تفسير و معنى الآية 183 من سورة الشعراء عدة تفاسير - سورة الشعراء: عدد الآيات 227 - - الصفحة 374 - الجزء 19. ﴿ التفسير الميسر ﴾
قال لهم شعيب- وقد كانوا يُنْقِصون الكيل والميزان-: أتمُّوا الكيل للناس وافيًا لهم، ولا تكونوا ممن يُنْقِصون الناس حقوقهم، وَزِنوا بالميزان العدل المستقيم، ولا تنقصوا الناس شيئًا مِن حقوقهم في كيل أو وزن أو غير ذلك، ولا تكثروا في الأرض الفساد، بالشرك والقتل والنهب وتخويف الناس وارتكاب المعاصي. ﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ولا تبخسوا الناس أشياءهم» لا تنقصوهم من حقهم شيئا «ولا تعثوْا في الأرض مفسدين» بالقتل وغيره من عَثِيَ بكسر المثلثة أفسد ومفسدين حال مؤكدة لمعنى عاملها. ﴿ تفسير السعدي ﴾
﴿ تفسير البغوي ﴾
"ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين". ﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أتبع هذا الأمر بالنهى فقال: ( وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَآءَهُمْ) أى: ولا تنقصوا للناس شيئا من حقوقهم ، أيا كان مقدرا هذا الشىء. ولا تبخسوا الناس أشياءهم | هيئة الشام الإسلامية. ( وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ) والعُثُو: أشد أنواع الفساد. يقال: عثَا فلان فى الأرض يعثُو ، إذا اشتد فساده. أى: ولا تنتشروا فى الأرض حالة كونكم مفسدين فيها بالقتل وقطع الطريق ، وتهديد الآمنين.
{وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} - طريق الإسلام
وأما الحقوق المعنوية، فأكثر من أن تحصر، ولو أردنا أن نستعرض ما يمكن أن تشمله هذه القاعدة لطال المقام، ولكن يمكن القول: إن هذه القاعدة القرآنية: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} كما هي قاعدة في أبواب المعاملات، فهي بعمومها قاعدة من قواعد الإنصاف مع الغير. والقرآن مليء بتقرير هذا المعنى ـ أعني الإنصاف ـ وعدم بخس الناس حقوقهم، تأمل ـ مثلاً ـ قول الله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] فتصور! ربك يأمرك أن تنصف عدوك، وألا يحملك بغضه على غمط حقه، أفتظن أن ديناً يأمرك بالإنصاف مع عدوك، لا يأمرك بالإنصاف مع أخيك المسلم؟! اللهم لا! وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ (الخرده والحق المهضوم) - YouTube. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ معلقاً على هذه الآية ـ: «فنهى أن يحمل المؤمنين بغضهم للكفّار على ألّا يعدلوا، فكيف إذا كان البغض لفاسق أو مبتدع أو متأوّل من أهل الإيمان؟ فهو أولى أن يجب عليه ألّا يحمله ذلك على ألّا يعدل على مؤمن وإن كان ظالما له» (3). وفي واقع المسلمين ما يندى له الجبين من بخس للحقوق، وإجحاف وقلة الإنصاف، حتى أدى ذلك إلى قطيعة وتدابر، وصدق المتنبي يوم قال: ولم تزل قلة الإنصاف قاطعة *** بين الرجال وإن كانوا ذوي رحم وهذا إمام دار الهجرة مالك بن أنس: يعلن شكواه قديماً من هذه الآفة، فيقول: "ليس في الناس شيء أقل من الإنصاف".
ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين
خلق الله سبحانه وتعالى الناس كى يصنعوا مجتمعا يعمل وينتج، هذا المجتمع أساسه المعاملات بين الجميع، ولذا وجدت المصالح التى تربط الناس ببعضهم، وفى البدء كانت المجاورة فى السكن ثم حدث تبادل للسلع قبل أن يظهر البيع والشراء، ومعه ظهرت سلوكيات طيبة وأخرى رديئة فعرف الناس العدل وعرفوا الغش أيضًا. يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة الشعراء على لسان سيدنا شعيب، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، "وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِى الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ" وحسب المفسرين أن سيدنا شعيب جاء فى قوم كانت أبرز ذنوبهم الغش فى الميزان، فإن كانوا هم من يشترى أخذوا حقهم كاملا وزادوا فيه، وإن كانوا هم من يبيعون غشوا فى الموازين وأكلوا حق الناس. وللأسف البخس بكل معانيه موجود، ويحدث فى أقل المعاملات وفى أكبرها، فعندما تذهب لشراء شىء ما، فإنك عادة كما يقولون فى العامية "تحاول أن تخسف بها الأرض" فتقلل منها وتحاول إثبات أنها خاسرة وأنها لا تساوى شيئا، وذلك من أجل خفض سعرها والتقليل من ثمنها، وإن تم ذلك شعرت فى داخلك بانتصار كأنك أتيت فعلا حسنا، ولا تعرف بأنك خنت نفسك تماما. ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين. ومعنى "وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ" أى لا تنقصوا الناس شيئًا من حقوقهم، والنقصان فى سياق الآية مرتبط بالميزان والكيل والبيع والشراء، ولكن يمكن تعميم المعنى الكريم فنفهم من ذلك أنه دعوة لعدم التقليل من الإنسان نفسه، من قيمته وشخصه، حيث يحلو للبعض أن يهاجم الآخرين وأن يسلبهم حقوقهم المادية والمعنوية، خاصة إذا كان فى وضع أفضل، فيذهب به غرور الدنيا مذهبًا صعبًا، فيأكل حق أخيه ولو منحه جزءا منه يظن فى نفسه أنه متفضل عليه.
ولا تبخسوا الناس أشياءهم | هيئة الشام الإسلامية
بل إن هذه القاعدة القرآنية التي نحن بصدد الحديث عنها ـ {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} ـ تؤكد ضرورة الإنصاف، وعدم بخس الناس حقوقهم. أيها القارئ اللبيب! وثمة صورةٌ أخرى ـ تتكرر يومياً تقريباً ـ يغيب فيها الإنصاف، وهي أن بعض الكتاب والمتحدثين حينما ينتقد جهازاً حكومياً، أو مسؤولاً عن أحد الوزارات، يحصل منه إجحاف وبخس للجوانب المشرقة في هذا الجهاز أو ذاك، ويبدأ الكاتب أو المتحدث ـ بسبب النفسية التي دخل بها ـ لا يتحدث إلا من زاوية الأخطاء، ناسياً أو متناسياً النظر من زاوية الصواب والحسنات الكثيرة التي وُفق لها ذاك المرفق الحكومي، أو ذلك الشخص المسؤول! وما هكذا يربي القرآن أهله، بل القرآن يربيهم على هذا المعنى العظيم الذي دلّت عليه هذه القاعدة المحكمة: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ}. وتلوح ههنا صورة مؤلمة في مجتمعنا، تقع من بعض الكفلاء الذين يبخسون حقوق خدمهم أو عمالهم حقوقهم، فيؤخرون رواتبهم، وربما حرموهم من إجازتهم المستحقة لهم، أو ضربوهم بغير حق، في سلسلة مؤلمة من أنواع الظلم والبخس! أفلا يتقي الله هؤلاء؟! {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}؟!
وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ (الخرده والحق المهضوم) - Youtube
[المطففين: 4 - 6] ألا يخشون أن يُسَلّطَ عليهم بسبب ظلمهم لمن تحت أيديهم وبخسهم حقوق خدمهم وعمالهم؟! ألا يخشون من عقوبات دنيوية قبل الأخروية تصيبهم بما صنعوا؟! وختاماً:
قد يقع البخس ـ أحياناً ـ في تقييم الكتب أو المقالات على النحو الذي أشرنا إليه آنفاً، ولعل من أسباب غلبة البخس على بعض النقاد في هذه المقامات، أن الناقد يقرأ بنية تصيد الأخطاء والعيوب، لا بقصد التقييم المنصف، وإبراز الصواب من الخطأ، عندها يتضخم الخطأ، ويغيب الصواب، والله المستعان. نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإنصاف من أنفسنا.. والإنصاف لغيرنا،وأن يجعلنا من المتأدبين بأدب القرآن العاملين به، وإلى لقاء جديد بإذن الله، والحمد لله رب العالمين. ________________
(1) التحرير والتنوير (5 / 451). (2) تفسير الكشاف (3 / 337). (3) الفتاوى. (4) البيان والتحصيل 18/306.
18476- وحدثت عن المسيب، عن أبي روق، عن الضحاك في قوله: (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) ، يقول: لا تسعوا في الأرض مفسدين ، يعني: نقصان الكيل والميزان. ----------------------- الهوامش: (31) انظر " إيفاء المكيال والميزان " فيما سلف 12: 224 ، 555. (32) انظر تفسير " القسط " فيما سلف 15: 103 ، تعليق 3 ، والمراجع هناك. (33) انظر تفسير " البخس " فيما سلف ص: 262 ، تعليق: 4 ، والمراجع هناك. (34) انظر تفسير " عثا " فيما سلف 12: 542 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك. ، وتفسير " الفساد في الأرض " 12: 542 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.
فضل الصلاة
إنّ الحديث عن التخلّص من التكاسل عن أداء الصلاة من أهمِّ المواضيع وأكثرها فائدة لما فيها من تحقيق أهمِّ ركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين، ولمعرفة أسباب التكاسل عن أداء الصلاة، يجب بيان فضل الصلاة وفيها؛ أنّ العبد إذا عرف فضل الشيء حرص على إتقانه، فالصلاة قد أمر الله -عزوجل في كتابه- ورغّب بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- في سنته، وهي وصية الله لرسوله، قال الله تعالى لنبيه موسى {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري} [١] وسيتحدث هذا المقال في كيف يتخلص المرء من التكاسل عن أداء الصلاة. [٢]
كيف أتخلص من التكاسل عن أداء الصلاة
في الحديث عن كيفية التخلص عن الكسل في أداء الصلاة، لابدّ من بيان أهمّ الأمور التي تراعى في هذا الجانب ولعلّ من أهمها لزوم الطاعات وفي ما يأتي بيان ذلك:
لزوم الاستغفار والإنابة والتوبة من جميع الذنوب والمعاصي، فإنّ المعاصي والذنوب تعدّ عائقًا كبيرًا وسدًا منيعًا لمن أراد الخشوع وإستحضار الخشوع في الصلاة، فمن هجر المعاصي والذنوب سيقبل على ربه -تبارك وتعالى- بنشاط وحبٍّ لأدائها. الإكثار من قول "لاحول ولا قوة إلا بالله"، فإنّها من أعظم الأسباب التي تعين على طاعة الله -عزوجل- وهي كنز من كنوز الجنة.
