* * *
و " العنيد " و " العاند " و " العَنُود " ، بمعنى واحد. ومن " الجبار " ، تقول: هو جَبَّار بَيِّنُ الجَبَريَّة ، والجَبْرِيَّة ، والجَبْرُوَّة ، والجَبَرُوت. (22)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك:
عن مجاهد:
( واستفتحوا) ، قال: الرسل كلها. التفريغ النصي - سلسلة تأملات قرآنية تأملات في سورة إبراهيم - للشيخ صالح بن عواد المغامسي. يقول: استنصروا
( عنيد) ، قال معاند للحق مجانبه. ابن عباس:
( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد)
قال كانت الرسلُ والمؤمنون يستضعفهم قومُهم ، ويقهَرُونهم ويكذبونهم ، ويدعونهم إلى أن يعودوا في مِلّتهم ، فأبَى الله عز وجل لرسله وللمؤمنين أن يعودُوا في مِلّة الكفر ، وأمرَهُم أن يتوكلوا على الله ، وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة ، ووعدهم أن يُسْكنهم الأرض من بعدهم ، فأنجز الله لهم ما وعدهم ، واستفتحوا كما أمرهم أن يستفتحوا ،
( وخابَ كل جبار عنيد). عن إبراهيم:
( وخاب كل جبار عنيد) ، قال: الناكب عن الحق. عن قتادة ، قوله:
( واستفتحوا)
يقول: استنصرت الرسل على قومها قوله:
( وخاب كل جبار عنيد) ، و " الجبار العنيد ": الذي أبى أن يقول: لا إله إلا الله. قال ابن زيد ، في قوله:
( وخاب كل جبار عنيد)
قال: " العنيد عن الحق " ، الذي يعنِدُ عن الطريق ، قال: والعرب تقول: " شرُّ الأهْل العَنِيد " الذي يخرج عن الطريق.
- وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ | منتدى الرؤى المبشرة
- التفريغ النصي - سلسلة تأملات قرآنية تأملات في سورة إبراهيم - للشيخ صالح بن عواد المغامسي
- باب قوله تعالى: إن الحسنات يذهبن السيئات - حديث صحيح مسلم
- آية و5 تفسيرات.. وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل - اليوم السابع
- ص471 - كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح - باب قوله وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل هو د - المكتبة الشاملة
- الباحث القرآني
وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ | منتدى الرؤى المبشرة
وكان بعض نحويي أهل الكوفة يقول
أكثر ما يجوزُ هذا في الأوقات ، لأن الوقت يمرُّ عليك ، فيصير خلفك إذا جزته ، وكذلك
( كَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ) ، لأنهم يجوزونه فيصير وراءهم. وقوله:
(وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ)
يقول: ويسقى من ماءٍ ، ثم بيَّن ذلك الماء جل ثناؤه وما هو ، فقال: هو " صديد " ، ولذلك رد " الصَّديد " في إعرابه على " الماء " ، لأنه بيَانٌ عنه. و " الصديد " ، هو القَيْحُ والدم. وكذلك تأوَّله أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
(وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ) ، و " الصديد " ، ما يسيل من لحمه وجلدِه. يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ۖ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ(17)
وقوله: ( يتجرَّعه) ، يتحسَّاه ( ولا يكاد يسيغه)
يقول: ولا يكاد يزدرده من شدة كراهته ، وهو مُسيغه من شدّة العطش. و العرب تجعل " لا يكاد " فيما قد فُعِل ، وفيما لم يُفْعَل. فأما ما قد فعل ، فمنه هذا ، لأن الله جل ثناؤه جعل لهم ذلك شرابًا. وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ | منتدى الرؤى المبشرة. وأمَّا ما لم يفعل وقد دخلت فيه " كاد " فقوله)حتى إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا (.. سورة النور: 40 ، فهو لا يراها.
