والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو، كم منا يوقن بأنه لو ترك مالاً مع زوجته فإنها سوف توظفه لتعليم أبنائها كما فعلت أم ربيعة؟ ومع أن الجواب معروف، إلا أن تحديد السبب وراء تلك الإجابة هو المقصود من طرح السؤال، وهو أن مجتمعاتنا أهملت المرأة وتركت الاستثمار في تثقيفها وتوعيتها وإعدادها لتكون عنصر بناء الأجيال في المجتمعات، وبسبب هذا الإهمال قامت شركات التسويق بملء الفراغ عند المرأة فحولتها إلى آلات استهلاك وإنفاق وترف لا عناصر بناء وتربية. بالبلدي: دعاء الإفطار .. "اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت" قلها مع أذان المغرب. والعبرة الأخرى من القصة هي المكانة الرفيعة التي يشغلها العلماء في المجتمع آنذاك مقارنة بواقع الحال. حيث كان العلماء قادة المجتمع ومحط إعجاب الناس بلا منافس، ولذلك كان مطمح كل أم وأب أن يصبح ابنهم مثل ربيعة الرأي أو مالك أو أبو حنيفة أو الشافعي أو أحمد بن حنبل، وليس مثل زماننا الذي انقلبت فيه الموازين فأصبح الفنانون والفنانات ولاعبو الكرة هم الذين يشغلون دائرة اهتمام الناس وإعجابهم فتغدُق عليهم الأموال الطائلة بدون حساب، أما العلماء فلا أحد يأتي على ذكرهم ويهتم بشؤونهم ناهيك عن إنفاق المال في سبيل إعدادهم. إن المطلوب هو إعادة ترتيب أولويات المجتمع وتوجيه الجهود والموارد نحو إعادة بناء الإنسان في مجتمعاتنا وجعل ذلك على رأس الأولويات وعدم إهدار الثروات على وسائل الراحة والترف والترفيه التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
توفي انس بن مالك سنه
ومن خلال كتب الإمام السيوطي والذهبي والحافظ ابن الجوز، نعرف أن دجين الفزاري الذى لقب بـ"جحا" كان معروف بالفطنة والذكاء، وكان لديه أعداء، لأنه كان مقربا من السلطة حينذاك، وعرف عنه أيضا أنه كان يجيد حل المشكلات ولكن بأسلوب ساخر ينم عن ذكائه، ومن هنا ألف عنه أعدائه حكايات البلاهة والسذاجة التى انتشرت حتى يومنا هذا.
فى حلقة جديدة من برنامج "اللى ما تعرفوش" الذى يعده ويقدمه الزميل بلال رمضان، على تليفزيون اليوم السابع، يتحدث عن شخصية جحا المثيرة للجدل، حول إذا ما كانت شخصية حقيقة، ومن التابعين رضوان الله عليهم، أم أنها شخصية خيالية؟. إذا ذكرت سيرته نتذكر حماره، وإذا أردنا أن نسخر من غباء أحد، نقول له: "ودنك منين يا جحا"، لكن إن سألنا أى أحد ماذا تعرف عن جحا؟، من هو؟، وما اسمه، ومتى ولد؟، ومتى توفى، وماذا كان يعمل؟، ولماذا اشتهر بهذه الحكايات؟ لن يجيبنا أحد. توفي انس بن مالك سنه. هذه الأسئلة التى ذكرناها آنفا، شغلت عقول مفكرين وأدباء، جميعهم توصلوا إلى نتائج مختلفة، واتفقوا على نتيجة واحدة فقط، وهى أن جحا يعد من أشهر الشخصيات المثيرة للجدل في التاريخ العربي والإسلامي، شخصية لا يمكننا الجزم إذا ما كانت حقيقة أم أسطورة أم محض خيال، أم أكاذيب وتلفيق. وفقا للمصادر التاريخية، يقال بأن أول من تحدث عن جحا كان الجاحظ في كتاب "القول في البغال" لكنه للأسف الشديد لم يحدد هويته، ووفقا للمصادر التراثية يقال إن أقدم القصص المنسوبة لشخصية جحا في التراث العربي تعود إلى القرن الأول الهجري، لرجل يدعى دُجين بن ثابت الفزاري، ويقال بأنه كان راجل ظريفا محبا للمزاح، قال عنه العلامة الحافظ ابن عساكر أنه عاش أكثر من 100 سنة، بل وكان من التابعين رضوان الله عليهم، أى أنه عاش فى زمن الصحابة رضوان الله عليهم، ويقال بأن أم جحا كانت خادمة أنس بن مالك.