ التعلقُ الزائد بالأسبابِ، والركونُ إليها، مع الغفلة عن التوكل على الله. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ».
الثاني: جائز أن يكون المعنى: أنه يرزق في الدنيا عباده المؤمنين من حيث لا يحتسبون. فإن قيل: قد قال الله تعالى في وصف المتقين وما يصل إليهم: { جزاء من ربك عطاء حسابا} (النبأ:36) أليس ذلك مناقضاً لما في هذه الآية؟ والجواب: لا؛ لأن المقصود بقوله سبحانه: { عطاء حسابا} أقوال، منها:
أولاً: أن يكون بمعنى كافياً، من قولهم: حسبي كذا، أي يكفيني. والمعنى: أن الله تعالى يكرمه ويعطيه حتى يقول: حسبي حسبي. ثانياً: قوله سبحانه: { حسابا} مأخوذ من حسبت الشيء إذا أعددته وقدرته، أي: بقدر ما وجب له فيما وعده الله تعالى به من الأضعاف المضاعفة، للحسنة عشراً أو سبعمائة أو بدون مقدار، كقوله تعالى: { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} (الزمر:10). ثالثاً: أنه كثيراً، فيقال: أحسبت فلاناً، أي: أكثرت له العطاء. رابعاً: أنه حسب أعمالهم. خامساً: أنه تعالى لما ذكر في وعيد أهل النار { جزاء وفاقا} قال في وعد أهل الجنة: { عطاء حسابا} كأنه يقول: راعيت في ثواب أعمالكم الحساب؛ لثلا يقع في ثواب أعمالكم بخس أو نقصان. فانظر إلى عظمة هذا الكتاب وكثرة معانيه:
كالبدر من حيث التفت رأيته يهدي إلى عينيك نوراً ثاقباً
كالشمس في كبد السماء وضوئها يغشى البلاد مشارقاً ومغاربا
بيد أن محاسن أنوار هذا الكتاب العظيم لا يمكن أن تثقفها إلا البصائر الجلية، وأطايب ثمره لا تقطفها إلا الأيادي الزكية، ومنافع شفائه لا تنالها إلا النفوس الزكية النقية، كما صرح في وصفه سبحانه: { إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون} (الواقعة:77-79) وقوله عز وجل: { قل هو للذين أمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذنهم وقر وهو عليهم عمى} (فصلت:44).
وعند تفسير سورة الماعون للأطفال والتدبر في معاني الآيات نجد أيضًا أن هذا الشخص لا يعطي الفقراء والمساكين أي مساعدة ولو حتى بإطعامهم وهم يتضورون جوعًا، ولا يحث الآخرين من أهل بيته وأقاربه على فعل ذلك. ونستخلص من الآيات أن الإنسان لو كان يؤمن بالدار الآخرة وأنه سوف يحاسب على أعماله السيئة لما كان حرم اليتيم من حقه أو امتنع عن إطعام الفقراء ومساعدتهم وحث الآخرين على فعل ذلك. استخفاف الإنسان بالصلاة
بعد ذكر منكري الآخرة وسوء خلقهم، نجد الله يخبرنا عن المنافقين الذين يستخفون بالصلاة أي أنهم يصلون في العلن للتباهي أمام الناس، ولكن عندما يكونون مع أنفسهم فإنهم لا يفكرون في الصلاة. وهؤلاء يعرفون بالمنفاقين فهم مسلمون بالاسم فقط ومصيرهم سيكون كمصير منكري الآخرة حيث يتوعد الله لهم بالويل والعذاب. كما أن هناك فئة أخرى من المسلمين الذين يحذرهم الله ويتوعد لهم إذا لم ينتهوا عما يفعلوا فسوف يلاقوا العذاب. هؤلاء هم الذين يغفلون عن الصلاة ويستخفون بها فلا يصلونها في أوقاتها ويضيعون الوقت في الكسل أو فعل أي شيء غير ضروري يلهيهم عن الصلاة. ويقع هؤلاء الأشخاص في فئة المنافقين الذين يعلنون إسلامهم أمام الآخرين فقط ولكن إذا اختلوا مع أنفسهم لم يلتزموا بأي من مباديء الإسلام وثوابته.