التفريغ النصي - سلسلة تأملات قرآنية تأملات في سورة إبراهيم - للشيخ صالح بن عواد المغامسي
قوله تعالى {من ورائه جهنم} أي من وراء ذلك الكافر جهنم، أي من بعد هلاكه. ووراء بمعنى بعد؛ قال النابغة: حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ** وليس وراء الله للمرء مذهب أي بعد الله جل جلاله؛ وكذلك قوله تعالى {ومن ورائه عذاب غليظ} أي من بعده؛ وقوله تعالى {ويكفرون بما وراءه} [البقرة: 91] أي بما سواه؛ قاله الفراء. وقال أبو عبيد: بما بعده: وقيل {من ورائه} أي من أمامه، ومنه قول الشاعر: ومن ورائك يوم أنت بالغه ** لا حاضر معجز عنه ولا بادي وقال آخر: أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي ** وقومي تميم والفلاة ورائيا وقال لبيد: ليس ورائي إن تراخت منيتي ** لزوم العصا تحني عليها الأصابع يريد أمامي. وفي التنزيل {كان وراءهم ملك} [الكهف: 79] أي أمامهم، وإلى هذا ذهب أبو عبيدة وأبو علي قطرب وغيرهما. وقال الأخفش: هو كما يقال هذا الأمر من ورائك، أي سوف يأتيك، وأنا من وراء فإن أي في طلبه وسأصل إليه. وقال النحاس في قول {من ورائه جهنم} أي من أمامه، وليس من الأضداد ولكنه من تواري؛ أي استتر. وقال الأزهري: إن وراء تكون بمعنى خلف وأمام فهو من الأضداد، وقاله أبو عبيدة أيضا، واشتقاقهما مما توارى واستتر، فجهنم توارى ولا تظهر، فصارت من وراء لأنها لا ترى، حكاه ابن الأنباري وهو حسن.
قوله تعالى {ويسقى من ماء صديد} أي من ماء مثل الصديد، كما يقال للرجل الشجاع أسد، أي مثل الأسد، وهو تمثيل وتشبيه. وقيل: هو ما يسيل من أجسام أهل النار من القيح والدم. وقال محمد بن كعب القرظي والربيع بن أنس: هو غسالة أهل النار، وذلك ماء يسيل من فروج الزناة والزواني. وقيل: هو من ماء كرهته تصد عنه، فيكون الصديد مأخوذا من الصد. وذكر ابن المبارك، أخبرنا صفوان بن عمرو عن عبيدالله بن بسر عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله {ويسقي من ماء صديد يتجرعه} قال: (يقرب إلى فيه فيكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره يقول الله {وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم} [محمد: 15] ويقول الله {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب}) [الكهف: 29]) خرجه الترمذي، وقال: حديث غريب، وعبيدالله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو حديث أبي أمامة لعله أن يكون أخا عبدالله بن بسر. قوله تعالى {يتجرعه} أي يتحساه جرعا لا مرة واحدة لمرارته وحرارته. {ولا يكاد يسيغه} أي يبتلعه؛ يقال: جرع الماء واجترعه وتجرعه بمعنى.
- جاء رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي أصَبْتُ مِن امرأةٍ كلَّ شيءٍ إلَّا أنِّي لم أُجامِعْها؟ قال: فأنزَلَ اللهُ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114]. الراوي:
عبدالله بن مسعود
| المحدث:
شعيب الأرناؤوط
| المصدر:
تخريج المسند
| الصفحة أو الرقم:
3854
| خلاصة حكم المحدث:
صحيح
| التخريج:
أخرجه البخاري (4687) بنحوه، ومسلم (2763)، والترمذي (3112)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7318) باختلاف يسير، وأحمد (3854) واللفظ له
جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: إني عالجتُ امرأةً في أقصى المدينةِ وإني أصبتُ منها ما دون أن أَمسَّها، وها أنا فاقضِ فيَّ بما قضيتَ. فقال له عمرُ: لقد ستركَ اللهُ لو سترتَ على نفسِك. آية و5 تفسيرات.. وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل - اليوم السابع. فلم [يرد] عليه شيئًا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فانطلق الرجلُ فأُنزِلتْ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأقم الصلاة الآية فأتبعَه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رجلًا فدعاه فتلا عليه: وأقم الصلاة الآية، فقال رجلُ من القومِ: هذا له خاصَّةً. فقال: بل للناسِ كلُّهم عامةً.
باب قوله تعالى: إن الحسنات يذهبن السيئات - حديث صحيح مسلم
وقرأ ابن محيصن "وزلفا" من الليل بإسكان اللام؛ والواحدة زلفة تجمع جمع الأجناس التي هي أشخاص كدرة ودر وبرة وبر. وقرأ مجاهد وابن محيصن أيضا "زلفى" مثل قربى. وقرأ الباقون "وزلفا" بفتح اللام كغرفة وغرف. قال ابن الأعرابي: الزلف الساعات، واحدها زلفة. وقال قوم: الزلفة أول ساعة من الليل بعد مغيب الشمس؛ فعلى هذا يكون المراد بزلف الليل صلاة العتمة؛ قاله ابن عباس. باب قوله تعالى: إن الحسنات يذهبن السيئات - حديث صحيح مسلم. وقال الحسن: المغرب والعشاء. وقيل: المغرب والعشاء والصبح؛ وقد تقدم. وقال الأخفش: يعني صلاة الليل ولم يعين. الرابعة: قوله تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات} ذهب جمهور المتأولين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين إلى أن الحسنات ههنا هي الصلوات الخمس، وقال مجاهد: الحسنات قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، قال ابن عطية: وهذا على جهة المثال في الحسنات، والذي يظهر أن اللفظ عام في الحسنات خاص في السيئات؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما اجتنبت الكبائر). قلت: سبب النزول يعضد قول الجمهور؛ نزلت في رجل من الأنصار، قيل: هو أبو اليسر بن عمرو. وقيل: اسمه عباد؛ خلا بامرأة فقبلها وتلذذ بها فيما دون الفرج. روى الترمذي عن عبدالله قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها وأنا هذا فاقض في ما شئت.
آية و5 تفسيرات.. وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل - اليوم السابع
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ (114) قوله تعالى: وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين فيه ست مسائل: الأولى: قوله تعالى: وأقم الصلاة طرفي النهار لم يختلف أحد من أهل التأويل في أن الصلاة في هذه الآية يراد بها الصلوات المفروضة; وخصها بالذكر لأنها ثانية الإيمان ، وإليها يفزع في النوائب; وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. ص471 - كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح - باب قوله وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل هو د - المكتبة الشاملة. وقال شيوخ الصوفية: إن المراد بهذه الآية استغراق الأوقات بالعبادة فرضا ونفلا; قال ابن العربي: وهذا ضعيف ، فإن الأمر لم يتناول ذلك إلا واجبا لا نفلا ، فإن الأوراد معلومة ، وأوقات النوافل المرغب فيها محصورة ، وما سواها من الأوقات يسترسل عليها الندب على البدل لا على العموم ، وليس ذلك في قوة بشر. الثانية: قوله تعالى: طرفي النهار قال مجاهد: الطرف الأول ، صلاة الصبح ، والطرف الثاني صلاة الظهر والعصر; واختاره ابن عطية. وقيل: الطرفان الصبح والمغرب; قاله ابن عباس والحسن. وعن الحسن أيضا الطرف الثاني العصر وحده; وقاله قتادة والضحاك.
ص471 - كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح - باب قوله وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل هو د - المكتبة الشاملة
إما لظهورهما في أنهما صلاة النهار، فكأنه قال: وأقم الصلاة طرفي النهار، مع المعروفة من صلاة النهار، أو لأنهما مذكوران على التبع للطرف الآخر، لأنهما بعد الزوال، فهما أقرب إليه، وقيل صلاة طرفي النهار الغداة والظهر والعصر وصلاة الزلف المغرب والعشاء، قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المغرب والعشاء زلفتا الليل، وقيل: أراد بطرفي النهار صلاة الفجر وصلاة العصر (1). وقيل: على تقدير كون المراد بقوله " وزلفا من الليل " أقم صلوات ليقرب بها إلى الله عز وجل في بعض الليل، يحتمل أن يكون إشارة إلى صلاة الليل المشهورة وحينئذ ينبغي إدخال العشائين في صلاة طرفي النهار. أقول: على الوجه الاخر أيضا يحتمل أن يكون المراد صلاة الليل بأن يكون المراد بالزلف الساعات القريبة من الصبح.
" إن الحسنات يذهبن السيئات " قال الطبرسي قيل: معناه أن الصلوات الخمس تكفر ما بينها بأن تكون اللام للعهد، عن ابن عباس وأكثر المفسرين وقد مر في باب فضل الصلاة خبر الثمالي (2) وهو يدل على ذلك. (1) مجمع البيان ج 5 ص 200. (2) راجع ص 220 فيما سبق تحت الرقم 41. (٣١٨)
الذهاب إلى صفحة:
««
«...
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323...
»
»»
الباحث القرآني
شكرا لدعمكم
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة, وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
وقيل: الطرفان الظهر والعصر. والزلف المغرب والعشاء والصبح; كأن هذا القائل راعى جهر القراءة. وحكى الماوردي أن الطرف الأول صلاة الصبح باتفاق. قلت: وهذا الاتفاق ينقصه القول الذي قبله. ورجح الطبري أن الطرفين الصبح والمغرب ، وأنه ظاهر; قال ابن عطية: ورد عليه بأن المغرب لا تدخل فيه لأنها من صلاة الليل. قال ابن العربي: والعجب من الطبري الذي يرى أن طرفي النهار الصبح والمغرب ، وهما طرفا الليل! فقلب القوس ركوة ، وحاد عن البرجاس غلوة; قال الطبري: والدليل عليه إجماع الجميع على أن أحد الطرفين الصبح ، فدل على أن الطرف الآخر المغرب ، ولم يجمع معه على ذلك أحد. قلت: هذا تحامل من ابن العربي في الرد; وأنه لم يجمع معه على ذلك أحد; وقد ذكرنا عن مجاهد أن الطرف الأول صلاة الصبح ، وقد وقع الاتفاق - إلا من شذ - بأن من أكل أو جامع بعد طلوع الفجر متعمدا أن يومه ذلك يوم فطر ، وعليه القضاء والكفارة ، وما ذلك إلا وما بعد طلوع الفجر من النهار; فدل على صحة ما قاله الطبري في الصبح ، وتبقى عليه المغرب والرد عليه فيه ما تقدم. والله أعلم. الثالثة: قوله تعالى: وزلفا من الليل أي في زلف من الليل ، والزلف الساعات القريبة بعضها من بعض; ومنه سميت المزدلفة; لأنها منزل بعد عرفة بقرب مكة.
أقم الصلاة طرفي النهار
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد فقد قال الله تعالى: ﴿أقِم الصلاةَ طرَفَيِ النّهارِ وَزُلفا منَ اللّيلِ إنَّ الحسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيئّات﴾ ( سورة هود /114) في هذه الآية بيانُ افتراضِ اللهِ تعالى على نبيه خمسَ صلوات فقولُه تعالى: ﴿طرَفَي النّهار﴾ يعني الصبح وهو الطّرفُ الأوّلُ من النهار لأن النّهار مبدَؤه الفجر. والطرفُ الثاني من النهار ما بعد الزوال ففيه فرضان، والطرف الثاني من النهار ما بعد زوال الشمس وفيه الظهرُ والعصرُ. وقولُه: ﴿وزُلَفاً من الليل﴾ أي ساعاتٍ من الليل يعني به صلاة المغرب والعشاء وبمعنى ذلك قولُه تعالى: ﴿فسبحان اللهِ حين تُمسون وحين تُصْبحون ولهُ الحمدُ في السّمواتِ والأرض وعَشِيًا وحينَ تُظهرُون﴾ ( سورة الروم ءاية 17 - 18] المعنى أن علينا صلاة المغرب وصلاة العشاء لأن كلتيهما تكونان في أول الليل وهو المساء. فالمغربُ في أولِه الحقيقي، لذلك كان وقتُها أقصَر الأوقات، لا يزيد في أغلب الدنيا مقدار وقتِها على ساعة وثُلُث، وفي بعض البلادِ يَكونُ أقلَ من ذلك ويتّصل بوقت المغرب وقتُ العشاء بلا فاصل ويمتدُ إلى الفجر الساطع. أما قولُه تعالى: ﴿وحينَ تُصبِحون﴾ يعني به صلاةَ الصُبح لأن وقتَ الفجر هو أولُ الإصباح، وجاء شرحُ ذلك وتحديدُه في الأحاديث النبوية لأن حديث الرسول عليه الصلاة والسلام شرحٌ للقرءان، فقد رَوَينا بالإسناد المتّصل الصحيح في صحيح ابنِ حِبّان من حديثِ جابر ابن عبد الله الأنصَاري رضي الله عنهُما قال أتَى جبريلُ النبيَ صلى الله عليه وسلم حيَن زالت الشّمس فقال " قم فصَلِّ " فقام فصلى الظهر، ثم جاء حين صارَ ظِلُّ الشىءِ مثلَه فقال " قم فصل " فقام فصلّى العصر.