والمرصد والمرصاد: الطريق. وقد مضى في سورة ( براءة) والحمد لله. فروى الضحاك عن ابن عباس قال: إن على جهنم سبع قناطر ، يسأل الإنسان عند أول قنطرة عن الإيمان ، فإن جاء به تاما جاز إلى القنطرة الثانية ، ثم يسأل عن الصلاة ، فإن جاء بها جاز إلى الثالثة ، ثم يسأل عن الزكاة ، فإن جاء بها جاز إلى الرابعة. ثم يسأل عن صيام شهر رمضان ، فإن جاء به جاز إلى الخامسة. ثم يسأل عن الحج والعمرة ، فإن جاء بهما جاز إلى السادسة. ثم يسأل عن صلة الرحم ، فإن جاء بها جاز إلى السابعة. ثم يسأل عن المظالم ، وينادي مناد: ألا من كانت له مظلمة فليأت فيقتص للناس منه ، يقتص له من الناس فذلك قوله - عز وجل -: إن ربك لبالمرصاد. وقال الثوري: لبالمرصاد يعني جهنم عليها ثلاث قناطر: قنطرة فيها الرحم ، وقنطرة فيها الأمانة ، وقنطرة فيها الرب تبارك وتعالى. قلت: أي حكمته وإرادته وأمره. والله أعلم. إن ربك لبالمرصاد. وعن ابن عباس ، أيضا لبالمرصاد أي يسمع ويرى. قلت: هذا قول حسن ( يسمع) أقوالهم ونجواهم ، و ( يرى) أي يعلم أعمالهم وأسرارهم ، فيجازي كلا بعمله. وعن بعض العرب أنه قيل له: أين ربك ؟ فقال: بالمرصاد. وعن عمرو بن عبيد أنه قرأ هذه السورة عند المنصور حتى بلغ هذه الآية ، فقال: إن ربك لبالمرصاد يا أبا جعفر قال الزمخشري: عرض له في هذا النداء ، بأنه بعض من توعد بذلك من الجبابرة فلله دره.
سورة الفجر (1) من قوله تعالى {والفجر} الآية 1 إلى قوله تعالى {إن ربك لبالمرصاد} الآية 14 - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك
قال: حدثنا مهران، عن سفيان ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) يعني: جهنم عليها ثلاث قناطر: قنطرة فيها الرحمة، وقنطرة فيها الأمانة، وقنطرة فيها الربّ تبارك وتعالى. ان ربك لبالمرصاد یعنی. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) قال: مِرْصاد عمل بني آدم. ابن عاشور: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) والعدول عن ضمير المتكلم أو اسم الجلالة إلى { ربك} في قوله: { فصب عليهم ربك سوط عذاب} وقوله: { إن ربك لبالمرصاد} إيماء إلى أن فاعل ذلك رَبه الذي شأنه أن ينتصر له ، فهو مُؤمّل بأن يعذب الذين كذبوه انتصاراً له انتصارَ المولى لوليّه. والمرصاد: المكان الذي يَترقب فيه الرَّصد ، أي الجماعة المراقبون شيئاً ، وصيغةُ مفعال تأتي للمكان وللزمان كما تأتي للآلة ، فمعنى الآلة هنا غير محتمل ، فهو هنا إما للزمان أو المكان إذ الرصد الترقب. وتعريف «المرصاد» تعريف الجنس وهو يفيد عموم المتعلِّق ، أي بالمرصاد لكل فاعل ، فهو تمثيل لعموممِ علم الله تعالى بما يكون من أعمال العباد وحركاتهم ، بحال اطلاع الرصَد على تحركات العدُوّ والمغيرين ، وهذا المثلُ كناية عن مجازاة كل عامل بما عمِله وما يعمله إذ لا يقصد الرصد إلا للجزاءِ على العدوان ، وفي ما يفيده من التعليل إيماء إلى أن الله لم يظلمهم فيما أصابهم به.
