وذكر الغزالي في الوسيط أنه لا يجوز أن يقول:
باسم الله ومحمد رسول الله ، لأنه تشريك " 8/384
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين: عن حكم الذبح لغير الله، وهل يجوز
الأكل من تلك الذبيحة ؟
فأجاب قائلا: الذبح لغير الله شرك أكبر لأن الذبح عبادة كما أمر
الله به في قوله: فصل لربك وانحر. وقوله سبحانه: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي
ومماتي لله رب العالمين.
- الذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله
- الذبح لغير الله من امثله
- الذبح لغير الله شرك اكبر
- الذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله
- الذبح لغير الله من أمثلة
الذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله
حكم الذبح لغير الله
الذبح من أجل العبادات، وصرفه لغير الله شرك أكبر؛ كمن يذبح لولي، أو جني، أو قبر، أو مَلَك، أو غيره. ومن الأدلة على أن الذبح عبادة لا يجوز صرفها لغير الله سبحانه وتعالى:
قول الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]. ونسكي: أي وذبحي [1]. وقول الله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]. أي اجعل صلاتك كلها لربك خالصاً دون ما سواه من الأنداد والآلهة، وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان، شكراً له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لا كفء له، وخصك به، من إعطائه إياك الكوثر [2]. وقال ابن كثير في تفسير الآية: «أي كما أعطيناك الخير الكثير في الدنيا والآخرة، ومن ذلك النهر الذي تقدم صفته - فأخلص لربك صلاتك المكتوبة والنافلة ونحرك، فاعبده وحده لا شريك له، وانحر على اسمه وحده لا شريك له» [3]. وعن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَال: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ» [4]. والمراد بهذا الحديث: أن يذبح باسم غير الله تعالى كمن ذبح للصنم، أو الصليب، أو لموسى، أو لعيسى صلى الله عليهما، أو للكعبة ونحو ذلك، فكل هذا حرام، ولا تحل هذه الذبيحة سواء كان الذابح مسلماً أو نصرانياً أو يهودياً، نص عليه الشافعي، فإن قصد مع ذلك تعظيم المذبوح له غير الله تعالى والعبادة له كان ذلك كفراً، فإن كان الذابح مسلماً قبل ذلك صار بالذبح مرتدًّا [5].
الذبح لغير الله من امثله
س: التقرب بذبح الخرفان في أضرحة الأولياء الصالحين ما زال موجود في عشيرتي.. نهيت عنه، لكنهم لم يزدادوا إلا عنادا، قلت لهم: إنه شرك بالله، قالوا: نحن نعبد الله حق عبادته، لكن ما ذنبنا إن زرنا أولياءه وقلنا لله في تضرعاتنا: (بحق وليك الصالح فلان، اشفنا، أو أبعد عنا الكرب الفلاني.. ) قلت: ليس ديننا دين واسطة قالوا: اتركنا وحالنا. ما الحل الذي تراه صالحا لعلاج هؤلاء؟ ماذا أعمل تجاههم؟ وكيف أحارب البدعة؟ وشكرا. ج: من المعلوم بالأدلة من الكتاب والسنة أن التقرب بالذبح لغير الله من الأولياء أو الجن أو الأصنام أو غير ذلك من المخلوقات شرك بالله ومن أعمال الجاهلية والمشركين، قال الله : قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162] والنسك هو الذبح، وبين سبحانه في هذه الآية أن الذبح لغير الله شرك بالله كالصلاة لغير الله. وقال تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:1-2] أمر الله سبحانه نبيه في هذه السورة الكريمة أن يصلي لربه وينحر له، خلافا لأهل الشرك الذين يسجدون لغير الله ويذبحون لغيره، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [الإسراء:23] والآيات في هذا المعنى كثيرة.
الذبح لغير الله شرك اكبر
يعجب المرء مما آل إليه حال كثير من المسلمين ممن جعلوا المشاهد والقبور والأضرحة قبلة قلوبهم ومهوى أفئدتهم، يتقربون لها بسائر القربات، ويبذلون لنيل رضاها الغالي والنفيس، ويقطعون الفيافي والقفار طلباً لوصلها وعشقا لقربها. حتى إنك تجد الرجل الفقير الذي ربما لم يأكل اللحم في سنته إلا قليلاً، يذبح لهذه الأضرحة وينذر لها رغبة ورهبة، ما يدل على عظم تعلقه بها، وقوة اعتقاده فيها. فكيف وصل حال المسلمين إلى مثل هذه المهاوي السحيقة، وكيف وجدت تلك الانحرافات العقدية الخطيرة موطناً في قلوبهم وسلوكياتهم، فغدت دينا يتعبدون به، ويدافعون عنه، ويوالون ويعادون في سبيله!! الذبح لغير الله
الذبح من أعظم العبادات التي شرعها الله عز وجل، واعتنى بجانب الإخلاص فيها، وأولاه أهمية كبيرة، وقد وقف الإسلام موقفاً حاسماً في هذه القضية منذ أول يوم، فأعلن النكير على ممارسات الجاهليين الذين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها من دون الله، وأمر الله نبيه بمخالفتهم وتحقيق الإخلاص له وحده في الذبح كما في الصلاة على حد سواء، فقال تعالى:{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}(الأنعام:162)، وقال تعالى:{ فصل لربك وانحر}(الكوثر:2)، ولعظم ذنب الذبح لغير الله، لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذبح لغير الله.
الذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله
السؤال:
بعد هذا ننتقل إلى إريتريا-أسمرة- عبر رسالة بعث بها مستمع من هناك يقول: من مجيب الرحمن صالح أمان، يسأل مجموعة من الأسئلة سماحة الشيخ في أحدها يقول:
في بلدنا بعض الناس يذبح عند قبور الأولياء، وإذا سألتهم: أليس الذبح يجب أن يكون لله، وأن يكون خالصًا لله، وأن هذا العمل من الشرك، لا يستمعون إليك، وجهوهم لعلهم يستمعون، وفقكم الله، وجزاكم خيرًا. الجواب:
الذبح لغير الله من الشرك بالله، سواءً كان عند القبور، أو بعيدًا عن القبور، إذا نوى بالذبيحة التقرب إلى المخلوقين، أو إلى النجوم، أو إلى الأصنام، أو إلى الجن، أو الأولياء، أوالملائكة صار شركًا بالله، يقول الله سبحانه في كتابه العظيم: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي يعني: ذبحي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]. ويقول سبحانه في كتابه العظيم مخاطبًا نبيه محمد -عليه الصلاة والسلام-: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:1-2]، النحر عبادة مثل الصلاة، فالذي يذبح لغير الله كالذي يصلي لغير الله، فمن صلى للمخلوقين، أو سجد لهم أشرك، فهكذا إذا ذبح للأولياء، يتقرب إليهم، أو للأصنام، أو للجن، أو للملائكة، أو للنجوم، أو غير هذا من المخلوقين، فذبح لهم، أو صلى لهم، وسجد لهم، أو نذر لهم القرابين، ينذرون للولي الفلاني، أنه يذبح كذا.. أو يتصدق بكذا.. أو يسجد، أو يصلي، أو يصوم.
الذبح لغير الله من أمثلة
ومما يؤكد على أهمية جانب الإخلاص في هذه العبادة العظيمة أن الله شرع الذبح لوجهه في عدد من العبادات والقربات كما في الأضحية، والعقيقة عن الولد، والهدي في الحج. وجاء الإسلام بعدد من التوجيهات في هذا الشأن حماية لمقام التوحيد، وسداً لذرائع الشرك، فحرّم ما ذبح على غير اسم الله تعالى. ونهى عن الذبح في المواضع التي كان أهل الجاهلية يذبحون فيها لأوثانهم، حتى لو ذكر اسم الله عليها، فقد ورد أن رجلاً نذر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يذبح إبلاً بموضع يقال "بوانة"، فسأل النبي – صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال له – عليه الصلاة والسلام -: ( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ فقال الصحابة: لا، قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ قالوا: لا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوف بنذرك) رواه أبو داود. وكان أهل الجاهلية إذا مات لهم ميت ذبحوا على قبره الذبائح إكراماً له، فأبطل الإسلام هذه العادة الجاهلية، وقال – عليه الصلاة والسلام -: ( لا عقر في الإسلام) رواه أحمد وأبو داود. كل ذلك يجعلنا نجزم بأن الذبح عبادة يشترط فيها ما يشترط في سائر العبادات من وجوب الإخلاص لله فيها، وأن تؤدى كما شرع سبحانه، وبناءً على ذلك فإن صرف هذه العبادة لغير الله من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، قال الإمام النووي في شرح حديث: ( لعن الله من ذبح لغير الله) " أما الذبح لغير الله؛ فالمراد به أن يذبح باسم غير الله تعالى، كمن ذبح للصنم أو الصليب أو لموسى أو لعيسى أو للكعبة ونحو ذلك، فكل هذا حرام، ولا تحل هذه الذبيحة سواء كان الذابح مسلماً أو نصرانياً أو يهودياً.. فإن قصد مع ذلك تعظيم المذبوح له غير الله تعالى والعبادة له كان ذلك كفراً ".
الذبح له حالتان: الحالة الأولى: من باب الضيافة، فهذا الذبح مباح، وهو من سنن العادات لا من سنن العبادات، قال الله تعالى: وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ [هود:69]، وهذه العادة تكون عبادة بالنية، والقاعدة عند العلماء: أن سنن العادات تنقلب إلى عبادات بالنيات، فهذه تنقلب إلى عبادة وقربة من الله جل في علاه بالنية الصالحة. الحالة الثانية: أن يذبح لتعظيم هذا المعظم لا لضيافته، فإن كان يذبح لتعظيم هذا المعظم فقد صرف الذبح -الذي هو عبادة- لغير الله، فوقع في الشرك. وكيف يعرف هذا التعظيم؟ أن يأتيه المعظم فعندما ينزل من السيارة أو من الطائرة أو من الدابة يذبح أمامه الإبل، ثم إذا رحل لم يعتنِ بلحم الإبل، بل ألقى في الزبالات، فهذه فيها دلالة واضحة على أنه ما ذبح للحم والإكرام، بل ذبح ليثبت تعظيمه لهذا المعظم، فهذا شرك؛ لأنه صرف عبادة لغير الله. القاعدة: أننا نفرق دائماً بين كفر النوع وكفر العين، فنقول: قال قولاً كفرياً، وفعل فعلاً كفرياً، ولكن القائل والفاعل ليس بكافر حتى تقام الحجة وتزال الشبهة، والذي يقيم الحجة ويزيل الشبهة هو العالم المجتهد، أو طالب علم مجد مميز.