وهمزة الاستفهام إذا جاء بعدها "لم" فمعناها التقرير. والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكل من يصلح له، أي: أنك قد علمت وعلم كل مخاطب: ﴿ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾. وقدم المتعلِّق في قوله: ﴿ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ لتأكيد شمول قدرته- عز وجل- لكل شيء، مهما كان، وأيـًّا كان، صغيراً أو كبيراً، قليلاً أو كثيراً، ومن ذلك: قدرته- عز وجل- على نسخ ما شاء من الآيات، أو إنسائها، والإتيان بخير منها، أو مثلها، وغير ذلك. و﴿ قَدِيرٌ ﴾ على وزن "فعيل" يدل على كمال قدرته- عز وجل- أي: أنه عز وجل ذو القدرة التامة العظيمة و"القدير" اسم من أسمائه- عز وجل-، ومعناه: الذي يفعل ما أراد بلا عجز، كما قال تعالى: ﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ [البروج: 16]، وقال عز وجل: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ﴾ [فاطر: 44]. [1] ويأتي النسخ لغة بمعنى النقل، ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجاثية: 29]. هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ-آيات قرآنية. [2] أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 389)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 201) - الأثر (1065).
- هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ-آيات قرآنية
هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ-آيات قرآنية
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن عمرو, عن عطاء, عن الحكم, عن مقسم, عن ابن عباس ( هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ) قال: الكتاب: الذكر ( إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) قال: نستنسخ الأعمال. وقال آخرون في ذلك ما حدثنا الحسن بن عرفة, قال: ثنا النضر بن إسماعيل, عن أبي سنان الشيبانيّ, عن عطاء بن أبي رباح, عن أبي عبد الرحمن السلميّ, عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: إن لله ملائكة ينـزلون في كل يوم بشيء يكتبون فيه أعمال بني آدم.
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وقال الذهبي في "التلخيص": صحيح - وهو حديث عبد الله بن عمرو: "يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسع وتسعون سجلاً كل سجل مد البصر. ثم يقال: أتنكر من هذا شيئًا؟ فيقول: لا يا رب. فيقال: ألك عذر أو حسنة؟ فيهاب الرجل ويقول: لا. فيقال: بلى إن لك عندنا حسنة. وإنه لا ظلم عليك اليوم فيخرج له بطاقة - وهي الورقة الصغيرة - فيها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. فيقول: يا رب وما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: إنك لا تظلم. فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة" [رواه الحاكم في "مستدركه" من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما] فهذا الحديث الشريف فيه أن التوحيد يكفر الله به الخطايا التي لا تقتضي الردّة والخروج من الإسلام، أما الأعمال التي تقتضي الردة فإنها تناقض كلمة التوحيد وتصبح لفظًا مجردًا لا معنى له، قيل للحسن البصري رحمه الله: إن ناسًا يقولون: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة. فقال: من قال: لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة.