وجملة: (إنّي أخاف) في محلّ نصب مقول القول. وجملة: (أخاف) في محلّ رفع خبر إنّ. وجملة: (عصيت) لا محلّ لها اعتراضيّة... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله.. إعراب الآيات (14- 16): {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ (16)}. اية قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. الإعراب: (اللّه) لفظ الجلالة مفعول به مقدّم منصوب (مخلصا له ديني) مثل: (مخلصا له الدين). وجملة: (أعبد) في محلّ نصب مقول القول. (15) الفاء رابطة لجواب شرط مقدّر، والأمر في (اعبدوا) للتهديد (ما) موصول في محلّ نصب مفعول به، (من دونه) حال من العائد المقدّر (الذين) موصول خبر إنّ في محلّ رفع (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (خسروا) (ألا) أداة تنبيه (هو) ضمير فصل. وجملة: (اعبدوا) في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف أي: أمّا أنتم فاعبدوا... أي لا تعبدون اللّه. وجملة: (شئتم) لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الزمر - قوله تعالى قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب- الجزء رقم25
وكثيراً ما حرَّف بعض المسلمين معنى هذه الآية، وخرجوا منها بفهم سقيم خاطئ. فتجدهم يتحدثون عن فضل العلم والعلماء مطلقاً، ويرغبون في العلم مجرداً، ويمدحون العلماء أياً كانوا ، ولكن الآية لا تتحدث عن العلم المجرد، ولا عن العلماء بإطلاق. وإنما الآية تتحدث عن طائفةٍ خاصةٍ من العلماء، ومجموعةٍ مباركةٍ منهم، وتعرض لسمات هؤلاء، وتبين صفاتهم. وتدعو كل من أراد أن تنطبق عليه أن يوجد في نفسه وحياته هذه الصفات والخصائص. فالعالم الذي لا يساويه غيره، والجدير بأن يُسمى عالماً، ليس ذلك الذي يحمل الشهادات العالية، أو يتخصص التخصصات العلمية النادرة، أو يعيش في معمله ومختبره وميدانه الساعات العديدة والآيام الطويلة، العالم الجدير بأن يُسمى عالماً، هو الذي جمع بين ما سبق، وبين ما تقدمه الآية من صفات. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الزمر - قوله تعالى قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب- الجزء رقم25. هذا العالم المقبول عند الله، هو الذي يبيت آناء الليل ساجداً أو قائماً، يحذر الآخرة، ويرجو رحمة ربه. هو الذي قاده علمه إلى الاتصال باللهِ، وربط قلبه بربه. هو الذي جمع بين علم العالم، وإيمان المؤمن، وعبادة العابد، وقنوت القانت. هو الذي يعتبر علمه عبادة لله مثل الشعائر التعبدية، هو الذي يعبد الله في محراب العبادة، وفي المعمل والمختبر، هو الذي يتوجه إلى ربه بصلاته وبعلمه وبتجاربه واختباراته، وينسِّق بين كل هذه المجالات بفطنة وذكاء، وإيمان وإخلاص.
هذا هو: القنوت لله، وحساسية القلب، واستشعار الحذر من الآخرة، والتطلع إلى رحمة الله وفضله، ومراقبة الله، هذه المراقبة الواجفة الخاشعة. هذا هو الطريق. ومن ثم يدرك اللب ويعرف، وينتفع بما يرى ويسمع وما يجرب، وينتهي إلى الحقائق الكبرى الثابتة، من وراء المشاهدات الصغيرة. فأما الذين يقفون عند حدود التجارب المفردة، والمشاهدات الظاهرة، فهم جامعو معلومات وليسوا بالعلماء ". المراد بالعلماء في الآية إذن هم القانتون العاملون، وغيرهم ليسوا علماء ولا قانتين ولا عاملين، وإنما هم جهلاء لا يعلمون. قال الإِمام الزمخشري: " وأراد بالذين يعلمون: العاملين من علماء الديانة، كأنه جعل من لا يعمل غير عالم. وفيه ازدراءٌ عظيمٌ بالذين يقتنون العلوم ثم لا يقنتون، ويقتنون ثم يفتنون بالدنيا، فهم عند الله جهلة، حيث جعل القانتين هم العلماء ". * المصدر: تصويبات في فهم بعض الآيات: د. صلاح عبد الفتاح الخالدي.