هذه سورة الفجرِ، وهي مكيَّة، وافتُتحتْ بأقسامٍ جمعُ قَسَمٍ، فأقسمَ اللهُ بأشياءَ منها الفجر، قيل: الفجر مطلقًا أيُّ فجرٍ، كما أقسم بالصبح، {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير:18]، وقيل المرادُ به فجرُ يوم النحر؛ لأنَّ يوم النحر هو أفضلُ الأيامِ هو يوم الحجِّ الأكبر. {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} عشرُ ذِي الحجة، {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} الشُّفْعُ خلافُ الوَتْر، والوَتْر هو الواحد الفرد، وهو يعمُّ كلَّ شفعٍ وكل وَتر، والله يُقسِمُ بما شاء من خلقه، وللمُفسِّرين كلامٌ كثيرٌ في تحديدِ وتعيينِ الشفع والوتر {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} قسمٌ بالليل، كما أقسمَ بالليل في مواضع كما تقدم وكما سيأتي، {وَاللَّيْلِ} [الليل:1]، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} حين يمضي مِن أوله إلى وسطِه، تقول: سَرَى الليل، إذا مضى، والذهابُ في الليلِ يُسمَّى "سُرى"، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء:1] {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}. قال الله: {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ}؟ نعم {لِذِي حِجْرٍ} أي: لِذِي عقل، والعقلُ يُقالُ له: حِجْرٌ وحِجَا؛ لأنه يمنعُ صاحبَه مِن الوقوع فيما لا يليقُ ولا يحلُّ ولا يصلحُ، فالعقلُ يُسمَّى الحِجا ويُسمَّى الحِجْر، {قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} أي: لصاحب حِجْر.
وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (33) وقوله تعالى: ( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله). هذا أمر من الله تعالى لمن لا يجد تزويجا [ بالتعفف] عن الحرام ، كما قال - عليه الصلاة والسلام -: " يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ". الصلاة الصلاة وما ملكت ايمانكم - YouTube. وهذه الآية مطلقة ، والتي في سورة النساء أخص منها ، وهي قوله تعالى: ( ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات) ، إلى أن قال: ( ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم) [ النساء: 25] أي صبركم عن تزويج الإماء خير; لأن الولد يجيء رقيقا ، ( والله غفور رحيم).
ما ملكت أيمانكم تفسير ابن كثير
وقد انتهى ملك اليمين في هذا العصر فلا يوجد عبيد ولا أرقاء، ولا يعني هذا إلغاء أحكام الرق، إذا وجدت أسبابه وانتفت موانعه. قال ابن قدامة في المغني: الأصل في الآدميين الحرية فإن الله تعالى خلق آدم وذريته أحراراً، وإنما الرق لعارض، فإذا لم يعلم العارض، فله حكم الأصل، ولا يجوز لأحد أن يسترق نفسه لغيره، ولو رضي بذلك، لأن الحرية حق لله تعالى، هذا ما اتفق عليه أهل العلم. وعليه، فلا يجوز للمرأة أن تهب نفسها لرجل كأنها ملك يمينه، ولكن لا مانع من أن تتنازل له عن بعض حقوقها الشخصية الأخرى أو كلها، كأن تقبل الزواج منه، مع التنازل عن حقها في النفقة أو السكن. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النساء - الآية 3. وأما تحريم ما أحل الله تعالى أو تحليل ما حرم فهذا من أكبر الكبائر، وأعظم الذنوب، فالتحريم والتحليل من حق الخالق سبحانه وتعالى، قال تعالى: ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) وقال تعالى: ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون* متاع قليل ولهم عذاب أليم) [النحل:116-117] والذي يسن القوانين لتحريم تعدد الزوجات آثم إثماً عظيماً لمخالفته كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ما ملكت أيمانكم مسلسل