التكاسل عن الصلاة يعتبر من
وثانيا: هي للدعاة وللمربين، انتبه يا أخي الكريم، أيها الداعية، يا طالب العلم، أيها المربي، انتبه لمن حولك من طلابك وتلاميذك. أيها الأب: انتبه لأولادك، إن وجدت شيئًا من هذا الداء فإنه قد بدأ المرض يدب في أوصاله، فتداركه قبل فوات الأوان. أبرز مظهر من مظاهر الفتور كلنا نعرف: التكاسل عن العبادات والطاعات، مع ضعف وثقل أثناء أدائها، ومن أعظم الصلاة، قال سبحانه وتعالى واصفا المنافقين { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [ النساء:142]. وقال جل وعلا: { وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} [ التوبة:54] هذا مظهر يا أخي إذا كنت تجد وأنت تقوم إلى الصلاة الفريضة ثقلًا، فأنقذ نفسك، تدارك نفسك؛ لأن هذه صفة من صفات المنافقين والعياذ بالله. لأن الصلاة أيها الأخوة والفرائض والواجبات لا مجال للفتور فيها، انتبهوا قد نتجاوز عن فتورك في بعض النوافل، قد يتجاوز عن فتورك في بعض الطاعات، قد يتجاوز عن فتورك في بعض العبادات والأعمال، لكن في الفرائض فلا، إن وجدت أنه إذَا أذّنَ قلت: باقي ثلث ساعة، ثم قلت: سألحق تكبيرة الإحرام، وإذا ذهبت فإذاك تقول: متى يأتي الإمام، وإذا تأخر دقيقة فنجد الدقة المتناهية عندك، تدرك كم تأخر الإمام دقيقة أو دقيقتين، وأنت تضيع الساعات، الساعة والساعتين.
وإذا أطال الإمام الصلاة، متوسط الصلاة سبع دقائق مثلًا، نَقُل: صلاة العصر أو الظهر فتجد البعض اليوم يقول: الإمام طول، أصبحت تسع دقائق، لكنه لو يسمح له، ويقال: أنت لك غدًا موعد مع وزير من الوزراء، أو مسؤول من كبار المسؤولين، لك ربع ساعة، قال: ما تكفي، فإذا دخل وجلس نصف ساعة قال: والله كأنها دقيقة، نصف الساعة كأنها دقيقة. سبحان الله! ، مع الله جل وعلا الصلاة صلة بين العبد وربه تحصي الفرق الدقيق أن الإمام زاد نصف دقيقة أو دقيقة أو دقيقتين، وما شاء الله تجد الحفظ الدقيق للأحاديث التي فيها الأمر بتخفيف الصلاة، حافظ هذه الأحاديث يمكن بأسانيدها، لكن اسألوا عن الأحاديث التي فيها إطالة الصلاة لا يعرف منها شيئًا، ففيه ثقل في العبادة. أقول: أنقذ نفسك، التثاقل عن الصلاة صفة من صفات المنافقين، ومظهر من أبرز مظاهر الفتور، ويدخل في هذا تبعًا الضعف عن قيام الليل ، وصلاة الوتر، وأداء السنن الرواتب، وبخاصة إذا فاتته، فقلّ أن يقضيها، ومن ذلك الغفلة عن قراءة القرآن وعن الذكر. ومثل ذلك الشيطان هو الشيطان على كل حال، لا شك هو خبير، إذا جئت تنام أردت أن توتر قال: لا الوتر آخر الليل أفضل لك، إي والله صحيح أفضل، ثم إذا نمت وأردت أن تقوم قبل الفجر ، قال: نام بَكِّرْ، إذا أذن الفجر قال: ما ينجيك، ويكرر هذا الأمر مرارا، ولا نتوب ولا نتعود.
فاتقوا الله يا عباد الله، في صلاتكم في الركن الثاني من أركان الإِسلام، لا تَهدِموا إسلامكم بإضاعة رُكن من أركانه، واتقوا الله فيمَن تحت أيديكم مِن الأهل والأولاد، فكلُّكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. واحذروا العقوباتِ العاجلةَ في الدنيا، واتعظوا بغيركم ممَّن أضاع أمر الله وارْتَكب محارمه، فإنكم على خطر مما وقعتُم فيه، فارجعوا إلى ربِّكم وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر قبلَ أن يَحُلَّ بكم عقوبات تعم الصالح والطالح. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الله العظيم:﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآياتِ والذِّكر الحكيم. وتاب عليَّ وعليكم إنهم هو التوَّاب الرحيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. [1] سبق تخريجه ص(29).