تفسير سوره الماعون للاطفال المصحف
على المسلم أن يقوم بأعمال الخير وذلك ابتغاء مرضات الله عز وجل، وليس تظاهرًا وتفاخرًا بفعل العبادات أمام الناس فقط وعدم فعلها بعيد عن أعين الناس. سورة الماعون من أعظم السور التي جاءت في القرآن الكريم حيث إنها تغرس في المسلمين القيم والأخلاق السامية، والتي من أهمها الحفاظ على مشاعر وحقوق اليتيم، وهذا ما جاء في تفسير سورة الماعون للأطفال. غير مسموح بنسخ أو سحب مقالات هذا الموقع نهائيًا فهو فقط حصري لموقع زيادة وإلا ستعرض نفسك للمسائلة القانونية وإتخاذ الإجراءات لحفظ حقوقنا.
تفسير سوره الماعون للاطفال مكرر
قد يهمك أيضًا: فضل سورة الماعون
صفات المنافقين والمرائين.. شرح و تفسير سورة الماعون للأطفال
قد يهمك أيضًا: مقاصد سورة الماعون
إن النفاق واحدة من أسوأ الصفات التي قد تكون في الإنسان، وهي تودي به إلى الجحيم في النهاية. لذلك فإن الله توعد بالويل في الآيات لمن ينكر يوم القيامة صراحةً، إضافة إلى شمول التهديد على من يظهرون أنهم مسلمون ظاهرًا لكنهم لا يخافون من يوم الحساب ولا يؤمنون به. هؤلاء الأشخاص هم المنافقون الذين سيعذبهم الله شر عذاب في الآخرة. كما يعد الرياء من أشهر الصفات التي يتحلى بها المنافقون. والرياء هو التباهي أمام الآخرين، ويمكن أن يشمل الرياء الصلاة والعبادات فهم يؤدون العبادات للتباهي أمام الناس وليس لطاعة الله وعبادته. كما يخبرنا الله سبحانه وتعالى أن هؤلاء الأشخاص يمنعون الماعون. وتشير كلمة الماعون إلى جميع الأفعال التي يتم القيام بها تجاه شخص محتاج، أو جميع الأشياء التي يتم منحها لشخص مسكين تلبي أحد احتياجاته. الدروس المستفادة من سورة الماعون
نتعلم من سورة الماعون ألا ندير ظهرنا لليتامى أو نسيء معاملتهم ونعطيهم حقوقهم كاملة ونعاملهم بالحسنى. أن إطعام الفقراء أمر واجب علينا كمسلمين.
الآية الثالثة تضمنت قوله تعالى "وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ" ؛ فمن يدع اليتم لا يحض كذلك غيره على إطعام المساكين؛ لأنه كان من الأولى به أن يفعل ذلك بنفسه؛ لكنه لا يفكر في أمر هؤلاء المساكين الذين يحتاجون إلى العطف والحنان. من أهم أسباب نزول سورة الماعون هو تحذير الله تعالى للمصلين في قوله تعالى " فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ" ؛ وقد يبدو الأمر عجيبًا من إنذار المصلين بالويل؛ ولكن الآية التالية توضح سبب ذلك الإنذار والوعيد؛ حيث يقول الله تعالى " الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ "؛ أي هؤلاء المصلين الذين يُضيعون وقت الصلاة ولا يلتزمون بها في وقتها المحدد؛ ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن قولِهِ عزَّ وجلَّ: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [ الماعون: 6-7]، قال: يُراؤُونَ بصلاتِهم، ويَمنَعونَ زكاةَ أموالِهم. [1]
تُشير الآية الأخيرة من سورة الماعون إلى تحذير الله للمرائين بالعقاب، حيث يجب أن يكون العمل خالصًا لله تعالى لا لفت انتباه الناس، كما خصت الآية الأخيرة هذا النوع من البشر الذين يمنعون العطايا البسيطة مثل الدلو والإناء أول ما يشابهها في قوله تعالى " وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ "؛ ليوضح مدى حرصهم على عدم العطاء؛ حيث لا يمنحون غيرهم تلك الأشياء البسيطة التي جرت العادة بالسماح بإعطائها وتداولها بين الناس.