وكذا قال الثوري ، وأبو حنيفة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغيرهم. واختار ابن جرير قول الوجوب لظاهر الآية. وقوله: ( إن علمتم فيهم خيرا) ، قال بعضهم: أمانة. وقال بعضهم: صدقا. [ وقال بعضهم: مالا] وقال بعضهم: حيلة وكسبا. وروى أبو داود في كتاب المراسيل ، عن يحيى بن أبي كثير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) قال: " إن علمتم فيهم حرفة ، ولا ترسلوهم كلا على الناس ". وقوله: ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) اختلف المفسرون فيه ، فقال قائلون: معناه اطرحوا لهم من الكتابة بعضها ، ثم قال بعضهم: مقدار الربع. وقيل: الثلث. وقيل: النصف. وقيل: جزء من الكتابة من غير واحد. وقال آخرون: بل المراد من قوله: ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) هو النصيب الذي فرض الله لهم من أموال الزكوات. وهذا قول الحسن ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وأبيه ، ومقاتل بن حيان. هل يجوز معاشرة ما ملكت أيمانكم. واختاره ابن جرير. وقال إبراهيم النخعي في قوله: ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) قال: حث الناس عليه مولاه وغيره. وكذلك قال بريدة بن الحصيب الأسلمي ، وقتادة. وقال ابن عباس: أمر الله المؤمنين أن يعينوا في الرقاب. وقد تقدم في الحديث ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ثلاثة حق على الله عونهم ": فذكر منهم المكاتب يريد الأداء ، والقول الأول أشهر.
هل يجوز معاشرة ما ملكت أيمانكم
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا وكيع ، عن ابن شبيب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن عمر; أنه كاتب عبدا له ، يكنى أبا أمية ، فجاء بنجمه حين حل ، فقال: يا أبا أمية ، اذهب فاستعن به في مكاتبتك. قال: يا أمير المؤمنين ، لو تركته حتى يكون من آخر نجم؟ قال: أخاف ألا أدرك ذلك. ثم قرأ: ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) قال عكرمة: كان أول نجم أدي في الإسلام. وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير قال: كان ابن عمر إذا كاتب مكاتبه لم يضع عنه شيئا من أول نجومه ، مخافة أن يعجز فترجع إليه صدقته. ولكنه إذا كان في آخر مكاتبته ، وضع عنه ما أحب. مسلسل ما ملكت أيمانكم الحلقة 18. وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس: ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) قال: يعني: ضعوا عنهم من مكاتبتهم. وكذلك قال مجاهد ، وعطاء ، والقاسم بن أبي بزة ، وعبد الكريم بن مالك الجزري ، والسدي. وقال محمد بن سيرين في قوله: ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم): كان يعجبهم أن يدع الرجل لمكاتبه طائفة من مكاتبته. وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا الفضل بن شاذان المقرئ ، أخبرنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام بن يوسف ، عن ابن جريج ، أخبرني عطاء بن السائب: أن عبد الله بن جندب أخبره ، عن علي ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ربع الكتابة ".
مسلسل ما ملكت أيمانكم الحلقة 18
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا (3) وقوله: ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى) أي: إذا كان تحت حجر أحدكم يتيمة وخاف ألا يعطيها مهر مثلها ، فليعدل إلى ما سواها من النساء ، فإنهن كثير ، ولم يضيق الله عليه. وقال البخاري: حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا هشام ، عن ابن جريج ، أخبرني هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة; أن رجلا كانت له يتيمة فنكحها ، وكان لها عذق. تفسير قوله تعالى أو ما ملكت أيمانكم - إسلام ويب - مركز الفتوى. وكان يمسكها عليه ، ولم يكن لها من نفسه شيء فنزلت فيه: ( وإن خفتم ألا تقسطوا [ في اليتامى]) أحسبه قال: كانت شريكته في ذلك العذق وفي ماله. ثم قال البخاري: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) قالت: يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله ويعجبه مالها وجمالها ، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.
وانظري الفتوى رقم: 16402 والله أعلم.